لليوم الثاني على التوالي تشهد مناطق في أقليم كردستان العراق تظاهرات ضد الحكومة الكردية وحزب برزاني حيث قتل شخص على الأقل وجرح آخرون بسبب صدامات مع الشرطة.

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: اتسعت رقعة التظاهرات العراقية لتصل الى اقليم كردستان الذي ظل يتمتع بمتسع من الاستقرار على مبعدة من المحافظات العراقية المشتعلة طوال 13 عاماً.

وكانت تظاهرات غاضبة انطلقت قبل نحو شهرين في محافظات وسط وجنوب العراق تطالب بمحاربة الفساد وتحسين الخدمات، ولم تزل تتواصل أسبوعياً وسط استحابة مرتبكة من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.

أما في إقليم كردستان شمالا فقط تزامنت تظاهرات بغداد وأخواتها مع أزمة سياسية ظلت عصية على الحل تمثلت بتمسك رئيس الاقليم بمنصبه ساعياً مع حزبه (الحزب الديموقراطي الكردستاني) بولاية ثالثة ترفضها بقية الاحزاب الكردية. وكان متابعون عراقيون ينظرون الى غقلبم كردستان بعين قلقة مع تحضيرات شباب كرد بدأوا قبل شهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتحضرون لتظاهرات مماثلة لبغداد والبصرة وبابل وذي قار وواسط والقادسية وميسان.

وقد كشفت هذه الاعتراضات عن استبداد حزبي وعشائري مدعوم بفساد سياسي يقول العاضون الكرد أن عائلة الرئيس برزاني محوره. وهو ماتنفيه اوساط برزاني وحزبه الذي يتهم معارضيه بالتحريض ضده، في ردود تذكر بردود رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي كان يتهم كل تظاهرة ضده بتحريض من معارضيه، كما كتب ناشطون كرد على مواقع التواصل الاجتماعي.
&

حرق مقرات برزاني

المتظاهرون الغاضبون أضرموا النار يوم أمس واليوم في مقرين للحزب الديمقراطي الكردستاني في منطقة قلعة دزة، ومنطقة كلار في محافظة السليمانية". وقد أدى إحراق مقر الحزب في منطقة قلعة دزة، الى مصرع شخص وإصابة آخرين، وفق ماصرح به مصدر أمني كردي لمواقع أخبارية عراقية.

التظاهرات تواصلت اليوم متسعة الى مناطق أخرى في محافظة السليمانية التي تعتبر معقلا للاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير خصمي حزب برزاني المتظاهرين ففي قضاء كلار التابع لمحافظة السليمانية رشق المحتجون مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بالحجارة تعبيرا عن غضبهم بسبب تاخر دفع الرواتب”.

وفي وسط مدينة السليمانية تظاهر المئات للمطالبة بصرف الرواتب المتاخرة، وقدموا الورود للقوات الامنية، وأصيب ستة متظاهرين بصدامات مع القوات الامنية في قضاء سيد صادق جنوب المحافظة.
&

حكومة الاقليم تطالب بالهدوء

حكومة اقليم كردستان طالبت في بيان لها اليوم السبت القوات الامنية والمواطنين بتهدئة الاوضاع التي يمر بها الإقليم، فيما طالبت بالحفاظ على امن المواطنين والمؤسسات الحكومية.

وقال بيان للحكومة في الاقليم تداولته مواقع إخبارية عراقية إن “اقليم كردستان يمر بظروف حساسة واستثنائية ويحارب مع اخطر تنظيم ضد الانسانية ويواجه مجموعة من الازمات الصعبة”، مبينة أن “المتظاهرين يواجهون اعمال عنف في بعض الاماكن من كردستان والمواطنون وموظفو الحكومة صاروا ضحية هذه الأعمال”.

وأعرب البيان عن اسف الحكومة ”لوجود ضحايا بين صفوف المتظاهرين”، مطالبة الجهات السياسية والمتظاهرين بأن “يتعاملوا مع الأوضاع بشكل هادئ ومدني”.

وحذر البيان من ان” تكون أي جهة سبباً في تعقيد الاوضاع اكثر وان يتعاونوا على تهدئة الاوضاع والسيطرة على الظروف في مثل هذه المرحلة الصعبة”.

ودعا بيان الحكومة قوات الاسايش (الآمن) والشرطة وجميع الجهات المعنية الى “تسخير جميع محاولاتهم للحفاظ على امن المواطنين والمؤسسات الحكومية والتعامل مع الوضع بمسؤولية وان يكونوا مصدراً للتهدئة في البلاد”.

وتتجه الانظار الى محافظة أربيل عاصمة الاقليم الكردي التي تعد المعقل الرئيس لحزب برزاني، حيث يقول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم يتحضرون للخروج في تظاهرات كبيرة ضد حزب برزاني.

وأعلنت السليمانية تعطيل الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية لثلاثة أيام بسبب الأوضاع التي تشهدها المحافظة.
&

برزاني يتهم نوشيروان

الحزب الديمقراطي الكوردستاني اتهم اليوم السبت زعيم حركة التغيير نوشيروان مصطفى مسؤولية العنف الذي اعقب التظاهرات في السليمانية والتي اعتبرها غير عفوية.

