ستطغى الاعتداءات الدامية في فرنسا والنزاع في العراق وداعش وأوكرانيا على محادثات النخبة السياسية والاقتصادية المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري، الذي ينطلق الأربعاء في دورته الخامسة والأربعين، بحضور زعماء ورؤساء دول وشخصيات سياسية واقتصادية بارزة.


إيلاف - متابعة: سيكون الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل من بين الشخصيات الـ2500 المشاركين في اللقاء السنوي، بينما ستكون الانظار مركزة على جهود حكوماتهم لمكافحة الجهاديين الذين يخططون لاعتداءات في اوروبا.

وشهدت المانيا وفرنسا وبلجيكا عمليات مداهمة وتوقيف عشرات الجهاديين المشتبه فيهم، وذلك بعد الاعتداءات على صحيفة شارلي ايبدو الساخرة ومتجر يهودي في باريس مما اوقع 17 قتيلاً. وتمت تعبئة ما لا يقل عن ثلاثة الاف عسكري وعدد سري من رجال الشرطة لضمان امن المنتدى في دورته الخامسة والاربعين. وبات التهديد الذي يمثله متطرفون شباب بعد عودتهم الى اوروبا من القتال، الى جانب جهاديين في الشرق الاوسط، على رأس اولويات القادة الغربيين بعد الاعتداءات في باريس.

مكافحة الإرهاب
وفي دافوس، سيتم التباحث في الموضوع على مستوى دولي مع مشاركة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والزعيم الكردي مسعود بارزاني الى جانب قادة افارقة من مالي ونيجيريا وغيرهما، من المتوقع أن يوجهوا نداء قويًا من اجل الحصول على مساعدة دولية للتصدي للمقاتلين الاسلاميين. ويعقد المنتدى بعد ايام على الاعتداءات في باريس ومجازر جديدة ارتكبتها حركة بوكو حرام الاسلامية في نيجيريا، وبينما تشهد قوات مكافحة الارهاب في العديد من الدول الاوروبية حالة تأهب وتقوم بعمليات مداهمة عدة.

وقال خبراء تم التحدث اليهم قبل المنتدى ان خطر نشوء نزاع دولي يشكل التهديد الاكبر على الاستقرار في العالم، ويتقدم بذلك على المخاطر المناخية. ومن المتوقع ايضًا أن تجري مناقشات حول المعارك التي تشهدها اوكرانيا ضد المقاتلين الموالين للكرملين في شرق البلاد.

بدء أعمال منتدى دافوس الأربعاء المقبل
مشاركة قياسية في منتدى دافوس الاقتصادي الدورة الحالية
منتدى دافوس يعقد مؤتمره السنوي

وسيكون الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من بين المشاركين في المنتدى، الذي ستستمر اعماله اسبوعًا، كما من المتوقع أن يغتنم بوروشنكو الفرصة لطلب دعم دولي، بينما سيراقب رد فعل لافروف، الذي تعاني بلاده من عقوبات، بسبب دورها في النزاع الاوكراني على مثل هذا الطلب.

ومع أن أي لقاء رسمي ليس مقررًا، الا أن القادة الاوروبيين الابرز يمكن ان يقرروا عقد اجتماعات مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري على هامش المنتدى للقيام بوساطة من اجل السلام. واعتبر ناهريمان بهرافيش كبير الاقتصاديين لدى "اينفورميشن هاندلينغ سيرفيسس" لوكالة فرانس برس ان "الارهاب والوضع الجيوسياسي سيلقيان على الارجح بظلالهما على دورة هذا العام من المنتدى الدولي، اذ إن كلاً منهما يشكل تهديدًا جديًا للاستقرار السياسي في اوروبا والشرق الاوسط وشمال أفريقيا".

تعزيز النمو
واضاف بهرافيش أن "الوفود هذه السنة ستسعى إلى الحصول على ضمانات حول موضوعين على الارجح. اولا أن الحكومات الوطنية ستتخذ الاجراءات اللازمة للحد من المخاطر الارهابية، وثانياً أن جهودًا كافيًا تبذل لتعزيز النمو في الاقتصاد الدولي".

وسيسعى رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ اول رئيس حكومة لبلاده يشارك في المنتدى منذ 2009 الى تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد الصيني وازالة أي مخاوف حول تباطؤ النمو لدى هذا العملاق الاسيوي.

