يصل وزير الخارجية الأميركي، اليوم الثلاثاء، إلى الشرق الأوسط سعياً لبناء تحالف دولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ويأتي ذلك بالتزامن مع جلسة تعقد في الأمم المتحدة هذا الشهر تخصص لبحث التهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية.

واشنطن: يتوجه وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الثلاثاء، الى الشرق الاوسط في جولة تشمل خصوصًا الاردن والسعودية بهدف بناء تحالف دولي لمواجهة مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية"، كما اعلنت وزارة الخارجية الاثنين. وقد رحب كيري عشية سفره بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة واعتبرها "مرحلة اساسية" من اجل دحر الدولة الاسلامية.

ويعقد كيري الاربعاء والخميس في جدة اجتماعًا مع عدة وزراء خارجية عرب لبحث سبل التصدي لتنظيم "الدولة الاسلامية" وبناء تحالف دولي ضده.
واكد مسؤول مصري رفيع أن "وزير الخارجية المصري سامح شكري سيشارك في اجتماع يعقد الاربعاء والخميس في جدة مع كيري ويضم كذلك وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والاردن لبحث سبل التصدي للارهاب" وتنظيم "الدولة الاسلامية.
وقال المسؤول المصري إن بلاده ترحب بالتحرك الاميركي والدولي لمكافحة الارهاب وتنظيم "الدولة الاسلامية"، مؤكدًا أنها ستقدم "كل الدعم السياسي لهذا التحرك ولكن في ما يتعلق بمشاركتها في اجراءات عملية أو امنية، فإنها ينبغي أن تكون في اطار الامم المتحدة وضمن قرار من مجلس الامن الدولي".
وفي بيروت اكد مصدر حكومي أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل سيشارك كذلك في هذا الاجتماع.


القضاء على داعش

وتعهد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الاثنين ببناء ائتلاف واسع يضم أكثر من اربعين بلدًا، ويستمر لسنوات، من اجل القضاء على جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية الذين يزرعون الرعب في العراق وسوريا. وفي تصريحات ادلى بها قبل ساعات من مغادرته الى الشرق الاوسط في جولة واسعة الافق تهدف الى توطيد الجبهة ضد تنظيم الدولة الاسلامية، رحب كيري بتشكيل حكومة جديدة ائتلافية قي العراق، وهو ما يعتبره الاميركيون شرطاً لا بد منه للتصدي بشكل فاعل للتنظيم المتطرف.

هذه الجولة التي يبدأها كيري الاربعاء في الاردن، ثم السعودية، تصادف اليوم الذي سيعرض فيه الرئيس باراك اوباما "خطة عمل" ضد هذه المجموعة المسلحة الاسلامية المتطرفة، وفي وقت وسعت واشنطن نطاق ضرباتها الجوية في العراق. وقال كيري إن الهدف هو تشكيل "اوسع ائتلاف ممكن من الشركاء عبر العالم من اجل التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية واضعافه وفي نهاية المطاف دحره". وتابع أن "جميع الدول تقريباً لديها دور تلعبه من اجل القضاء على التهديد الذي يطرحه تنظيم الدولة الاسلامية والشر الذي يجسده".

بذلك تمضي الولايات المتحدة خطوة ابعد بعد قمة الحلف الاطلسي الجمعة التي شهدت بوادر ائتلاف ضد الدولة الاسلامية بين عشر دول، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وتركيا وبولندا والدنمارك وكندا واستراليا، لا يزال يترتب توضيح معالمه. وتقدر واشنطن عديد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية الذي اعلن "الخلافة الاسلامية" على مناطق سيطرته من جانبي الحدود بين العراق وسوريا، بحوالى عشرة آلاف عنصر متهمين بارتكاب اسوأ التجاوزات وقد تبنى التنظيم في الاسابيع الماضية قطع رأس صحافيين اميركيين اثنين.

وبعدما أقر كيري خلال قمة الحلف الاطلسي الجمعة بأن هذه المعركة "قد تستغرق عامًا أو عامين او ثلاثة اعوام"، اكد مجددًا الاثنين أن الائتلاف المزمع يفترض أن "يدوم اشهراً وربما ايضًا سنوات". غير أن التحالف لن يمت بصلة الى الائتلاف الذي شكلته الولايات المتحدة لاجتياح العراق عام 2003 وقد استبعد اوباما ارسال قوات برية على الارض. واوضحت وزارة الداخلية أن واشنطن تعتزم الاستناد الى "اكثر من اربعين بلدًا"، لتنفيذ مهام مختلفة تتراوح بين "تقديم دعم عسكري للعراق" و"وقف تدفق الجهاديين الاجانب" و"قطع التمويل عن الدولة الاسلامية" وصولاً الى "ايجاد حل للازمة الانسانية" الناجمة عن النزاع.

