لطالما تشدق الأسد أنه لا يقهر، لكن التقديرات على الأرض تشير إلى أن قواته النظامية تعيش تدهورًا مستمراً، كما تسجل حالة من السخط بين دائرته العلوية الضيقة.


في وقت يبدو فيه إحكام الرئيس السوري بشار الأسد على السلطة أقل تأكيداً من سابق مزاعمه المتعلقة بتحقيق قواته للانتصار، فإنه وبينما ترفض أميركا توسلاته لإبرام شراكة، تواصل الدولة الإسلامية إلحاق الهزائم بقواته، بالاتساق مع بدء إظهار دائرته العلوية إشارات تدل على وجود حالة سخط متزايدة تجاه ما يقوم به الأسد.
&
وبعيداً عن المزاعم التي يروج من خلالها إلى أنه لا يُقهَر، فإن الأسد الذي يلوم الإرهابيين بالتمرد عليه يواجه الآن خطر أن يُنظَر إليه كونه الرئيس الذي ترعرع الإرهابيون تحت أنظاره، وبات بمقدورهم الآن فعل أي شيء يحلو لهم، تماماً مثلما يتحمل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مسؤولية سقوط مدينة الموصل.
&
ولفتت بهذا الخصوص صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن الرئيس باراك أوباما من المتوقع أن يكشف اليوم الأربعاء في خطاب له عن إستراتيجيته الخاصة بمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، وبخاصة في العراق، وأن يرجئ مرة أخرى على ما يبدو فكرة بذل أي مجهود من أجل التصدي لحالة الفوضى التي باتت عليها الآن الحرب المشتعلة في سوريا، حيث يعتزم ترك بشار الأسد في مكانه خلال المستقبل المنظور.
&
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين ومسؤولين أميركيين قولهم إن هناك إدراكاً متنامياً لدى واشنطن والعواصم المتحالفة بأن المكاسب الكبرى التي حققتها الميليشيات المسلحة تتطلب نهجاً أوسع للتعامل مع الأمور التي غذت تلك الميليشيات.
&
ورغم أن القواعد الثلاث التي فقدتها قوات الأسد في خضم أعمال القتال لا تحظى تقريباً بقيمة إستراتيجية، إلا أن أسلوب الهزيمة تسبب في إرباك مؤيدي ومناصري الأسد.
&
كما تسببت تلك الصور التي تم نشرها لمجموعة جنود سوريين مختطفين في إثارة موجة نادرة من الغضب في ما بين الأفراد العلويين، تلك الطائفة ذات الأقلية التي ينتمي إليها الأسد، ما دفعها لتوجيه موجة شديدة من الغضب تجاه الأسد وكذلك الجناة.&
وهي حالة السخط التي برزت على العديد من صفحات فايسبوك، وتركزت الهجمات التي شنها العلويون ضد الأسد على فكرة أنه يتعامل بغاية الرفق مع خصومه.
&
وقال جوشوا لانديس، أستاذ التاريخ بجامعة أوكلاهوما، إن العلويين لن يلتحقوا على الأرجح بالمعارضة ذات الغالبية السنية، كما أنهم لا يرون بديلاً واضحاً للنظام القائم.
&
وأضاف: "ان هناك قدراً كبيراً من الغضب. فالمجازر التي وقعت في الرقة كانت مهينة ومحبطة للغاية. لكن ذلك لا يرقى إلى انهيار النظام. فهذه ليست ثورة علوية".
&
ومضت الصحيفة تشير إلى حقيقة حالة الإنهاك التي بات عليها الجيش السوري بعد 3 أعوام من القتال، مشددةً على أن الأسد مدين بالفعل للميليشيات المحلية المدربة والممولة من قبل إيران ولحزب الله نظير ما حققته قواته من انتصارات هامة.&
&
وأشار جيف وايت، من معهد واشنطن لدراسات شؤون الشرق الأدنى، إلى أنه حتى وإن أرادت الولايات المتحدة أن تدخل في شراكة مع الأسد لسحق المتطرفين، فمن غير الواضح ما الذي يمكن أن يقدمه الأسد على مائدة التفاوض. وواصل وايت حديثه بالقول "وما نراه هو تدهور متقطع للقوات النظامية، بفقدانها قواها مع مرور الوقت. وهذا الأمر من ضمن الأسباب التي جعلت سوريا مهتمة للغاية بالانضمام إلى التحالف العسكري الدولي الذي يسعى أوباما لتكوينه ضد الدولة الإسلامية".
&
وختمت الصحيفة بنقلها عن سالم زهران، الذي يدير مؤسسة إعلامية موالية للحكومة ويجتمع باستمرار بأفراد نظام الأسد، قوله: "يشعر الأسد حالياً بأنه أقوى من أي وقت مضى. فقد أثبت الآن صعود تنظيم الدولة الإسلامية للعالم بأسره أنه كان محقاً بشأن النهج الذي اختاره من البداية لمواجهة التهديدات التي يشكلها الإرهابيون".
&