في رد فعل إسرائيلي على تقرير "إيلاف" بعنوان "بعثات أثرية في مصر تزيف التاريخ لصالح إسرائيل"، نشرت تايم أوف إسرائيل مقالًا للباحث الأثري سيمشا جاكوبوفيشي، اعترف فيه صراحة بأن اليهود لم يبنوا الاهرامات، بل بنوا صرح الكولوسيوم، مطالبًا بإعادته لإسرائيل.
القاهرة: استنادًا إلى تقرير نشرته "إيلاف" حول اتهام إسرائيل باستغلال البعثات الأثرية في مصر، من أجل إثبات مشاركة اليهود في بناء الحضارة الفرعونية القديمة، وأن اليهود هم بناة الأهرامات، دعا الباحث الأثري ومخرج الأفلام الوثائقية سيمشا جاكوبوفيشي، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والكندية، إلى تنازل اليهود عن الحق في بناء الأهرامات للمصريين، مقابل استرداد الكولوسيوم من إيطاليا ووضعه في جنوب إسرائيل لتنشيط السياحة، ولحماية المستوطنات من صواريخ حماس.
الذهب مع الفوائد
يشكل هذا الإعتراف من عالم أثري ومخرج أفلام وثائقية بحجم جاكوبوفيشي تحولًا في العلاقة الشائكة بين الأثريين المصريين والغربيين، لاسيما الإسرائيليين، الذين يتبنون نظرية بناء اليهود لأهرامات مصر، أو على الأقل مشاركتهم في بنائها، وغيرها من الآثار الفرعونية.
وقال جاكوبوفيشي في مقال نشرته صحيفة تايم أوف إسرائيل: "إن المجتمع الأثري المصري يعاني حالة من الهياج، وصلت به إلى حد اتهام علماء المصريات الأجانب بأنهم عملاء لإسرائيل، من أجل تحقيق هدفها في الاثبات أن اليهود هم بناة الأهرامات الأصليون".
أضاف جاكوبوفيشي، في المقال الذي حمل العنوان "احتفظوا بالأهرامات وأعطونا الكولوسيوم"، أن الباحث الأثري المصري أمير جمال ساق مثل هذه الإتهامات عبر صحيفة "إيلاف"، وهي تأتي في أعقاب مطالبة مصري آخر بمقاضاة إسرائيل، بتهمة سرقة اليهود الذهب المصري، خلال فترة الخروج الأول.
ولفت جاكوبوفيشي إلى أن المطالبة تستند إلى أن ما يرد في التوراة هو الآتي: "حصل العبيد الإسرائيليون على ذهب مصر ونقلوه إلى أرض الميعاد"، منوهًا بأن الدعوى القضائية تطالب باستعادة الذهب، والفوائد المتراكمة لأكثر من 3500 سنة، وواصفًا الإتهامات بأن "بعضها مضحك والبعض الآخر ليس مضحكًا".
فوبيا مصرية
سرد جاكوبوفيشي واقعة تشير إلى الخوف الذي يمتلك المصريين من فرضيات إثبات يهودية الآثار المصرية، وقال: "بدأت في العام 2004 تصوير فيلم وثائقي عن سفر الخروج وعلم الآثار المصرية، وفوجئت بأن المصريين كانوا يراقبوننا كالصقور".
واتهم جاكوبوفيشي المصريين والعرب بخوض معركة وصفها بـ"الصفرية"، وقال: "رغم أن القرآن يؤكد الخروج التوراتي كحقيقة تاريخية، إلا أن الأنظمة الجديدة في الشرق الأوسط تتعامل مع التاريخ على أنه لعبة صفرية، إذا كان جيدًا بالنسبة لليهود فهو سيئ بالنسبة للعرب، لذلك يتم قمع أي علم آثار يتصل بسفر الخروج، خشية أن تنتهي نتائجه إلى تأييد مزاعم الإسرائيليين في المنطقة".
وذكر الباحث الأثري الإسرائيلي بعضًا من الأمثلة التي تؤكد مزاعمه حول المخاوف المصرية، فقال: "تم اكتشاف تمثال أواريس بالدلتا، واعتقد بعض الباحثين أنه يمثل يوسف التوراتي، إلا أن هذا التمثال اختفى من المتحف المصري بعد فترة، رغم أنه ليس من السهل اخفاؤه، لاسيما أنه يزن نحو طن"، متهمًا مصر بأنها مصابة بفوبيا علم الآثار التوراتي.