ورفضت المتحدثة باسم الوزارة جنيفر بساكي تعداد الدول التي ستنضم الى الائتلاف، مشيرة الى ان بعضها مثل الدول العشر التي اعلن عنها في قمة الحلف الاطلسي والامارات العربية المتحدة بات معروفاً، في حين أن البعض الاخر لا يود أن يعرف. وبحسب دبلوماسيين اميركيين، فإن البانيا واستونيا وبولندا والسعودية واليابان وكوريا الجنوبية وعشرة بلدان أخرى "اقترحت تقديم مساعدة انسانية وامنية للعراق".

واكدت دول الجامعة العربية أخيرا عزمها "التصدي لجميع التنظيمات الارهابية" بما فيها تنظيم الدولة الاسلامية "واتخاذ جميع التدابير سياسيًا وامنيًا وقانونيًا وفكرياً لمواجهة" الارهاب. واكدت بساكي مرة جديدة ان الائتلاف المزمع تشكيله لن يضم ايران ولا سوريا. وسيجري كيري محادثات مع نظرائه في عمان ثم في جدة بالسعودية يتناول فيها "سبل تقديم المزيد من الدعم لامن الحكومة العراقية واستقرارها"، بحسب ما اوضحت وزارة الخارجية تاركة الباب مفتوحاً امام محطات اخرى من جولة كيري.

ووافق البرلمان العراقي مساء الاثنين على تشكيلة الحكومة التي عرضها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وبقيت فيها الحقائب الامنية المهمة وفي طليعتها الداخلية والدفاع شاغرة. واعتبر جون كيري أن تشكيل هذه الحكومة يمثل "مرحلة اساسية" في مكافحة الدولة الاسلامية. واعلن البيت الابيض أن اوباما اتصل بالعبادي "واعرب له عن التزامه العمل مع جميع الفئات في العراق وكذلك مع شركاء اقليميين ودوليين".

وكانت الاسرة الدولية التي تسعى الى مساعدة بغداد على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية، تطالب بتشكيل حكومة تجمع كل القوى السياسية العراقية، بعدما اتهمت رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأنه تسبب بصعود الجهاديين من خلال تسلطه واعتماده سياسة تقوم على تهميش الاقلية السنية. وفي مواجهة تصاعد تهديد تنظيم الدولة الاسلامية، وبعد اسابيع من التردد، باشرت الولايات المتحدة في مطلع اب/اغسطس حملة ضربات جوية نفذت في سياقها حتى الان 148 غارة في شمال العراق ووسعت نطاقها في نهاية الاسبوع الماضي الى غرب البلاد.

اوباما يترأس جلسة في الامم المتحدة
اعلن مسؤول اميركي الاثنين أن الرئيس باراك اوباما سوف يترأس في 24 ايلول/سبتمبر وليس في 25 كما اعلن سابقًا، اجتماع قمة في مجلس الامن الدولي سيخصص للتهديد الذي يشكله المقاتلون الاجانب في سوريا والعراق.

وقال هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن "التاريخ قد تغيّر". وسوف يعقد هذا الاجتماع في نيويورك بعد ظهر 24 ايلول/سبتمبر على مستوى رؤساء الدول أو الحكومات بالتوازي مع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة حيث سيلقي الرئيس الاميركي خطاباً صباح اليوم نفسه. واوضح أن الولايات المتحدة التي تترأس مجلس الامن الدولي هذا الشهر تعول على أن يتبنى المجلس في هذه المناسبة قرارًا ملزماً "يحدد اطاراً شرعيًا" لمواجهة التهديد الذي يشكله المقاتلون الاجانب.

وسوف يوضع القرار تحت البند السابع من شرعة الامم المتحدة الذي ينص على فرض عقوبات في حال عدم احترام القرار. واشار المسؤول الاميركي الى ان "الامر يتعلق بفرض الالتزامات الجديدة على الدول كي تتخذ الاجراءات" من اجل منع مواطنيها من السفر أو الانضمام الى منظمات متطرفة مثل الدولة الاسلامية أو جبهة النصرة.

واضاف المسؤول الاميركي أن القرار يهدف ايضاً الى تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات عبر الانتربول وتشجيع "الممارسات الجيدة في ما يتعلق بالنقل الجوي". وقال ايضًا إن "الرد الاولي كان ايجابيًا" من قبل شركاء واشنطن الذين "لم يقدموا اية اعتراضات اساسية". وسوف يشارك باراك اوباما في 23 ايلول/سبتمبر في نيويورك في قمة حول المناخ تنظمها الامم المتحدة، كما سيلقي صباح اليوم التالي خطاباً امام الجمعية العامة بمناسبة اجتماعها السنوي.