أقرّ الرئيس المصري بوجود آثار سلبية لمحاكمة ثلاثة صحافيين في مصر، وصدور أحكام قاسية بالسجن بحقهم، وتعكس تعليقات عبد الفتاح السيسي انزعاجًا متناميًا في دوائر السلطة المصرية من عدة احكام قضائية، بما فيها احكام اعدام جماعية صدرت بحق معارضين اسلاميين.

القاهرة: تعد تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن صحافيي قناة الجزيرة، الذين صدرت عليهم احكام بالسجن، بمثابة رسالة للقضاء الذي أثارت احكامه القاسية غضباً واستياء دوليين، بحسب ما يرى محللون.
ورغم أن السيسي اكد سابقًا على أنه من غير الملائم التعليق على احكام القضاء، فإنه قال في لقاء الاحد مع رؤساء تحرير الصحف المصرية إنه كان يفضل شخصياً ترحيل الصحافيين بعد توقيفهم.
&
وصدرت احكام بالسجن ما بين 7 و10 سنوات على ثلاثة من صحافيي الجزيرة بينهم الاسترالي بيتر غريست.
واعتبر السيسي أن هذا الحكم "كانت له آثار سلبية جداً ولا دخل لنا فيه"، وذلك في لقاء له مع رؤساء تحرير صحف محلية وممثلي قنوات فضائية، بحسب صحيفة المصري اليوم المستقلة.
&
وصدرت احكام السجن بحق الصحافيين الثلاثة بعد اتهامهم بالاساءة الى سمعة مصر والتعاون مع جماعة الاخوان المسلمين التي تم حظرها، والتي ابعدها السيسي عن السلطة العام الماضي عندما كان وزيرًا للدفاع.
وتتهم القاهرة قناة الجزيرة القطرية بدعم جماعة الاخوان.
&
وتعكس تعليقات السيسي انزعاجاً متناميًا في دوائر السلطة المصرية من عدة احكام قضائية، بما فيها احكام اعدام جماعية صدرت بحق معارضين اسلاميين، وكانت صادمة للمجتمع الدولي، بحسب محللين ومسؤولين.
&
وقال دبلوماسي غربي في القاهرة لفرانس برس إن "تعليقات السيسي هي اشارة ايجابية واضحة على أنه يتفهم الاساءة لسمعة مصر التي تسببت فيها" الاحكام ضد صحافيي الجزيرة.
واضاف انه يأمل أن تكون تصريحات السيسي "رسالة واضحة الى القضاء مفادها أن اجراءات الطعن (على الاحكام) يجب أن تتم بسرعة وأن تؤدي الى اطلاق سراح الصحافيين". وعادة ما تأخذ اجراءات الطعن امام محكمة النقض وقتاً طويلاً بسبب العدد الكبير للقضايا المعروضة عليها، لكن القانون المصري يتيح لهذه المحكمة أن تسرع البت في بعض القضايا، اذا ارتأت ضرورة لذلك.
&
وقالت الرئاسة المصرية إن السيسي الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في ايار/مايو الماضي لا يمكنه منح عفو للصحافيين الا بعد صدور حكم نهائي من محكمة النقض.
&
وبعد طاحة الجيش للرئيس الاسلامي محمد مرسي العام الماضي، شنّت السلطات حملة قمع ضد الاسلاميين الذين قتل 1400 منهم على الاقل، واعتقل آلاف آخرون، فضلاً عن &احكام باعدام المئات.
وتصر الحكومة على أنها لا تتدخل في شؤون القضاء وأنه لابد من احترام احكامه غير أن مسؤولين يقولون في احاديثهم الخاصة إنهم منزعجون من بعض الاحكام القاسية والغريبة.
&
وفي واحدة من القضايا، اصدرت احدى المحاكم حكمًا بالاعدام على قرابة 700 اسلامي بتهمة المشاركة في اعمال شغب دامية من دون أن تستمع الى مرافعات الدفاع، وهو خطأ قانوني بدا غريباً للكثيرين.
&
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن المتهمين "شياطين" استخدموا المساجد للترويج "لكتابهم المقدس، التلمود".
&
وفي قضية صحافيي الجزيرة، قدمت النيابة كأدلة على الاتهامات ما وجدته في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالصحافيين، ومن بينها صورة لأسرة بيتر غريست وأخرى لحصان في اسطبل للخيل.
وصدرت الاحكام على صحافيي الجزيرة غداة زيارة قام بها لمصر وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يعتبر افضل صديق للقاهرة في واشنطن، وهي زيارة بدت وكأنها اشارة دعم للسيسي.
&
وجاء توقيت صدور الاحكام على صحافيي الجزيرة، في اليوم التالي للزيارة، محرجاً للغاية للوزير الاميركي.
ووصف كيرى، الذي اعلن خلال زيارته للقاهرة استئناف المساعدات الاميركية لمصر وانهاء تجميدها، الاحكام على الصحافيين الثلاثة بأنها "مخيفة وقاسية".
&
وقال اسندر العمراني مدير ادارة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الازمات الدولية: "هناك درجة من درجات الانزعاج في الادارة المصرية من الاحكام الصادرة خلال الاسابيع الاخيرة".
واضاف ان هذه الاحكام، ومن بينها الحكم على صحافيي الجزيرة، "كانت لها تداعيات دبلوماسية وتسببت في حرج" &لمصر في علاقتها مع الولايات المتحدة.
&
حتى الذين ايدوا اطاحة السيسي لحكم جماعة الاخوان ابدوا انزعاجهم من هذه الاحكام.
&
وكتبت مقدمة البرامج التلفزيونية المعروفة لميس الحديدي، التي تعد من ابرز مؤيدي عزل مرسي، في صحيفة المصري اليوم: "إن استقلال القضاء الذي ندافع عنه جميعًا لا يعني أن يعمل في جزيرة معزولة بصرف النظر عن النتائج".