وستكون الاسواق مترقبة لأي تعليقات لحاكمي مصرف بريطانيا مارك كارني ومصرف اليابان هاروهيكو كورودا، للحصول على معلومات اكبر حول التأثير الذي يمكن أن يترتب على الاتجاهات المختلفة التي تسلكها المصارف المركزية الاكبر في العالم. واختارت اليابان اللجوء الى التحفيز بينما فضل الاحتياطي الفدرالي طيّ صفحة المساعدة الاستثنائية للاقتصاد الاميركي، بينما من المفترض أن يقوم المصرف المركزي الاوروبي بعملية شراء واسعة لديون سيادية للحؤول دون وقوع الاتحاد الاوروبي في انكماش.

ستتركز الانظار ايضًا على رد فعل حكام المصارف المركزية على قرار سويسرا المفاجئ التخلي عن سياسة التدخل في سعر صرف الفرنك السويسري، مما ادى الى ارتفاع الاسعار في دافوس الباهظة اصلاً بنسبة 15% لمستخدمي اليورو والدولار. واثار قرار البنك الوطني السويسري عن سياسته النقدية زلزالاً في الاسواق المالية وافلاس العديد من المتعاملين الدوليين بالعملات الاجنبية.

أبرز المشاركين
بين المشاركين في منتدى هذا العام الذي سينعقد من 22 إلى 25 يناير/ كانون الثاني رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورؤساء كوريا الجنوبية واوكرانيا والمكسيك ونيجيريا. وسيتحدث في المنتدى ايضًا الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبين بلديهما عداء تقليدي.

وسيشارك في المنتدى محافظ بنك انجلترا المركزي مارك كارني ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي ووزير الخزانة الأمريكي جاكوب لو ومحافظ البنك المركزي الياباني هاروهيكو كورودا، إضافة إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك الدولي جيم يونج كيم. ومن بين 2500 مشارك في المنتدى رؤساء جميع المنظمات العالمية الرئيسة واكثر من نصف الرؤساء التنفيذين لألف شركة كبرى من بينهم رئيس مجلس إدارة غولدمان ساكس والرئيس التنفيذي للويدز بلانكفين ورئيس كوكا كولا.

وستكون رئيسة البرازيل ديلما روسيف رئيس الدولة الوحيد من مجموعة بريكس في دافوس، بينما سترسل الهند وفدًا يضم وزير المالية وسيمثل روسيا وزير المالية ونائبان لرئيس الوزراء. وسترسل الصين تشانغ شياو تشيانغ نائب رئيس لجنة التنمية الوطنية والاصلاح، لكن كلاوس شواب رئيس المنتدى الاقتصادي الذي ينظم الحدث قال انه سيكون هناك "زعيم بارز" من الصين لم يدرج اسمه حتى الآن في قائمة الضيوف.

ومن بين المشاركين ايضا ديزاني اليسون مادويكي رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وخالد الفالح الذي يترأس شركة ارامكو السعودية للنفط مع تركيز العالم على أي ايحاء بتغيير في سياسة الكارتل خصوصًا مع تراجع اسعار النفط الى ادنى مستوى منذ ست سنوات. والى جانب السياسة والاعمال، فإن للمشاهير حصة في المنتدى المعروف بسهراته الانيقة والفاخرة. ومن المشاركين هذا العام الامير البير من موناكو والامير اندرو من بريطانيا.

أوكسفام: 1% سيحتكرون نصف الثروات
هذا ورأت منظمة "أوكسفام" لمكافحة الفقر أن "أكثر من نصف ثروات العالم ستصبح العام المقبل حكراً على واحد في المئة فقط من السكان، مع انتشار التفاوت في توزيع الثروة على مستوى العالم". وفي تقرير لها نشرته قبل انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية، قالت المنظمة الخيرية إن الأثرياء زادوا نصيبهم من ثروات العالم من 44 في المئة في العام 2009 إلى 48 في المئة في العام الماضي، مشيرة إلى أنه إذا استمر الوضع على هذه الحال، سيزيد نصيبهم عن 50 في المئة في العام 2016.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة التي تتناوب أيضاً على رئاسة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ويني بيانييما، إن& تفاقم عدم المساواة يعرقل مكافحة الفقر، متسائلة "هل نريد حقًا أن نعيش في عالم يملك فيه واحد في المئة ما يزيد على ما نملكه نحن الباقين مجتمعين؟".

واعتبرت بيانيينا أن "الفشل في حل التفاوت سيعيد الحرب على الفقر عقوداً إلى الوراء. الفقراء سيتضررون مرتين من تفاقم عدم المساواة: سيحصلون على نصيب أقل من كعكة النمو الاقتصادي، ولان التفاوت الحاد يضر النمو، ستكون الكعكة المتاحة للتقسيم أصغر."

