يصدر تنظيم الدولة الاسلامية مجلة دابق الغنية بمواضيعها، بخلاف مجلة إنسباير التي يصدرها تنظيم القاعدة، وهي وسيلته الفعالة لتجنيد الجهاديين الغربيين في صفوفه.

إعداد عبدالاله مجيد: يوظف تنظيم الدولة الاسلامية وسائل الاعلام في حربه الدعائية والنفسية، بما في ذلك حسابات على تويتر ويوتيوب، بينها تلك التي نشرت اللقطات الرهيبة لذبح المصور الصحافي الاميركي جيمس فولي. لكن مجلة "دابق" الأنيقة التي يصدرها التنظيم باللغة الانكليزية تقدم مادة غنية لدراسة تكتيكات التنظيم واستراتيجيته في مجال العلاقات العامة، خصوصًا لدى مقارنتها مع مجلة "انسباير" التي يصدرها تنظيم القاعدة بالانكليزية ايضًا.

شذوذ عن "القاعدة"

ويرى محللون أن مهارة تنظيم الدولة الاسلامية على الجبهة الاعلامية والدعائية واحدة من الأسباب الرئيسية وراء انشقاق افواج من عناصر القاعدة وانضمامهم إلى مئات إن لم يكن آلاف الجهاديين الغربيين، الذين توافدوا على تنظيم الدولة الاسلامية، الذي تبرأ منه زعيم القاعدة ايمن الظواهري نفسه، لتطرفه واساليبه الهمجية.

وقال كولن كلارك، الخبير في مؤسسة راند الاميركية للأبحاث: "يسعى تنظيم الدولة الاسلامية في كل ناحية تقريبًا إلى النأي بنفسه عن تنظيم القاعدة، ويضع نفسه على مستوى آخر ". وأضاف: "بالامكان اعتبار طموح التنظيم المعادل الجهادي لشركات عملاقة مثل غوغل أو آبل في قطاع التكنولوجيا، في حين اصبح تنظيم القاعدة معادل البريد الالكتروني الذي عفا عليه الزمن".

ورق صقيل وألوان جذابة

واعتبر كلارك أن مجلة "دابق"، بإخراجها وتصميمها، محاولة لتجنيد غربيين أشمل من محاولة مجلة انسباير. وقال كلارك لمجلة نيو ريبابليك الاميركية: "إن دابق متجر يتوقف فيه الزبون مرة واحدة للعثور على كل ما له علاقة بالتنظيم".

ويشير اسم المجلة إلى بلدة دابق السورية قرب حلب، حيث تنبأ الرسول بهزيمة الروم. وتكرس المجلة موادها لمحاربة الغرب وريث الروم، مستخدمةً احدث ما تستخدمه مجلات اميركية فاخرة من ورق صقيل وصور ذات ألوان جذابة.

فمجلة "دابق" صدرت في عددها الثاني بغلاف أنيق وصورة متقنة لسفينة نوح، مع مقال بقلم ابو عمرو الكناني تحت عنوان "الدولة الاسلامية أو الطوفان"، يكتب فيه أن الخلافة هي سفينة نوح، في حين أن الطوفان سيجرف كل ما عداها.

وكتب الكناني: "نحن مستعدون للوقوف بوجه كل من يحاول أن يلهينا عن التزامنا من أجل انتصار دين الله على كل الأديان الأخرى، وسنواصل مقاتلة اصحاب الضلالة والانحراف حتى الموت من أجل انتصار الدين".

إسناد ديني

في المقابل، لا يروج تنظيم القاعدة لرؤية أو رسالة مماثلة، بل تمتد مواد مجلته "انسباير" من التعليمات التي تشرح "كيف تصنع قنبلة في المطبخ"، إلى اجابة قياديين في تنظيم القاعدة عن اسئلة القراء، أو التنديد بالثقافة الغربية، لكن بلا دعوة إلى اقامة دولة اسلامية أو القضاء على الأديان الأخرى.

وكتبت الباحثة هارلين غامبهير، في تقرير نشره معهد دراسة الحرب أن مجلة "انسباير" أقرب إلى الدليل لهجمات ينفذها اشخاص بمفردهم منه إلى رؤية دينية وعسكرية وسياسية عامة. كما تفتقر مجلة تنظيم القاعدة إلى اناقة الانتاج الصحافي والمبررات الدينية التي يجدها القارئ في مجلة "دابق".

وقال الباحث كلارك: "يحرص تنظيم الدولة الاسلامية حقًا على اسناد كل ما يفعله بتبرير ديني، وهذا مجال تراخى فيه تنظيم القاعدة بمرور الوقت".

بلا كوابح

والمخيف أن مجلة "دابق" توثق ما لا يتردد التنظيم عن القيام به، من أجل تحقيق اهدافه. فإن صفحاتها تعج بصورة جثث جرى التمثيل بها لمن تسميهم "الكفار"، في حين أن عددها الأول الذي صدر بعنوان "عودة الخلافة" تضمن صورة جنود غربيين وسط لهيب من النار.

ولاحظ بن كونابل، المحلل في مؤسسة راند للأبحاث، انه في الوقت الذي ابدى تنظيم القاعدة قدرًا من التردد بإصداره بيانات ضد التفجيرات والهجمات العشوائية، "فإن تنظيم الدولة الاسلامية ليس لديه مثل هذه الكوابح، بل هو أشد دموية وأكثر استعدادًا لعمل أي شيء من اجل تحقيق اهدافه، وهذا السلوك غير المقيَّد يولِّد قدرًا كبيرًا من الإثارة".