تتأرجح العلاقات بين واشنطن وبرلين مع انكشاف فضيخة تجسس جديدة، بطلها موظف عسكري ألماني باع 200 وثيقة ألمانية سرية للولايات المتحدة.

واشنطن: تعود اتهامات جديدة بالتجسس لتقوض جهود الولايات المتحدة لرأب الصدع مع المانيا، بعد اسبوعين فقط على اطلاق البلدين الحليفين مبادرة دبلوماسية تتجاوز الخلاف حول فضيحة برامج مراقبة قامت بها وكالة الامن القومي الاميركية. والتزم البيت الابيض الاربعاء الصمت حول التجسس المفترض، فيما صب المشرعون الالمان جام غضبهم خلال زيارة لواشنطن وانتقدوا اللامبالاة الواضحة حول المسألة في الولايات المتحدة.

لا أجوبة أميركية شافية

قال نوربرت روتغن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الالماني، للصحافيين بعد محادثات مع اعضاء في الكونغرس ومسؤولي الامن القومي: "نرى أن محادثينا على علم قليل جدًا بالمشكلة"، مشتكيًا من أن وفده لم يحصل على الاجوبة الشافية بشأن فضيحة التجسس الاخيرة، ومحذرًا من أن نشاطات الاستخبارات الاميركية في المانيا قد تؤدي إلى "نزاع مجمد" في العلاقات بين جانبي الاطلسي.

وأسف زميله المشرع نيلس آنين، لأن الاتهامات الجديدة تقوض النوايا الحسنة لما يعرف بالحوار الافتراضي، وهو منتدى دبلوماسي اطلقته المانيا والولايات المتحدة في 27 حزيران (يونيو) الماضي لحل الخلاف بينهما حول جمع الاستخبارات وحماية البيانات.

وقال آنين: "كانت هناك برامج المراقبة لوكالة الامن القومي، والتجسس على هاتف المستشارة انغيلا ميركل الخلوي، والآن تأتي قصة التجسس فوق كل ذلك".

باع 200 وثيقة

أكدت السلطات الالمانية الاربعاء قضية تجسس محتملة ثانية في أقل من اسبوع، بعد قيام محققين باستجواب رجل، وصفته وسائل الاعلام بأنه موظف عسكري الماني متهم بتمرير أسرار للولايات المتحدة. وتأتي هذه القضية بعد انباء الجمعة الماضي عن اعتقال عميل في الاستخبارات الخارجية الالمانية، للاشتباه ببيعه اكثر من 200 وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية.

وكرر المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست القول إنه ليس في موقف يسمح له بتأكيد أو نفي او حتى التعليق على تقارير متعلقة بنشاطات استخبارات مفترضة. لكنه اعترف بإجراء محادثات بين دبلوماسيين ألمان واميركيين ومسؤولي تطبيق القانون والمخابرات، سعيًا لحل بعض الملابسات بشكل مناسب.

لن يفعل شيئًا

واكدت ميركل في وقت سابق أن منسق جهاز الاستخبارات الالماني تحدث هاتفيًا إلى جون برينان، رئيس سي آي آيه، كما التقى مسؤول كبير بوزارة الخارجية الالمانية الاربعاء السفير الاميركي جون بي امرسون للمرة الثانية في خمسة أيام.

وقال ارنست إن محادثة هاتفية بين ميركل والرئيس الاميركي باراك اوباما حول قضية التجسس ليست مقررة في هذه المرحلة.

وشكك عدد من الخبراء في أن تكون الجهود غير العلنية كافية لتهدئة التوتر مع المانيا. وقال جاك جينز، من المعهد الاميركي للدراسات الالمانية المعاصرة، لوكالة الصحافة الفرنسية: "اعتقد أن الطريقة الوحيدة لحل المسألة هي أن يقول اوباما شيئًا، لكني لا اعتقد انه يستطيع او سيفعل ذلك".

أضاف: "هذا يدع الامر اما لوزارة الخارجية بأن تسعى لتهدئة المشاعر، أو لدائرة المشرعين على جانبي الاطلسي، ولا رغبة كبيرة في الكونغرس للتدخل هنا، وأتوقع أن يستمر ذلك طويلًا". وبينما اعرب البيت الابيض عن قلقه ازاء تضرر العلاقات الاميركية-الالمانية الحيوية، أبدى بعض المسؤولين بشكل غير علني تململًا من الطريقة التي تعامل بها الالمان مع القضية.

أمر طبيعي

في وقت سابق وفي مجالس خاصة، قال كبار المسؤولين إن العديد من الدول تقوم بعمليات تجسس ضد بعضها البعض، ضمن النطاق الطبيعي لسير العمل، والحكومة الاميركية هدف كبير بحد ذاته، مضيفين أن الجميع هدف مشروع.

من جانبها، حذرت كارين دونفريد، المديرة الكبيرة السابقة للشؤون الاوروبية في مجلس الامن القومي، اوباما قائلة: "لا نعرف حتى الآن حقيقة اتهامات التجسس الجديدة، لكن لا يزال هناك الكثير من التداعيات بسبب فضيحة وكالة الامن القومي".

وتعتبر الولايات المتحدة المانيا حليفًا مهمًا جدًا في مسائل اقتصادية، وقضايا متعلقة بالسياسة الخارجية، مثل أوكرانيا وافغانستان، بحسب ما قالته دونفريد التي ترأس حاليًا مركز الابحاث جيرمان مارشال فاند (صندوق مارشال الالماني). وأضافت: "يبدو لي اننا لا نريد حصر العلاقة فقط بمسألة التجسس".