اضاف جاكوبوفيشي: "إذا أدعيت أنك تملك إثباتًا لسفر الخروج، سيتم منعك من دخول مصر، وإذا كنت عالم مصريات فهذه مشكلة كبيرة، ولذلك ليس مفاجأة أن علماء المصريات لم يعثروا على أي شيء له علاقة بالإسرائيليات".
بنيناه ودفعنا ثمنه
وضرب مثالًا آخر، بإتهام عالم آثار بالعمل لصالح الموساد. وقال: "حاول أخيرًا ميروسلاف بارتا، وهو أستاذ في جامعة شارلز، إجراء بحث حول علاقة الإنجيل بعلم الآثار المصري، ونتيجة لذلك تم إتهامه بالعمل لصالح الموساد، إضافة إلى التهمة الجاهزة هي تزوير التاريخ المصري. وهذا مناخ ليس مناسبًا لنقاش أكاديمي حر".
وفي واحدة من الإعترافات النادرة، أكد عالم الآثار الإسرائيلي أن اليهود لم يبنوا الأهرامات، وقال: "إليكم ما أعتقد: يمكن للمصريين الإحتفاظ بالإهرامات، نحن لم نبنِها، إنها موجودة منذ آلاف السنين قبل ميلاد موسى".
وتابع: "بعد توضيح هذا الأمر، وفي مقابل تخلينا عن المطالبة بالأهرامات، يجب عليهم أن يدفعوا لنا ثمن سنوات العبودية، وإيقاف حملات القهر ضد الباحثين الغربيين".
ودعا الباحث الإسرائيلي إلى ضرورة حصول إسرائيل على مدرج الكولوسيوم من إيطاليا، وقال: "في السياق ذاته، فإن العبيد اليهود بنوا مدرج الكولوسيوم الروماني، وقطعوا حجارته، كما أن المال الذي استخدم في تمويل عملية البناء، نهبه الرومان من القدس سنة 70 ميلادية، وهناك أبحاث تؤكد ذلك".
أضاف: "لقد بنيناه ودفعنا ثمنه، وحان الوقت لاستعادته".
اعتراف أول من نوعه
وطالب جاكوبوفيشي بنقل الكولوسيوم إلى جنوب إسرائيل، على الحدود مع قطاع غزة، "ويجب أن أحصل على حق تصوير فيلم وثائقي عن عملية النقل من إيطاليا إلى إسرائيل".
وقال جاكوبوفيشي، الذي يعمل أيضًا أستاذًا مساعدًا في قسم الأديان في جامعة هنتنغتون في أونتاريو: "هذا العمل الهندسي المتفرد، يمكنه أن يصحح التاريخ، وينشط السياحة في جنوب إسرائيل، وهي المنطقة التي تعاني القصف الصاروخي المستمر من حماس في قطاع غزة. وسيجعل العالم أكثر حساسية تجاه صواريخ حماس، لأنها ستسقط في موقع ثقافي يتبع منظمة يونسكو، وليس في بلدات وقرى إسرائيلية".
وتشكل إعترافات جاكوبوفيشي الأولى من نوعها من جانب عالم آثار إسرائيلي، لاسيما أن إسرائيل تتبنى نظرية بناء اليهود للأهرامات، ومشاركتهم في بناء الحضارة الفرعونية القديمة. وسيشكل إعتراف جاكوبوفيشي تحولًا في نظريات الآثار اليهودية، كما أنه يعتبر خير دعم للمصريين في مواجهة الإستفزازات الإسرائيلية المستمرة بمزاعم بناء الأهرامات.
مسمارا قيافا
ويعود الفضل لجاكوبوفيشي في نسيان (أبريل) 2011، في اكتشاف "مسمارين رومانيين يعودان إلى ألفي عام، عثر عليهما في قبر رجل دين يهودي كبير مثل امامه السيد المسيح، قد يكونان مرتبطين بصلب الأخير".
وقال في تصريح نقلته عنه وكالة الأنباء الفرنسية حينها: "تم العثور على هذين المسمارين في القدس قبل عشرين عامًا داخل مقبرة عائلة قيافا، الحبر اليهودي الكبير الذي مثل امامه يسوع المسيح قبل أن يسلم إلى السلطات الرومانية"، مشيرًا إلى أن طول المسمارين والتواءهما عند احد الطرفين يعززان فكرة استخدامهما في عملية صلب، رغم اقراره بأن فرضيته تستند فقط إلى تكهنات.
التعليقات