تيرانا: انهى البابا فرنسيس مساء الاحد زيارة لالبانيا انتقد فيها استخدام الله كـ"درع" من جانب الحركات الاصولية الدينية، وذلك على خلفية العنف الجهادي في الشرق الاوسط وافريقيا. واقلعت طائرة الحبر الاعظم في الساعة 17:50 ت غ من مطار الام تيريزا في تيرانا.

وقال البابا امام المسؤولين الالبان خلال زيارته "لا يعتقد احد انه يمكن ان يستخدم الله درعا حين يقوم باعمال عنف وازدراء. لا يتذرعن احد بالدين للقيام بافعاله الخاصة المنافية لكرامة الانسان وحقوقه الاساسية". ولاحظ ان الحس الديني الاصيل "يتعرّض للخيانة من جانب هذه الجماعات المتطرفة" التي "تشوّه وتستغل الخلافات بين مختلف المذاهب" وتجعل منها "عامل مواجهة وعنف".

ووجّه البابا كلامه هذا الى كل الديانات، لكنه كان يقصد ضمنا انتهاكات الجهاديين المنتمين الى تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق واولئك المنتمين الى جماعة بوكو حرام في نيجيريا. وامام المسؤولين الدينيين الارثوذكس والمسلمين والبروتستانت، قال البابا ان "الدين الاصيل هو مصدر سلام لا عنف. لا يمكن لاحد استخدام اسم الله لارتكاب العنف. ان القتل باسم الله هو انتهاك كبير للحرمات. والتمييز باسم الله غير انساني".

واضاف "لا نحيا ككيانات مستقلة تتمتع بكفاية ذاتية، كجماعات وطنية وثقافية ودينية"، داعيا الى تجنب "النسبية" التي تكمن في رايه في الاستعداد للحوار "من دون الانطلاق من الهوية الذاتية (...) وعبر ادعاء هوية اخرى". وكان مئات الاف الاشخاص رحّبوا بوصول البابا في الجادة الكبرى وفي ساحة الام تيريزا، حيث اقام قداسا احتفاليا. وحضر اكثر من عشرة الاف شخص، بينهم نحو ثلاثة الاف من كوسوفو.

وفي سيارة الجيب المكشوفة على طول الجادة المزينة بصور "الشهداء المسيحيين" ابان النظام الشيوعي، توقف مرارا لمصافحة اشخاص، كما حمل بعض الاطفال. واتخذت تدابير امنية مشددة خشية تهديدات وجهها الى البابا التيار الجهادي. وتم تفتيش جميع المشاركين في القداس، لكن الفاتيكان كرر ظهرا ان ليست "هناك مشاكل امنية محددة".

وامام الرئيس المسلم بوجار نيشاني، قال البابا ان "مناخ الاحترام والثقة المتبادلة بين الكاثوليك والارثوذكس والمسلمين كنز ثمين للبلاد، ويتضمن معنى خاصا في زمننا"، املا في "ان تواصل البانيا السير على هذا الطريق لتصبح نموذجا لكثير من الدول". وخلال القداس خاطب البابا الشباب داعيا اياهم الى نبذ "عبودية المال والحرية الفردية الزائفة والارتهان". وقال حسين دولي (85 عاما) وهو مسلم جاء مع افراد عائلته العشرة من مدينة لاتش القريبة من تيرانا "ننتمي الى ديانة اخرى، لكن جئنا احتراما وامتنانا لنحصل على بركة البابا".

وخلال هذه الزيارة التي استمرت احدى عشرة ساعة، التقى البابا المسؤولين الدينيين، واجتمع مع مندوبي الكاثوليك الالبان. وانهى اليوم في مركز "بيثاني" الاجتماعي في تيرانا حيث التقى الايتام والمعوقين. ووجه البابا فرنسيس في البانيا تحية الى كنيسة في ذروة ازدهارها بعد نظام ديكتاتوري ماركسي رهيب سبقته خمسة قرون من الهيمنة العثمانية.
ودعا البابا الشعب الالباني الى الوحدة مستعيدا "عقودا من المعاناة الرهيبة والاضطهاد القاسي بحق الكاثوليك والارثوذكس والمسلمين".

وقد ساعد احترام الطوباوية الام تيريزا الالبانية المقدونية الاصل، ومجيء عدد كبير من رجال الدين الاجانب، على احياء الكاثوليكية في البلاد ابتداء من نهاية الثمانينات، عندما اعاد رامز عليا الذي خلف الديكتاتور انور خوجا الحرية الدينية. واثر الحرب العالمية الثانية، نشأ نظام شيوعي مغلق على العالم. وفي 1967، اعلن خوجا البانيا "اول دولة ملحدة في العالم". وبين 1945 و1985، توفي في الاعتقال او اعدم سبعة اساقفة و111 كاهنا و10 اكليريكيين وثماني راهبات.

وهؤلاء هم "شهداء الايمان" الذين كرمهم يوحنا بولس الثاني خلال زيارته في 1993. ورسم آنذاك اربعة اساقفة منهم ميشال كوليكي الذي كان في الحادية والتسعين من عمره امضى منها 21 عاما في الاعتقال، والذي غمره بذراعيه في كاتدرائية شكودر.
&