دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، الكتل السياسية إلى التعاون مع العبادي لتشكيل حكومة قوية تعالج أخطاء حكومة المالكي، وشدد على ضرورة التصدي للفساد ومنح جميع المذاهب حقوقها، ورفض التوجهات الطائفية لتشكيلات المتطوعين، ودعا لمعالجة مآسي النازحين، بينما أشار رئيس الحكومة المكلف إلى انه سيسعى إلى ترشيق تشكيلته الوزارية واتباع استراتيجية جديدة تتلاءم مع المرحلة المقبلة وحجم التحديات التي يواجهها البلد.
لندن: قال السيد أحمد الصافي ممثل مرجعية السيستاني في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، إن رئيس الجمهورية كلّف مرشح التحالف الوطني (الشيعي) لتشكيل الحكومة الجديدة في مدة أقصاها 30 يومًا، وحصل بعض الجدل والاختلاف حول دستورية خطاب التكليف، وكان يجب حل الخلاف بالتحكيم لدى المؤسسات الدستورية المختصة، لكنه تم الاستغناء عن ذلك باتفاق جميع الأطراف والحمد لله على قبول الواقع الجديد.
وأشار إلى أن استكمال الاستحقاقات الدستورية باختيار الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة في موعدها، والترحيب الإقليمي والدولي بذلك، هو خطوة ايجابية نادرة يجب استثمارها لفتح افاق جديدة امام العراق تكون باكورة خير لحل مشاكله السياسية والامنية.
وأوضح أن الاحداث التي عصفت بالعراق بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة، التي جرت نهاية نيسان (أبريل) الماضي، قد اضاعت محافظات عزيزة ووضعتها بيد القتلة الارهابيين، وأبانت عن خلل كبير في أكبر مؤسسة تعنى بأمن العراقيين، في اشارة إلى القوات المسلحة، اضافة إلى التدهور في الحياة السياسية بين العراقيين وبينهم ومحيطهم الإقليمي والخارجي.
وشدد معتمد السيستاني في خطبته التي تابعتها "إيلاف"على الحاجة إلى تغيير المواقع بالشكل الذي يمكن البلاد من مواجهة الازمات التي تواجهها برؤية تختلف عما جرى سابقًا لانقاذ العراق& من الارهاب والحرب الطائفية والتقسيم. ودعا الكتل السياسية في مجلس النواب لان تكون على مستوى المسؤولية التاريخية في هذا الوقت العصيب وتتعاون مع المكلف العبادي من اجل تشكيل حكومة قوية كفوءة تضع برنامجًا واضحاً لمعالجة اخطاء الحكومة السابقة واحقاق حقوق جميع المكونات العرقية بأديانها ومذاهبها.
وشدد الصافي على ضرورة تصدي الحكومة المقبلة للفساد المالي والإداري، وقال إن مكافحة الحجم الهائل لهذا الفساد يجب ان يكون من اولويات الحكومة لأنه مستشرٍ في مؤسسات الدولة بالشكل الذي يعيق معالجة الأزمات الأمنية والخدمية والاقتصادية.
وعن أزمة النازحين، أشار معتمد المرجعية الشيعية إلى أن معاناتهم ومآسيهم تستمر وتتناقل وسائل الإعلام صوراً مؤلمة لأوضاعهم تحت ارهاب تنظيم "داعش" البعيد عن الشفقة والمستهتر بالقيم الانسانية والاسلامية. وأشار إلى أنه برغم المساعدات التي تقدمها الحكومة العراقية والمجتمع الدولي للنازحين الذين تفرقوا على معظم محافظات البلاد، هناك حاجة ملحة لمزيد من الخطوات بشكل اكبر.
ودعا البرلمان والحكومة العراقيين إلى اتخاذ خطوات شاملة لمعالجة ازمة النازحين الذين وصل عددهم إلى مئات الالاف... وطالب المواطنين إلى العمل على رعاية النازحين وحفظ كرامتهم.
وعن التوجهات الطائفية التي ظهرت بين اوساط المتطوعين لمواجهة تنظيم "داعش"، فقد أشار معتمد السيستاني إلى انه في الوقت الذي يحيي جهود المتطوعين وابناء القوات المسلحة في مواجهة الارهابيين فإنه يجب عليهم تجنب الحاق الاذى بالمواطنين الابرياء مهما كانت انتماءاتهم السياسية والدينية والمذهبية داعيًا لأن يكون العلم العراقي الراية الوحيدة التي يرفعونها في وحداتهم وقطعاتهم العسكرية وعدم رفع شعارات أو صور رموز أخرى، في اشارة إلى رفع صور السيستاني ورسوم لأئمة الشيعة وراياتهم الملونة.
