القاهرة: شكك محامون الاحد في صحة الاجراءات التي قامت بها الشرطة المصرية اثناء توقيف 26 رجلا متهمين بالمثلية الجنسية، وذلك اثناء مرافعاتهم في هذه القضية امام محكمة جنح في القاهرة، بحسب صحافي من وكالة فرانس برس.& كما اتهم المحامون الشرطة بمخالفة القانون لسماحها بتصوير المتهمين من قبل قناة تلفزيونية اثناء توقيفهم.

وقبضت الشرطة على هؤلاء في السابع من كانون الاول/ديسمبر الماضي في حمام عام في وسط القاهرة وهم نصف عراة، وقامت احدى محطات التلفزيون بتصويرهم وبثت هذه المشاهد في وقت لاحق. واحضرت الشرطة المتهمين الى المحكمة وقد قيدت ايديهم ببعضهم البعض وكانوا جميعا يحاولون اخفاء وجوههم من الصحافة بالانحناء.

وبين الذين يحاكمون مالك الحمام واربعة من العاملين وجهت اليهم النيابة العامة اتهامات بـ"بإدارة حمام عام يستخدم في اعمال منافية للآداب وإقامة حفلات الفجور والجنس الجماعي بين الرجال الشواذ جنسيا بمقابل مادي". وافاد تقرير رسمي للطب الشرعي ان 18 من المتهمين لم يثبت ممارستهم للشذوذ الجنسي وان ثلاثة اخرين تعرضوا لاعتداء جنسي بغير رضاهم.

وفي جلسة الاحد التي استغرقت قرابة الساعتين شكك المحامون في صحة الوقائع الواردة في محضر الضبط. وقال المحامي طارق العوضي للقاضي ان الشرطة "لم تثبت في اوراق القضية حضور المذيعة اثناء القبض على المتهمين والسماح لها بتصويرهم". واضاف باعلى صوته في القاعة حيث تواجدت الشرطة ان "الدستور والقانون يصونان كرامة المتهمين".

ولاحقا قال العوضي لفرانس برس ان "الشرطة قبضت على 33 متهما والضابط اخلى سبيل 7 اشخاص، ولم يذكر ذلك في اوراق القضية. وهذا غير قانوني". وانكر محام اخر الاتهامات التي وجهتها الشرطة الى المتهمين والذين تمت احالتهم الى المحاكمة على اساسها.

وقال المحامي اسلام خليفة امام القاضي "الضابط ذكر في محضر الضبط ان كل المتهمين عدا صاحب الحمام والعمال كانوا يمارسون الشذوذ الجنسي في مغطس الحمام"، وتابع بسخرية "لكن تقرير الطب الشرعي اثبت ان المتهمين لم يمارسوا الشذوذ الجنسي من قبل". ولا توجد في القانون المصري مواد تعاقب المثلية الجنسية، لكن السلطات القضائية تلجأ الى اتهامهم بـ"الفجور وخدش الحياء العام"، وهي تهم يعاقب عليها القانون بالحبس.

ولم تسمح المحكمة لاهالي المتهمين بحضور الجلسة. وخارج القاعة صرخت خمسينية ترتدي جلبابا اسود في وجه مراسلة صحافية "حرام ما يحدث، يكفي فضايح". ولا ينظر الى المثلية الجنسية باحترام او تسامح في مصر او في المنطقة العربية، وتميل وسائل الاعلام الى ادانة المثليين، كما انها تنشر صورهم احيانا.

وفي القاعة، تكدس المتهمون جميعا في قفص حديدي ضيق للغاية مساحته لا تتجاوز الثلاثة امتار طولا ومترين عرضا. وكان بعض المتهمين يسعل واخرون يعطسون فيما شرطي يأمرهم بالتوقف عن اصدار اي صوت.

كما اشتكى المحامون الاحد من عدم وجود شهود في القضية واعتماد الضابط على مصادر سرية لم يحددها في الاوراق الرسمية. كما اشتكوا من عدم وجود اي احراز تدينهم سوى مبالغ مالية وهواتف محمولة.

وبالنسبة الى المحامي الحقوقي احمد حسام فان "القضية لا تتضمن دليل ادانة واحدا، وهي مبنية فقط على رواية الضابط"، وتابع بتهكم "الضابط هو السيناريست والبطل المخرج في القضية ودون ذلك لا يوجد اي دليل ادانة".

وتباهت مذيعة التلفزيون منى عراقي التي تقدم برنامجا اسبوعيًا اسمه "المستخبي" على قناة القاهرة والناس الخاصة بأنها كانت وراء اكتشاف هذا الحمام وابلاغ الشرطة عنه اثناء اجرائها تحقيقا استقصائيا عن "الايدز وتجارة الجنس الجماعي" في مصر.

وبثت منى عراقي على صفحتها على فايسبوك مقطع فيديو لاعلان عن الحلقة الاولى من ضمن 3 حلقات لبرنامجها تتناول هذا الموضوع. ويقول الاعلان "لاول مرة في تاريخ الاعلام المصري والعربي نقود مباحث الاداب الى اقتحام اكبر وكر لتجارة الجنس الجماعي بين الذكور في قلب القاهرة". لكن اهالي المتهمين يؤكدون براءتهم ويتهمون الاعلام باختلاق القضية وتشوية صورة ابنائهم.

وقال رجل قريب لاحد المتهمين طالبا عدم كشف هويته "ذهبت الى الحمام للاستحمام مع قريب لي. غادرت الحمام لشراء سجائر، وبعد ثوان فوجئت بالشرطة تقتحم الحمام ومعهم فريق تلفزيوني مع& مذيعة تقوم بالتصوير". واضاف "قريبي خرج وهو يضع فوطة فقط حول جسده، رغم انه لم يكن قد خلع ملابسه عندما غادرت. عرفت لاحقا ان عناصر الشرطة اجبروه على خلع ملابسه".

من جانبه، قال المحامي خالد سعد النقاش لفرانس برس "موكلي اخبرني ان الشرطة اجبرت المتهمين على خلع ملابسهم قبل الخروج من الحمام". وصدرت في نيسان/ابريل الفائت احكام بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و8 سنوات بحق اربعة رجال بتهمة "ممارسة الفجور" اي المثلية الجنسية.

وفي الشهر الماضي، خُفف حكم بالسجن ثلاث سنوات على ثمانية شبان مصريين ادينوا بـ"نشر صور تخل بالحياء العام" الى سنة واحدة، فيما عرف اعلاميا في مصر باسم "حفل زواج المثليين". ووقعت اسوأ حملة قمع ضد المثليين في مصر في العام 2001 حين اوقفت السلطات 52 شخصا في ملهى ليلي في احد المراكب السياحية في النيل. وحكم على 23 منهم بالسجن لمدد تراوحت بين سنة وخمس سنوات.

وتثير محاكمات المتهمين بالمثلية في مصر انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية الدولية. واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في ايلول/سبتمبر الماضي السلطات المصرية بانها "اوقفت اكثر من مرة وعذبت رجالا لاشتباهها في انهم مثليون".
&