في هذا السياق، أكدت "أوكسفام" أنها ستدعو إلى التحرك لمكافحة زيادة انعدام المساواة خلال اجتماع دافوس، الذي يبدأ يوم الأربعاء المقبل، خاصة التهرب الضريبي للشركات وتحقيق تقدم للتوصل إلى اتفاق عالمي بشأن تغير المناخ". وقالت المنظمة الخيرية إن ثروة أغنى 80 فرداً في العالم تعادل ما يملكه النصف الأفقر من إجمالي سكان العالم، أي نحو 3.5 مليارات شخص"، مشيرة إلى أن هذا يعني "تركيزاً أكبر للثروة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام حين كان العدد 85 فرداً من أثرياء العالم".

هوامش نووية
وكان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أكد انه سيلتقي نظيره الاميركي جون كيري وغيره من وزراء خارجية دول مجموعة الدول الست على الارجح على هامش اجتماعي دافوس وميونخ الدوليين. وصرح ظريف "من الممكن ان التقي كيري أو غيره من وزراء دول مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا والمانيا) اثناء المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية من 21 الى 24 كانون الثاني من اجل مفاوضات حول البرنامج النووي الايراني.

واضاف انه من الممكن اجراء "مفاوضات مع نظرائه في مجموعة الدول الست في اثناء قمة ميونيخ" حول الامن، التي تعقد بين 6 و8 شباط/فبراير. قال ان "المفاوضات معقدة. دخلنا في التفاصيل مثل صيغة آلات الطرد المركزي" المخصصة لتخصيب اليورانيوم. وتابع "اثناء المفاوضات يتناقش الخبراء احيانًا لساعات واحيانًا لأيام، ويستعينون ببرامج معلوماتية معقدة تتناول النماذج المختلفة الممكنة" لتشكيلة آلات الطرد. واضاف "امل ان تؤدي النقاشات الجدية الى نتائج. لكنه عمل معقد".

وكرر ظريف الطلب من الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة أن تحجم عن "سياسات الضغوط" التي تعتمدها. واضاف "لطالما قلنا انه للتوصل الى نتيجة فعلى الطرف الآخر وقف سياسته القائمة على الضغط".

ويجتمع زعماء دول وقيادات اقتصادية في مدينة "دافوس" السويسرية، يوم غد الأربعاء، إيذانًا بانطلاق المنتدى السنوي لمناقشة قضايا اقتصادية عالمية ملحة. يشارك في التجمع الذي يعرف رسميًا "المنتدى الاقتصادي الدولي" السنوي قرابة 2500 شخص من 140 دولة مختلفة، بينهم 40 رئيس دولة.

يلتقي المشاركون على ارتفاع 1560 مترًا على سطح البحر، وتعتبر دافوس أعلى المدن في أوروبا، وتنخفض درجات الحرارة خلال شهر يناير/كانون الثاني إلى دون -5 درجات مئوية. ويشار إلى أن المرة الوحيدة التي عقد فيها المنتدى خارج دافوس كان في مدينة نيويورك كلفتة تضامنية بعد هجمات 11/9 عام 2001.

تكاليف باهظة
لا تكشف الجهات المنظمة عن تفاصيل تأمين اللقاء، لكن يعتقد مشاركة قرابة 5 آلاف جندي وعناصر من الشرطة والأمن في تأمين البلدة. يصل ثمن تذكرة المشاركة إلى نحو 20 ألف دولار، وهذا ليس سوى جزء يسير من تكاليف أخرى منها تذاكر السفر، والإقامة، حيث يصل سعر غرفة متوسطة إلى قرابة 600 دولار لليلة الواحدة، وعمومًا قد تصل الفاتورة النهائية للمشاركة في المنتدى إلى زهاء 40 ألف دولار.

تشارك فيه أهم وأبرز القيادات السياسية والاقتصادية، ويعتبر فرصة جيدة للنقاش غير الرسمي خلف أبواب مغلقة وعقد الصفقات، خلال اللقاء السنوي الذي يعقد خلف أبواب مغلقة، ولا يكون عادة مقرًا لإعلانات كبرى.

تشارك فيه الرموز الاقتصادية من حول العالم، من أمثال بيل غيتس وأيريك شميدت إلى جانب قادة دول، من بينهم أنجيلا ميركل، إذ يشهد منتدى 2015 عودة إليها بعد تغيّبها عن تجمع العام الماضي، بجانب رئيس الوزراء الصيني، لي كيكيانج الذي يشارك للمرة الأولى، ويتوقع أن يمثل الولايات المتحدة وزير خارجيتها، جون كيري، بجانب العاهل الأردني، الملك عبدالله وقرينته.

ومن غير المتوقع& مشاركة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أو نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بجانب شائعات متناقلة بشأن تغيّب بابا الفاتيكان عن اللقاء السنوي.

&