مداما: قام وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الخميس بزيارة مفاجئة الى قاعدة عسكرية فرنسية قيد الانشاء في مداما في اقصى شمال النيجر قرب معاقل الجهاديين في ليبيا المجاورة، والذين تسعى فرنسا إلى تعبئة الاسرة الدولية ضدهم.

وصل الوزير من نجامينا حيث امضى ليلة راس السنة مع الجنود الفرنسيين، على متن طائرة نقل عسكرية من طراز ترانسال هبطت على مدرج جديد يشكل جزءا من القاعدة الفرنسية المتقدمة التي يجري بناؤها في مداما على ابواب ليبيا، وفق مراسل لفرانس برس.

ووسط صحراء مترامية، على بعد نحو مائة كيلومتر جنوب الحدود الليبية، ستشكل هذه القاعدة المركز المتقدم لعملية برخان التي تنفذها فرنسا في مواجهة الجهاديين المتطرفين.
وقال الوزير "نريد ان نظهر في بداية 2015 تصميمنا (...) في مواجهة الجهاديين والارهابيين واولئك الذين يريدون تحويل طريق القوافل القديمة هذه الى طريق للعنف والتهريب".

وتقع قلعة مداما القديمة على الطريق التي يعبرها الجهاديون ومهربو الاسلحة الذين ينطلقون من معاقلهم في جنوب ليبيا باتجاه شمال النيجر ومالي. وتتميز القلعة بموقع استراتيجي في مواجهة الجهاديين الذين لا تتوانى فرنسا عن قرع ناقوس الخطر المتاتي منهم. وبالقرب من القلعة العائدة الى فترة الاستعمار والتي بنيت في سنة 1931 واحتلتها القوات النيجرية بعد الاستقلال، ينهمك نحو 200 جندي فرنسي في تمهيد وتأمين الموقع الجديد الذي نصبت فيه الخيام والحاويات والآليات.

ووسط رياح شرقية حارة وجافة، تمتد باتجاه الجنوب صحراء على مد العين، وفي الشمال تنتصب في البعيد تلتان باتجاه ليبيا. بحلول منتصف اذار/مارس، سيتم مد مدرج الهبوط حتى 1800 متر بدلا من 1300 حاليا. وكان المدرج في الاصل بطول 830 مترا. وسيتم احاطة الخيام والمساكن بسور لحمايتها.

وقال ايف لودريان وحوله نواب جاؤوا من فرنسا "نحن منبهرون من فعالية الاداء والسرعة والمهنية في مثل هذه الظروف القاسية". وفي كلمته بمناسبة عيد راس السنة، دعا لودريان مساء الاربعاء مجددا المجتمع الدولي الى "التحرك" لمنع قيام "ملاذ ارهابي" في ليبيا سيزعزع استقرار المنطقة برمتها ويهدد اوروبا.

وقال امام الجنود الفرنسيين في نجامينا ان "ما يجري في ليبيا، في ظل الفوضى السياسية والامنية، ليس الا انبعاث ملاذ ارهابي في المحيط المباشر للقارة الاوروبية". وأضاف ان "المجتمع الدولي سيرتكب خطأ جسيما اذا ما بقي مكتوف الايدي امام قيام مثل هكذا ملاذ للارهاب في قلب البحر المتوسط. هذا أمر لا يمكن القبول به".

وفي مداما، اكد الوزير الفرنسي على ضرورة التوصل الى حل سياسي للازمة الليبية وقال "ينبغي في البدء وضع خارطة طريق شاملة لليبيا. لا يمكن التعامل مع الجنوب الليبي قبل ذلك". وكان يرد على سؤال حول احتمال تنفيذ عمليات عسكرية تطالب بها الدول المجاورة مثل تشاد.

وتوفر قاعدة مداما التي يتوقع الانتهاء من الاعمال فيها في الربيع، نقطة ارتكاز اضافية لقوة برخان الفرنسية توازي قاعدة تيساليت في شمال مالي في اطار مواجهتها للجماعات المسلحة في منطقة الساحل. وقال الضابط الفرنسي دوني ميسترال في نجامينا ان "نقطة ارتكاز برخان التي كانت تعتمد اساسا على باماكو مع عملية سرفال، تنتقل الى الشمال".

وتنشر فرنسا ثلاثة آلاف رجل في منطقة الساحل والصحراء في اطار عملية برخان التي بدأت مهامها في اب/اغسطس 2014، للتصدي للجماعات الاسلامية والمنظمات الاجرامية عبر الحدود وخصوصا القادمين منهم من ليبيا والذين يحاولون انشاء ملاذات ارهابية دائمة في الساحل. وفي جنوب هذه المنطقة، تنشط جماعة بوكو حرام الاسلامية التي تهدد ايضا امن المنطقة. وهي تشن هجمات خارج نيجيريا في النيجر والكاميرون.

وتشمل عملية برخان خمس دول هي موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو على امتداد مساحة بحجم اوروبا من جبل طارق الى موسكو. وتواجه ليبيا التي تشهد مواجهات بين ميليشيات اسلامية والقوات الحكومية للسيطرة على السلطة، خطر حرب شاملة بعد ثلاث سنوات على سقوط نظام معمر القذافي. وانتقلت الجماعات الاسلامية ومجموعات المافيا التي طردت من مالي، الى جنوب ليبيا حيث تنشط بلا رادع.

وتقع مداما بالقرب من هضبة دجادو التي يطمع المهربون والجهاديون بالسيطرة عليها بعد العثور فيها على مناجم للذهب. ويقول الكولونيل ميسترال ان "سيارة بيك اب يساوي ثمنها كيلو من الذهب". ويشكل بناء القاعدة الذي بدأ في تشرين الثاني/نوفمبر تحديا لوجستيا في هذه المنطقة ذات الظروف القاسية.

فالاعداء الذين غالبا ما يكونون غير مرئيين يتطلبون نشر قوات استطلاع كبيرة من مروحيات وطائرات بلا طيار لتحديد موقعهم وتحييدهم سواء بقتلهم او اصابتهم او اعتقالهم خلال العمليات المحمولة جوا.

في تشرين الاول/اكتوبر، اعترضت القوات الفرنسية في شمال النيجر قافلة تنقل ثلاثة اطنان من الاسلحة متجهة الى مالي بينها انظمة اس-أ-7 مضادة للطيران روسية الصنع، ومدافع 23 ملم ومئات عدة من القاذفات المضادة للدروع.