انتقد البابا فرنسيس الاحد عمليات الاضطهاد التي يتعرّض لها مسيحيو العراق الذين "جردوا من كل شيء"، فيما تهرب مئات العائلات المسيحية من الموصل بعد انذار وجهه عناصر الدولة الاسلامية.
وقال البابا فرنسيس في صلاة البشارة الاسبوعية من شرفة الفاتيكان المطلة على ساحة القديس بطرس "لقد تلقيت بقلق الأنباء الواردة من الجماعات المسيحية من الموصل، في العراق ومناطق أخرى من الشرق الأوسط". واضاف "تعيش هذه الجماعات منذ بداية المسيحية مع مواطنيها... وهي تتعرّض الآن للاضطهاد".
وقال البابا ان "اخوتنا مضطهدون، يُطردون، وعليهم أن يغادروا منازلهم من دون أن تتسنى لهم إمكانية أن يحملوا معهم شيئا. أؤكد لهذه العائلات ولهؤلاء الأشخاص قربي منهم وصلاتي المستمرة من أجلهم". إني أعرف كم أنتم تتألمون، وأعرف أنكم جُرّدتم من كل شيء. أنا معكم في الإيمان بمن انتصر على الشر".
وقد وجّهت الدولة الاسلامية التي تسيطر على الموصل منذ حزيران/يونيو الجمعة انذارًا يمهل الاقلية المسيحية بضع ساعات للمغادرة. ودعت في الاسبوع الماضي المسيحيين في ثانية مدن البلاد الى "الإسلام او عهد الذمة (دفع الجزية) او مغادرة المدينة"، و"إن أبوا ذلك فليس لهم إلا السيف".
وقبل الاجتياح الاميركي في 2003، كان اكثر من مليون مسيحي يعيشون في العراق منهم اكثر من 600 الف في بغداد و60 الفا في الموصل، وايضا في مدينة كركوك النفطية (شمال) وفي مدينة البصرة (جنوب).
الى ذلك دعا رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الاحد العالم الى الوقوف بوجه تنظيم الدولة الاسلامية الذي يقوم بتهجير المسيحيين من مدينة الموصل، في حين تبنى هذا التنظيم سلسلة من التفجيرات ضربت بغداد.
وقال المالكي في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه، ان "ما تقوم به عصابات داعش الإرهابية ضد مواطنينا المسيحيين واعتدائهم على الكنائس ودور العبادة في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، إنما تكشف بما لا يدع مجالا للشك الطبيعة الإجرامية والإرهابية المتطرفة لهذه الجماعة وما تشكله من خطر على الانسانية وتراثها المتوارث عبر القرون".
وتابع "ندعو العالم اجمع الى تشديد الحصار على هؤلاء والوقوف صفا واحدا لمواجهتهم". وتبنى تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق الهجمات الدامية بسيارات مفخخة التي وقعت السبت في بغداد. واكد بيان للدولة الاسلامية نشر على مواقع جهادية ان الهجمات نفذت باربع سيارات مفخخة، اثنتان كان يقودهما انتحاريان استهدفتا مناطق تطوع وحواجز تفتيش، رافقها تفجير سيارتين مفخختين السبت.
وقال البيان "انطلق فارسان من فرسان الاسلام هما ابو القعقاع الالماني وابو عبد الرحمن الشامي ليدكا حواجز واوكار الحكومة المجوسية". وادت الهجمات التي وقعت السبت في بغداد الى مقتل ما لا يقل عن 24 شخصا واصابة عشرات بجروح. واشار البيان الى "ان هذه الغزوة ضمن حملة تنسيقية بين خلايا بغداد واحزمتها من الخارج". وتعد هذه الهجمات الاكثر دموية منذ انطلاق الهجمة الشرسة التي تنفذها جماعات مسلحة ابرزها تنظيم الدولة الاسلامية، في العاشر من الشهر الماضي، والتي تهدد بتصاعد التوتر الطائفي ودفع الاوضاع الامنية الى الانهيار.
ومثل طرد المسيحيين من مدينتهم الموصل اخر حملات التهجير خلال سنوات من العنف التي يعيشها العراق والتي قد ترسم صورة جديدة لتوزيع الطوائف على خارطة البلاد. وتساءلت ام زياد (35 عاما) وهي تجلس الى جوار اطفالها "لا ندري ماذا سنفعل او ماذا سيحصل لنا، هل سنعود مرة اخرى الى بيوتنا؟، هل ستقوم الحكومة بطرد هؤلاء الارهابيين من الموصل؟".
وهربت ام زياد مع اطفالها الاربعة الجمعة من الموصل، وتعيش الان مع عدد من النسوة في منزل قيد الانشاء في بلدة قرقوش، الى الشرق من الموصل. ووفقا لزعماء الدين المسيحيين فان بضعة الاف من المسيحين فروا من الموصل الثلاثاء والسبت، بعد انتهاء المهلة التي حددها تنظيم الدولة الاسلامية والتي تخيرهم بين اعتناق الاسلام او دفع الجزية او مواجهة الموت.
وقال بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو ان مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 الف شخص لثاني اكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم "الدولة الاسلامية" بيانا يطالبهم بتركها. وقال ان جميع المسيحيين غادروا المدينة بانتهاء المهلة ظهر السبت، وان القليلين من الذين قرروا البقاء سوف يواجهون مصيرهم المحتوم، واشعر انهم اموات".
وقالت الامم المتحدة انها احصت وصول 400 عائلة مسيحية الاحد الى مدينتي الدهوك واربيل في كردستان العراقية. ويخشى العديد من سكان مدينة الموصل الحديث او التعبير عن ارائهم ولا يجدون منفذا اعلاميا كذلك، لكن عددا من السكان السنة ابدوا رفضهم لما يقوم به المسلحون ضد جيرانهم واهل مدينتهم من المسيحيين.
وقال احد اهالي الموصل في اتصال هاتفي لفرانس برس "نعتبر هذا الامر ظلما ويتعارض مع مبادئ الاسلام الذي يوصي بالتسامح". واضاف ان "المسيحيين يعيشون في الموصل منذ اكثر من الف عام واكثرهم اناس رفيعو المستوى، اطباء ومهندسون وفنانون، رحيلهم خسارة كبيرة للموصل".
من جانبهم، اعلن مسؤولون في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين للشيعة استعدادهم لاستقبال العائلات المسيحية التي هجرت على يد تنظيم الدولة الاسلامية وتوفير الخدمات الاساسية لها. وحمل احمد الجلبي العضو البارز في كتلة المواطن التي يتزعمها عمار الحكيم، واحد منافسي المالكي على منصب رئيس الوزراء في المرحلة المقبلة، الحكومة مسؤولية الازمة التي تمر في البلاد.
وقال الجلبي في بيان ان "المسيحيين العراقيين جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي وعاشوا على هذه الارض منذ اكثر من 1600 عام". واضاف ان "الحكومة العراقية الحالية فشلت في حماية المواطنين العراقيين"، كما طالب البرلمان بالاسراع في انتخاب رئيس جديد للبلاد.&
&
التعليقات