وكان المالكي أعلن الليلة الماضية تنحيه عن السلطة، وسحب ترشيحه لتشكيل الحكومة الجديدة لصالح المكلف حيدر العبادي، وقال إنه اتخذ قراره هذا من أجل تسهيل سير العملية السياسية وحفاظًا على العراق ووحدته وسيادته واستقراره.
واضاف في خطاب متلفز أنه ومن اجل تسهيل سير العملية السياسية فإنه يسحب ترشيحه لرئاسة الحكومة لصالح العبادي حفاظاً على مصالح البلاد. واكد أنه سيبقى سنداً لكل من يتسلم امانة المسؤولية ويمارسها بشرف ويظل مدافعًا عن المظلومين والوقوف بوجه الطائفية والارهاب ومحاولات تقسيم العراق.
رئيس الحكومة المكلف يتطلع إلى ترشيق تشكيلته الوزارية
ومن جهته، أعرب رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي اليوم عن رغبته بترشيق الحكومة المقبلة من أجل السير بعملية ترشيق النفقات في الموازنة المالية، وادارة مؤسسات الدولة باستراتيجية جديدة تتلاءم مع المرحلة الجديدة وحجم التحديات التي يواجهها البلد.
وأشار العبادي في تصريح صحافي إلى "أن هناك اوضاعًا يشهدها البلد تختلف عن الاوضاع السابقة، وهذا يتطلب منّا استراتيجية جديدة وبرنامجًا حكوميًا يتناغم مع هذه الاوضاع". وقال إن هناك "ملفات عديدة تحتل أهمية قصوى في برنامجنا الحكومي ومنها القضاء على الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة والتي تعد من ركائز عملنا خلال الفترة المقبلة بالاضافة إلى الملف الأمني والسياسي والاقتصادي وملف العلاقات الخارجية والملفات الاخرى.
واضاف قائلاً في بيان وزعه مكتبه واطلعت عليه "إيلاف" "أشكركم من صميم قلبي على هذه المشاعر الطيبة وطريقنا ليس سهلاً، ولا معبدًا بالورود وأن التحديات التي أمامنا كبيرة وخطيرة ولكن يمكننا تجاوزها بوحدتنا وتكاتفنا وتعاوننا وأن نضع ايدينا بأيدي بعض.. لن أقدم لكم وعودًا غير واقعية ولكنني أعدكم بانني سأبذل قصارى جهدي لخدمة شعبنا ووطننا وأن ابذل حياتي دفاعًا عنه وسأبقى وفيًا للقيم التي ضحينا من أجلها وأقف مع المظلوم ضد الظالم واكون عوناً للضعيف والملهوف... ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا او اخطأنا".
وكان العبادي دعا الأربعاء الماضي الكتل السياسية إلى تعيين ممثلين لها لغرض التفاوض والاتفاق على الحقائب الوزارية، وأن يكون المرشحون من الكفاءات الوطنية القادرة على النهوض بالعراق إلى المستوى اللائق به، كما وركز على اهمية تمثيل المرأة في الحكومة القادمة بشكل مناسب.
وأكد أنه "سيبذل قصارى جهده من اجل عرض التشكيلة الوزارية بأسرع وقت ممكن من اجل التوجه لمرحلة إعادة الأمن، والقضاء على عصابات داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى والتي تتطلب جهدًا كبيرًا واستراتيجية امنية جديدة تتناسب مع الاوضاع الامنية الحالية". وطالب القوى السياسية امس إلى الجلوس معًا ليس لتشكيل الحكومة فقط وانما لوضع رؤية وطنية مشتركة لحل مشكلات العراق الدستورية والسياسية والاقتصادية.&
يذكر أن أمام العبادي حتى التاسع من الشهر المقبل كحد اقصى لتشكيل حكومته وتقديمها إلى مجلس النواب مع برنامجها الحكومي لنيل الثقة وبعكسه، فإن على الرئيس فؤاد معصوم ان يكلف أي شخصية اخرى للقيام بالمهمة نفسها.
التعليقات