فيما اكد رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة العراقية حيدر العبادي أن تأخير اعلانها سببه رفضه لمرشحين لها لا يحملون مواصفات النزاهة والكفاءة، توقع مصدر قريب منها اعلان الحكومة غدًا الاثنين بضغط اميركي.


أسامة مهدي: قال رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة العراقية حيدر العبادي إن التشكيلة الوزارية لحكومته هي الآن في مراحلها الاخيرة، واوضح أن أسباب تأخر اعلانها جاء بسبب تأخر كتل في تسليم مرشحيها وإصرار كتل أخرى على طرح مرشحين لا اجد فيهم المواصفات التي طلبتها.

وشدد بالقول: "كنت أتمنى أن تتعاون جميع الكتل السياسية في سرعة تشكيل الحكومة، وهم يرون التحديات التي تواجه البلاد وانتظار العراقيين لها"، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي.

وكان العبادي اشترط في وقت سابق أن يتصف مرشحو الوزارات بالكفاءة والنزاهة وعدم تسجيل عمليات فساد ضدهم.

ماكورك يضغط على الكتل السياسية

وأبلغ مصدر قريب من مفاوضات الكتل السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة المكلف بها مرشح التحالف الشيعي حيدر العبادي "إيلاف"، في اتصال هاتفي من بغداد الاحد أن الحكومة ستعلن غدًا الاثنين بضغط اميركي يقوده مساعد نائب وزير الخارجية بريت ماكورك الذي حل في بغداد خلال اليومين الماضيين.

واشار الى أن بريت قد اقنع الكتل السياسية الثلاث الشيعية والسنية والكردية بالاتفاق اولًا على تشكيل الحكومة وترك بعض القضايا المختلف عليها الى المرحلة التي تعقبها.

واكد المصدر أن التشكيلة الحكومية التي ستعلن يمكن وصفها بحكومة الامر الواقع لأن الكتل الثلاث غير راضية عنها، فبالنسبة للشيعة هناك خلافات بين فصائلها حول توزيع الحقائب الوزارية وخاصة بين المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم ومنظمة بدر بزعامة وزير النقل هادي العامري.

اما السنة فانهم يشكون من عدم حصولهم على وزارات مهمة وأن الحقائب التي منحت لهم هي لوزارات هامشية،& فيما يشكو الاكراد من عدم الاستجابة لمطاليبهم وخاصة بالنسبة لاطلاق مرتبات موظفي اقليم كردستان، التي اوقفها رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي منذ ستة اشهر ومحاولات سحب حقيبة الخارجية منهم.

واوضح المصدر أن بريت يضغط بإتجاه اعلان الحكومة الاثنين المقبل قبل انتهاء الفترة الدستورية التي منحت للعبادي للانتهاء من تشكيلته الحكومية التي كلفه بها الرئيس العراقي فؤاد معصوم في 11 من الشهر الماضي.

وقال إن بريت قد اقنع الكتل السياسية بتأجيل بحث القضايا المختلف عليها الى ما بعد تشكيل الحكومة التي ينتظرها المجتمع الدولي وخاصة حلف الناتو لوضع اسس دعمها في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".

واشار المصدر الى أن العبادي قد كثف من اتصالاته وواصل اجتماعات مغلقة ومنفردة خلال الساعات الاخيرة مع اطراف في التحالف الشيعي لإنهاء الخلافات في ما بينها حول توزيع الحقائب الوزارية. وقد اتهم العبادي بعض سياسيي الكتل باستغلال عامل الوقت لفرض بعض الشروط.

وشدد في بيان صحافي وزعه مكتبه الاعلامي على أنه "لن يقبل بأي شروط تكون غير دستورية"، عازياً أسباب تأخر تقديم تشكيلة الحكومة إلى إصرار بعض الكتل على تقديم مرشحين لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة من ناحية الكفاءة والنزاهة.

وفي هذا الاطار، قال المصدر إن وزير الخارجية الاميركي جون كيري سيزور بغداد فور اعلان الحكومة الجديدة لاجراء مباحثات مع رئيسها العبادي لبحث تشكيل تحالف لمحاربة تنظيم "داعش" ليس في العراق وسوريا فقط وانما بكل منطقة يتواجد فيها.

وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما قال الخميس الماضي "يجب أن تكون هناك حكومة عراقية جامعة ونحن مستمرون بالضغط لتحقيق ذلك وعندما تكون هذه الحكومة فإن احتمال أن تكون القوات العراقية اكثر فاعلية".

واضاف ان "دراسة قوانين كاجتثاث البعث واعطاء الناس فرصاً للانخراط بوظائف حكومية ومع إستراتيجية حكومية صحيحة، يمكن ان نحقق تقدمًا على مستوى الامن في العراق".

واليوم الاحد، طلب العبادي من الكتل تقديم مرشحين& لوزارتي النفط والنقل من محافظة البصرة الجنوبية حصراً. واكد أنه مع تمثيل مرشحين من محافظة البصرة في الحكومة المقبلة على اعتبار أن المحافظة تعد المصدر الاساسي للموازنة المالية للعراق، بالاضافة الى انها نافذة العراق البحرية وعلى الكتل تقديم مرشحين منها حصرًا لوزارتي النفط والنقل. وقال إن تمثيل المحافظات في الحكومة المقبلة يقع على عاتق الكتل السياسية التي ترشح الوزراء.

