وجه باراك أوباما رسالة بسيطة لمن يقولون إن تراكم الازمات انعكس سلبًا على سياسته الخارجية واضعف قوة الولايات المتحدة، مفادها انه يحافظ على الهدوء لانه قادر على معالجة الوضع.
واشنطن: يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي اعيد انتخابه لانه طرح نفسه بأنه الشخص الذي انهى الحروب، انتقادات لاذعة لسياسته في الشرق الاوسط، الغارقة في الدماء والدمار، لأن القوى الناشئة تتحدى النفوذ الأميركي في العالم.
وقال أوباما خلال اجتماع عقد الاربعاء في البيت الابيض للبحث في ملفات ايران واوكرانيا وافغانستان والشرق الاوسط :"سأؤكد على أمور واضحة، نعيش في عالم معقد يمر بأوقات صعبة، وليس هناك حلول سريعة او سهلة لهذه التحديات، لكنها تحتاج إلى زعامة أميركية، وكقائد أعلى للجيوش انا واثق من اننا اذا تحلينا بالصبر والتصميم فاننا سنتجاوز هذه التحديات".
ملاذ إرهابي
وغالبًا ما يتطلع الرؤساء الأميركيون إلى الخارج خلال ولايتهم الرئاسية الثانية عندما يتراجع نفوذهم في الداخل. لكن عندما ينظر أوباما إلى الاوضاع في العالم، لا يرى سوى المشاكل، وفرصًا ضئيلة لدفع سياسة خارجية تتراجع.
ورسالته البسيطة التي تفيد بانه انهى الحرب في العراق وافغانستان، وشتت تنظيم القاعدة، تأثرت بانعدام الاستقرار والنزاعات الجيوسياسية التي تهدد بتمزيق الامم وتزيل الحدود الوطنية المرسومة منذ زمن.
وتعرضت واشنطن لانتقادات شديدة بعد أن تخلت عن بغداد، وبقيت على الحياد بينما استولى المقاتلون الاسلاميون على مناطق واسعة في العراق وسوريا واعلنوا "الخلافة" التي يخشى البعض أن تتحول إلى ملاذ ارهابي يهدد الولايات المتحدة.
تجنب الاخطاء
وفي حين تحاول الولايات المتحدة معالجة الحرب الاهلية في سوريا والاوضاع الامنية المتدهورة في ليبيا، تواجه الادارة الأميركية تحديًا طويل الاجل، من خلال دور الصين المتزايد في العالم، وتوسع الاسلاميين المتشددين التابعين للقاعدة في افريقيا والشرق الاوسط.
وكشف أوباما الاربعاء عن عقوبات جديدة على روسيا، بسبب الازمة في اوكرانيا، ملمحًا إلى انه قد يمنح المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي، بعد انتهاء المهلة الاحد المقبل، ووعد بمضاعفة الجهود لوقف العمليات في غزة بين اسرائيل والفلسطينيين.
ولم تكن المرة الاولى في الاشهر الماضية التي شعر فيها أوباما بحاجة للدفاع عن سياسته الخارجية. ففي مانيلا في نيسان (ابريل)، قال إن اساس القيادة الأميركية هو تجنب ارتكاب اخطاء كبيرة مثل الحرب في العراق. وتحولت هذه الرسالة إلى خطاب حول السياسة الخارجية في ايار (مايو)، عندما حذر من أن التصريحات الشديدة اللهجة غالبًا ما يتم التداول بها، لكن الحرب نادرًا ما تتطابق مع الشعارات".
انعدام استقرار
حذر ديفيد ايغناسيوس، كاتب المقالات المشهور المتخصص في السياسة الخارجية، الاربعاء من جمود في سياسة أوباما الخارجية، يتميز بتباطوء وعدم متابعة المبادرات الأميركية الاساسية. وكتب في صحيفة الواشنطن بوست: "لا تقدير هنا للنوايا الحسنة، الاداء هو المهم، وعلى البيت الابيض المضي قدمًا مهما واجه جمودًا او مقاومة، والباقي مجرد اعذار".
وفي حين أن السياسة الخارجية ملف معقد، السياسة اكثر بساطة. ولا يمكن لأوباما أن يعطي الانطباع بانه رئيس متردد يميل اكثر إلى التأمل منه إلى التحرك.
وهذا الاسبوع، كتبت صحيفة وول ستريت جورنال في مقال نشرته على صفحتها الاولى أن سياسة أوباما الخارجية تواجه حالة انعدام استقرار، وتعكس عالمًا تبدو فيه القوى العظمى ضعيفة جدًا. ورفض أوباما في الماضي بقوة ادعاءات تفيد بانه ترأس حقبة سجلت افول نجم الولايات المتحدة، مؤكدًا أن العامل المشترك بين الازمات الدولية هو انه لا يمكن حلها من دون تدخل أميركي.
بلا معنى
سارع الجمهوريون إلى الرد على اعلانه فرض عقوبات جديدة على روسيا، في إطار أسوأ ازمة بين الشرق والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة. وقال الجمهوري بوب كوركر، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، إن التدابير الجديدة مفيدة لكنها متاخرة، "وفي حين أن التاخر في إلحاق خسائر حقيقية باقتصاد روسيا اضر بمصداقية الولايات المتحدة، فإن اعلان الادارة الأميركية هذه التدابير خطوة في الاتجاه الصحيح".
اما مارك روبيو، المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية، فكان أكثر حدة إذ قال إن المشاكل في سياسة أوباما الخارجية ستكون قيمة للمعسكر الجمهوري في الحملة الانتخابية للعام 2016. اضاف روبيو: "العقوبات التي اعلنها الرئيس أوباما غير مناسبة، فالتحرك المحدود يفرغ تهديدات الولايات المتحدة من معناها".
التعليقات