حينما تشير عقارب الساعة إلى الثامنة&(من صباح السبت)&بتوقيت أبوظبي، يبدأ تدفق الناخبين في دولة الإمارات إلى 36 مقرًا انتخابيًا للتصويت من أجل إختيار أعضاء المجلس الوطني الإتحادي، حيث لا صوت في الإمارات يعلو فوق صوت الانتخابات، التي اصطلح السياسيون على تسميتها بـ"التمكين التدريجي" على طريق منح المواطنين الفرصة للمشاركة في إدارة الشؤون العامة للبلاد، والمساهمة في صنع القرار السياسي.


سالم شرقي من دبي: "إيلاف" تتابع التجربة الانتخابية في الإمارات عن قرب منذ بداياتها حتى الآن، ويمكن القول إن هناك 5 أسباب تمهد الطريق لنجاح تجربة التمكين السياسي التدريجي في بلد لا يجعل من السياسة مؤشرًا لسعادته، فقد تجاوز ذلك بفضل عقلية قيادته، التي طبقت مبدأ "الإقتصاد هو الحل"، فأصبحت دولة الإمارات نموذجًا إقتصاديًا وتنمويًا فريدًا في المنطقة العربية والشرق أوسطية، الأمر الذي منحها الإستقرار الداخلي، وجعلها واحدة من أكثر وجهات العالم جذبًا للباحثين عن العمل، والراغبين في السياحة.

تدريجي يقاوم الفوضى
ما يميز التجربة الإماراتية في الانتخابات، أنها تقوم على مبدأ التمكين التدريجي المدروس جيدًا، لكي لا يقع الإماراتيون في فخ "ديموقراطية وحرية الفوضى"، ومع مرور الوقت يستفيد الجميع - ناخبين وحكومة - مما تفرزه التجربة على أرض الواقع، وسط مؤشرات تؤكد نجاح مبدأ "التمكين التدريجي".

لا يعرف الطائفية
في الجوار الإماراتي "على المستوى الخليجي" وقعت التجربة البرلمانية والإنتخابية في أسر الطائفية، حتى وإن لم يكن هناك إعتراف رسمي أو إعلامي بهذا المأزق، ولكن في دولة الإمارات، التي توجد فيها نسبة من الشيعة لا تقلّ عن 8 إلى 10 %، لم يتم طرح هذا الجانب من قريب أو بعيد، وسط قناعة تامة بأن المرشح الإنتخابي لا هوية له سوى أنه "إماراتي"، وهو إنعكاس لموروث شعبي يرتبط بطبيعة الشعب.

قبضة القبيلة والعائلة
لا يمكن تجاهل فكرة التصويت على أساس "عائلي" أو مجاملة لـ"ابن الفريج"، أي أبناء الجوار في الأحياء السكنية، ولكن غالبية الأسماء المرشحة في الإنتخابات طالبت الناخبين علانية بتجاهل هذه الأفكار، والإنحياز إلى المرشح الأفضل، حتى لو لم يكن ابنًا للعائلة، أو جارًا، وفي حال حدث ذلك، فسوف تكون الإمارات صاحبة الفضل في بدء طريق القضاء على "العصبيات العائلية" التي تسيطر على انتخابات غالبية الدول العربية.

هل الإماراتية الأقوى عربيًا؟
وفقًا لما أعلنه أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات، فإن 48 % ممن قرروا خوض الاستحقاق الانتخابي والترشح لدخول المجلس الوطني من النساء، بل إن هناك بعض الإمارات تفوق فيها النساء على الرجال من حيث العدد، وهو أمر لا مثيل له في جميع التجارب الإنتخابية في المنطقة العربية، حتى في الدول صاحبة التجارب الأعمق تاريخيًا، مثل مصر على سبيل المثال، فالمرأة غالبًا ما يتم تعيينها في البرلمانات العربية، تجنبًا لفشلها في النزول إلى الشارع، وإقتاع الناخبين باختيارها.

لكن ما يعاب على تجربة ترشح المرأة في الإمارات "أو غيرها" أن المرأة لا تنتخب المرأة غالبًا، وهو أمر يتعلق بالطبيعة البشرية، وبدورها أكدت حرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة، أن مشاركة بنات الإمارات في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي بشكل فاعل، واجب وطني على كل امرأة إماراتية تسعى إلى المساهمة بإيجابية في نهضة بلادها.

شبابية بـ"السوشيال ميديا"
تحمل إعلانات المرشحين، التي تمتلئ بها شوارع أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة وأم القوين، تحمل وجوهًا شابة، حيث يبلغ إجمالي عدد المرشحين لانتخابات المجلس الوطني 329 مرشحًا، موزعين عبر مناطق الدولة بواقع 89 مرشحًا في إمارة أبوظبي، و60 مرشحًا في إمارة دبي، و61 مرشحًا في إمارة الشارقة، و40 مرشحًا في إمارة رأس الخيمة، و36 مرشحًا في إمارة الفجيرة، و23 مرشحًا في إمارة عجمان، و20 مرشحًا في إمارة أم القيوين، واللافت أن غالبيتهم من الشباب.

ويمكن القول إن المجلس المقبل سوف يفيض شبابًا وحيوية، فقد أدرك الإماراتيون مبكرًا أن ضخ الدماء الشابة في شرايين التجربة الوليدة سوف يجعلها أكثر نجاحًا وحيوية، ومن بين المؤشرات القوية على "شبابية" تجربة التمكين والإنتخابات في الإمارات أنها تقوم في جزء كبير من الدعاية على مواقع السوشيال ميديا، والتي يتواجد فيها الآلاف من شباب الإمارات، ومن المعروف أن دولة الإمارات من أعلى دول العالم في معدلات التواصل الدائم عبر مواقع السوشيال ميديا.

&