يذكر أن الترشيحات للوزارة كانت تدور خلال اليومين الماضيين بين عادل عبد المهدي القيادي بالمجلس الاعلى الاسلامي وحسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء.

عقدتا الدفاع والمحافظات المنتفضة

وقال المصدر إن تسمية وزير للدفاع ومطالب المحافظات المنتفضة قد تحولتا الى عقدتين منعتا العبادي من اعلان تشكيلته بعد اعتراض اتحاد القوى السنية والتحالف الكردستاني على تسمية هادي العامري الذي يقود ميليشيا بدر ووزير النقل في الحكومة المنتهية الولاية، لهذا المنصب.

حيث ترى الكتلتان أنه لا يمكن أن يتولى التحالف الشيعي منصبي وزارة الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الذي يتولاه رئيس الوزراء، وفق الدستور بالاضافة الى أن العامري عسكري ويتولى قيادة الميليشيات.

كما يصر تحالف القوى السنية على الاستجابة لمطالب المحافظات السنية الست التي يطلق عليها المنتفضة لكن الشيعي يعترض على بعض بنودها على اساس انها مخالفة للدستور والقانون ومن بينها الغاء اجتثاث البعث والعفو العام.

وفي هذا الاطار، فقد دعا إئتلاف العربية بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك التحالف الشيعي الى الاستجابة لمطالب المحافظات الست، واكد في بيان صحافي اليوم "اهمية التحرك الجدي للاستجابة الى مطالب المحافظات الست وفتح آفاق جديدة للمصالحة والإصلاح".

وأضاف الإئتلاف قائلاً "نحن ما زلنا ثابتين على موقفنا ونعطي الأولوية في مفاوضات تشكيل الحكومة المرتقبة لمطالب جمهورنا والعراقيين جميعاً ولم نتوانَ عن تأكيد عزمنا على الإصرار على تنفيذ جميع المطالب التي تمثل جوهر مشروعنا الوطني والإصلاحي واخذ ضمانات حقيقية تفضي إلى تحقيق أمل الناس في العيش بكرامة وسلام".

واضاف أن "مطالب جمهورنا اليوم هي المحور الأساس والمحرك الوحيد لاتجاهاتنا الوطنية ولن نتخلى عنها أبدًا بوصفها مطالب شرعية تحمل بين طياتها مصالح جميع أبناء العراق ولا تقتصر على فئة أو محافظة أو مكون معين بل تتعدى كل ذلك لتكون مطالب شعبية تحقق المصالحة الحقيقية والصلاح المرتقب والإصلاح المرتجى للبلاد والعباد".

ودعا التحالف الشيعي إلى "اخذ تلك المطالب على محمل الجد والعمل على الاستجابة اليها من دون تسويف أو مماطلة أو تجزئة".

المالكي: المفاوضات تطغى عليها المصالح الحزبية والطائفية والعنصرية

وصف رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي اجواء مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بأنها لم تكن ايجابية، ودعا الى عدم السماح بتمرير ترشيح بعض الاسماء التي قال إنها تحوم حولها شبهات الفساد المالي والإداري.

وقال المالكي في بيان اطلعت على نصه "إيلاف" اليوم& إنه "في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب ظهور التشكيلة الحكومية الجديدة بأسرع وقت وفي ضوء المعلومات التي تصلنا تباعاً عن أجواء المفاوضات الجارية حالياً حول تأليف الحكومة المرتقبة فاني اجد من واجبي الوطني والشرعي أن انبه الى نقاط عدة".

وأضاف أن "أجواء التفاوض لم تكن للأسف أجواء إيجابية بل طغى عليها التنافس الحزبي والطائفي والقومي وغابت عنها للأسف الروح الوطنية رغم وجود بعض الأصوات المخلصة التي كانت وفية للوطن والمواطن لكنها كانت الأضعف حتى هذه اللحظة".

وشدد المالكي بالقول "لقد كانت المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والعنصرية كلها حاضرة فيما غابت الروح الوطنية بل كان الغائب الأكبر هو العراق ومصلحته وسيادته"، مشدداً بالقول "حين تغيب مصلحة العراق سيكون الخاسر الأكبر هو المواطن العراقي سواء كان من الانبار او البصرة او كردستان وسواء كان في نينوى او كربلاء او بغداد".

وأشار المالكي الى انه "تواترت المعلومات عن ترشح اسماء لاحتلال مواقع مهمة للغاية في الدولة اقل ما يقال فيها إنها تحوم حولها شبهات الفساد المالي والإداري والتي مازال بعضها حاضراً في ذاكرة العراقيين"، مضيفاً "اجد من الواجب التنبيه الى ذلك وعدم السماح بتمريره".

وناشد المالكي الجهات التي دعت الى محاربة الفساد في الحكومة الجديدة ونادت بتصريحاتها المختلفة وخطاباتها العديدة الى حكومة كفوءة خالية من الفساد أن تواصل تصديها ولا تتراجع عن محاربة هذه الآفة التي تعد الوجه الثاني للإرهاب ان ترفع صوتها في الاعتراض على ذلك، والتحذير منه، معربًا عن امله بأن "تضم كفاءات قادرة على النهوض بالمسؤولية الجسيمة التي تنتظرها وان الساعات القادمة ستكون حاسمة في تحقيق ذلك".