بعد اسبوعين تماما عن تحطم طائرة الخطوط الجوية الجزائرية في مالي ينتظر ان يكشف المحققون الفرنسيون الخميس اول عناصر وظروف الحادث ما من شأنه ان يفسح المجال امام تحديد اول فرضية لتلك المأساة. وقد تحطمت الطائرة الجزائرية، وهي من طراز ماكدونل دوغلاس ام دي83 التي اقلعت من واغادوغو متوجهة الى الجزائر، في شمال مالي في 24 تموز/يوليو بعد اقل من ساعة على اقلاعها.
وبعدما اعلنت مصرع 118 شخصا في الحادث قالت السلطات الجمعة الماضي ان اثنين من الركاب لم يصعدا على متن الطائرة لتبلغ الحصيلة النهائية 116 قتيلا منهم 54 فرنسيا (بعضهم يحمل جنسيتين) و23 من بوركينا فاسو وثمانية لبنانيين وستة جزائريين وافراد الطاقم الستة وكلهم اسبان. وتفككت الطائرة المستأجرة لدى شركة سويفت اير عندما تحطمت على الارض وتناثر حطامها على مئات الامتار وفق مسؤولين واخصائيين عدة فتشوا المكان.
وقد لزم محققو مكتب التحقيقات والتحاليل الفرنسي الذين يعقدون بعد ظهر الخميس اعتبارا من الساعة 14,00 (12,00 تغ) حتى الان صمتا مطبقا حول المعلومات الاولى التي قد تسمح بفتح فرضيات تفسر اسباب الحادث. وعينتهم السلطات المالية مباشرة بعد الحادث للتكفل بالتحقيق التقني. وقد تسلموا في 28 تموز/يوليو الصندوقين الاسودين للطائرة التي كانت تقوم بالرحلة رقم ايه اتش 5017.
وتم في اليوم نفسه التعرف الى ما يحتوي عليه الصندوق الاول الذي يسجل معطيات الرحلة الجوية (سرعة وارتفاع ومسار) الطائرة في حين يبدو ان الصندوق الثاني المتضرر لم يسجل الحديث الذي دار في قمرة القيادة بين افراد الطاقم على ما افادت اذاعة اوروبا 1 التي لم تذكر مصادرها. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس رفض مكتب التحقيقات الفرنسي تاكيد او نفي هذه المعلومات في انتظار المؤتمر الصحافي الذي سيعقده المحققون.
واذا تبين ان ذلك صحيح فسيحرم المحققون من عناصر اساسية لمعرفة كيف وقع الحادث لا سيما انه تبين ان العامل البشري قد يكون اساسيا كما في حادث تحطم طائرة في رحلة بين ريو دي جانيرو باريس في 2009. ويعتبر مكتب التحقيقات والتحاليل، وهي هيئة فرنسية عامة، من المؤسسات القليلة في العالم التي تملك الادوات والاخصائيين الضروريين لفك شفرات صندوق اسود حتى وان تعرض الى اضرار كبيرة.
وعاد رجال الدرك الفرنسيون الذين ارسلوا الى مكان الحادث في شمال شرق مالي، لا سيما لجمع الاشلاء البشرية للتعرف الى هويات الضحايا، الى فرنسا الاربعاء. وقد امضوا مع زملائهم الماليين والاسبان والجزائريين اسبوعا لتفتيش الموقع القريب من بلدة غوسي على مسافة 150 كلم عن غاو.
وقال الكولونيل في الدرك باتريك تورون "اخذنا اكثر من الف عينة وعلميا لدينا احتمال كبير للتعرف الى هوية كل الاشخاص". واكد ان "الطائرة سقطت عموديا بسرعة هائلة لانها تلاشت تماما"، مضيفا ان "الاصطدام كان فوريا". وقد اعرب مدير مكتب التحقيقات ريمي جوتي في 29 تموز/يوليو عن أمله في التوصل الى تحديد سيناريو الحادث بعض بضعة اسابيع، وتعتبر قراءة الصندوقين وتحليلهما حاسمين في شرح وحادث تحطم اي طائرة. وبفضل تلك التسجيلات تم توضيح تسعين بالمئة من الحوادث.
وتملك الرحلات الجوية التجارية قانونيًا صندوقين اسودين يطلق على احدهما بالانكليزية اسم "دي اف دي ار" (ديجيتل فلايت داتا ريكوردر، مسجل بيانات الرحلة الجوية الرقمي) الذي تمت قراءته بالنسبة الى رحلة الطائرة الجزائرية رقم ايه اتش5017 والثانية "سي في ار" (كوكبيت فويس ريكوردر، مسجل اصوات القمرة).
ويسجل الجهاز الاول ثانية بعد ثانية كل المعطيات لمدة 25 ساعة من التحليق. اما الثاني فيسجل محادثات وكذلك كل الاصوات والاعلانات التي تسمع في قمرة القيادة، ويسمح تحليلها بمعرفة نظام المحركات. ويقوم مكتب التحقيقات والتحاليل بتحقيق محض تقني لا يهدف الى البحث او تحديد المسؤوليات القضائية التي هي من اختصاص القضاء. وعلى الصعيد القضائي فتحت ثلاثة تحقيقات في مالي وفرنسا وبوركينا فاسو.
&
التعليقات