وقال الحزب في بيان اطلعت عليه إيلاف "حصلت عمليات تخريب لمقراتنا بإسم المظاهرات، في حدود محافظة السليمانية وكرميان، والحقيقة تبين بأن هذه المظاهرات لم تكن عفوية، بل تم التخطيط لها قبل مدة، لزعزعة الوضع والاعتداء على مقراتنا، في الوقت الذي تحمي قواتنا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني أقليم كوردستان من تنظيمات داعش".

وأضاف البيان ان "نوشيروان مصطفى ومن يتبعه هم المسؤولون عن هذه الازمة، وسيكون لدينا الرد المناسب لكل من خطط أو حاول ان يفتعل &الازمات، وعليهم ان يدفعوا الثمن لاعتدائهم على مقراتنا".

وقال "في نفس الوقت فقد قصرت مؤسسات واجهزة الاتحاد الوطني الكوردستاني في الحفاظ على مقراتنا، لأن المسؤولية الادارية والمؤسسات الامنية وقوات الامن في هذه المناطق هي بيد الاتحاد الوطني الكوردستاني".

وبين الحزب بحسب البيان "الخطوة الاولى لرد الحزب الديمقراطي الكوردستاني سيتمثل بإمتلاكنا الحرية الكاملة في اتفاقات تشكيل حكومة الاقليم ورئاسة برلمان إقليم كوردستان، ومشاركة جماعة نوشيروان بها".

ودعا البيان "كل اعضاء &وكوادرنا الحزبية التحلي بالحكمة، وحماية المدن وجميع المناطق في اقليم كوردستان".
&

تحذير وسائل الاعلام

وزارة الثقافة والشباب في حكومة اقليم كوردستان، وجهت، اليوم السبت، تحذيرا شديد اللهجة الى وسائل الاعلام، تتهماها بممارسة دور سيئ في التحريض على الفوضى والعنف واذكائهما.

وجاء في بيان للمديرية العامة للاعلام والطباعة والنشر في الوزارة أنه "بعد الاحتجاجات والتظاهرات، مارست اجهزة الاعلام دورا سيئا بصورة عامة في التحريض على العنف واذكاء اوضاع الفوضى والعنف وتحويل مسار التظاهرات المدنية".

وحذر بيان الوزارة بشدة وسائل الاعلام مشيرا الى انها تراقب الوضع المتردي للاعلام عن طريق شعبة (الرصد والمراقبة) في القسم القانوني بشكل دقيق وتسجل الخروقات.

وأشار البيان الى ان الوزارة لا تتخذ حالياً موقفا من وسائل الاعلام، لان اغلب هذه المؤسسات اما تتبع الاطراف السياسية او انها اعلام الظل للاحزاب، لافتا الى ان الاشتراك في الصراعات السياسية ليس من شؤون الوزارة.

وطالب البيان وسائل الاعلام القيام بواجهم المهني ولا يصبحوا محرضين على العنف والفوضى.
&

البرلمان العراقي يطالب بالحكمة

من جهته دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري السبت الاطراف الكوردية الى التحلي بالحكمة والهدوء واللجوء الى الحوار وذلك بعد تصاعد الاحتجاجات والعنف في السليمانية.

وقال الجبوري في بيان له "ندعو جميع الاطراف الكوردية الى التحلي بالحكمة والهدوء واللجوء الى الحوار بدلا من التراشق الإعلامي أو استخدام القوة".

ودعا الى "تكثيف اللقاءات ودعم الحوار الداخلي وتغليب مصلحة الإقليم والعراق في هذا الظرف الصعب والحساس خصوصا ان الإقليم يقف على ثغر مهم في مواجهة داعش ممثلا بقوات البيشمركة الشجاعة".

وقال إن "جميع المشاكل لها حلول اذا ما استحضرت جميع الاطراف النية المخلصة والصادقة في التفاهم"، مشدداً على ضرورة "الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية واستقرار وأمن الإقليم والتي لم تأت الا بعد التضحيات التي قدمها الشعب الكوردي والنضال الطويل لأحزابه".

يذكر أن إقليم كردستان العراقي الذي يضم محافظات أربيل والسليمانية وجهوك يتمتع بحكم ذاتي وشبه استقلال عن الحكومة المركزية في بغداد التي تضم وزارء كرد ومثلهم في البرلمان العراقي.&

ويتهم ناشطون كرد والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يزعمه الرئيس العراقي السابق جلال طالباني ونوشيروان مصطفى رئيس حركة "تغيير"، رئيس الاقليم بالتخلي عن الترشح للانتخابات في ولاية ثالثة، لانها مخالفة دستورية، حسب قولهم. ويتهمون حزبه وعشيرته بالسيطرة على مقدرات الاقليم الذي يعاني من ضائقة مالية كبيرة بسبب تراجع أسعار النفط حيث تخصص له الحكومة المركزية في بغداد 17% من الميزانية سنوياً.