طرح العديد من التكهنات بشأن الجهة المسؤولة عن تفجيرات يوم السبت الماضي في انقرة والتي ادت الى سقوط حوالى ١٠٠ قتيل حسب الارقام الرسمية فيما تشير ارقام غير رسمية الى ان عدد القتلى بلغ ١٢٨ شخصا فيما اصيب ٥٥٢ شخصا آخر.&

إعداد ميسون أبو الحب: تعتبر السلطات التركية ان هناك ثلاث جهات رئيسية ربما تكون متورطة في هذه الاحداث الدامية اولها الانفصاليون الاكراد من حزب العمال الكردستاني التركي المعروف باسم "بي كي كي"، ثم منظمات يسارية متطرفة مثل الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني او حزب الجبهة الثورية لتحرير الشعب ثم تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".

ويفضل الاعلام المقرب من السلطة توجيه التهم الى حزب بي كي كي قائلا إن مثل هذه الاعمال ستكون في صالح الحزب قبل انتخابات الاول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

ونقلت صحيفة لا ليبيراسيون الفرنسية عن اورهان ميروغلو وهو نائب كردي موال للحكومة قوله "شاهدنا مثل هذه الافلام سابقا وهدفها تجميع مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد في الشارع ثم عرض انفسهم كضحايا قبل الانتخابات"، حسب قوله رغم ان من المعروف عن بي كي كي انه لا ينفذ عمليات ارهاب عمياء بل يركز على اهداف معينة وهي قوات الامن والشرطة والعسكر وممثلي الدولة.

يد ايرانية او اميركية

ويشك البعض في الاوساط المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في ان تكون لاجهزة المخابرات الايرانية يدا في هذه الاعمال فيما هاجمت الصحيفة القومية ايجنلك التي توزع حوالى ٤٨ الف نسخة الولايات المتحدة التي "تشعر بالاستياء من حرب تركيا على ارهاب بي كي كي ومن التقارب بين انقرة وموسكو".

ويعتقد اليسار واليسار المتطرف التركي بأن هذه التفجيرات لا تخدم احدا غير السلطة حتى لو لم تكن الحكومة نفسها وراءها. وفي هذا الاتجاه نشرت صحيفة كردية اشتراكية اسمها "بيرغون" عنوانا ضخما "لتسقط سلطة الموت".

هناك داعش ايضاً

ولكن اكثر الاتهامات توجه الى تنظيم الدولة الاسلامية وقد قامت الشرطة باحتجاز ١٤ شخصا بينهم امرأة بتهمة الانتماء الى التنظيم في كونيا وسط الاناضول. أما هدف هذه الهجمات فهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد والذي تعرض الى هجمات سابقة في ديار بكر في نهاية الحملة الانتخابية الاخيرة قبل السابع من حزيران (وتم تحديد هوية المسؤول عنها وهو من تنظيم داعش) ثم الهجوم الانتحاري في سروج قرب الحدود مع سوريا يوم ٢٠ تموز وقد استهدف الجماعات الكردية واليسارية نفسها كما حدث يوم السبت في انقرة. وردا على عملية سروج التي اسفرت عن سقوط ٣١ قتيلا اغتال حزب بي كي كي ضابطي شرطة واعلن مسؤوليته عن العملية وهو ما ادى الى استئناف الحرب المعلنة بين الحزب والحكومة.

ما هو مستوى وجود داعش في تركيا؟

أفادت معلومات نشرتها صحيفة حرييت التركية قبل شهر بأن جهاز الامن التركي يعتقد ان هناك ٣ الاف تركي تقريبا يقاتلون في سوريا والعراق أغلبهم في صفوف تنظيم داعش.

وكانت الحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية تسمح بتسلل متطوعين واسلحة تصل الى الحركات الجهادية في سوريا عبر حدود طولها ٨٠٠ كيلومترا.

وذكرت الصحيفة الفرنسية ان هناك صور وفيديوات صورت في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا تظهر كيف يقوم جنود وشرطة اتراك بمساعدة مسلحي تنظيم داعش على المرور بالمعابر الحدودية بكل سهولة.

تغير المعطيات

كتب رئيس الوزراء داوود اوغلو في عام ٢٠١١ بأن "داعش جماعة شكلها شباب سنة غاضبون بسبب شعورهم بالتهميش وبالاحباط من انظمة دكتاتورية في الشرق الاوسط".

ولكن بربرية داعش غيرت الاوضاع فوجدت انقرة نفسها تحت ضغوطات متزايدة من جانب الحلفاء الاميركيين والاوروبيين لمحاربة التنظيم ما دعاها الى اتخاذ عدد من الاجراءات مثل اغلاق الحدود ومنع تنقل المتطوعين ومنع دخول النفط الذي يمول داعش.

وكانت النتيجة ان تركيا تحولت الى هدف للتنظيم الذي يمكنه الاعتماد على &خلايا نائمة داخل تركيا نفسها، سواء في غرب البلاد ام في شرقها ذي الاغلبية الكردية حيث تقاتل جماعات اسلامية متزمتة الى جانب حزب بي كي كي منذ فترة طويلة.

ويعتقد مختصون ان ما يقارب من الفي ناشط من جماعة داعش موجودون حاليا في تركيا.

هل ستؤجل الانتخابات؟

ليس هناك اي اشارة في الدستور التركي الى تأجيل الانتخابات في حالة وقوع حرب. ويؤكد المسؤولون بأن مثل هذا التأجيل غير وارد. ولكن المسألة الاهم هنا هي هل ستجري الانتخابات بشكل طبيعي رغم حوادث العنف اليومية تقريبا في جنوب شرق البلاد؟

السلطة متهمة

وهناك جهات عديدة توجه الاتهام بالمسؤولية عن تفجيرات السبت الى الحكومة نفسها ومنها حزب الشعوب الديمقراطي كما يلاحظ في هتافات رددها متظاهرون احتجاجا على المجزرة ومنها "يجب محاسبة الدولة التي تقتل" فيما رفع البعض لافتات كتبوا عليها "نعرف من هم القتلة". ودعا لامي اوزغن رئيس اتحاد نقابات العمال في القطاع العام الى اضراب في يومي الاثنين والثلاثاء. من جانبه طلب المجلس الاعلى السمعي والمرئي التركي بتعميم طلب ورد من رئيس الوزراء بعدم بث صور المأساة ولكن لوحظ عدم التزام اي قناة بهذا القرار وبضمنها قنوات موالية للحكومة.

ويعتقد فهيم تاستيكين وهو خبير في مشاكل الشرق الاوسط وصحفي في أن الحكومة التركية قادرة على استغلال مؤيدين لداعش سواء بشكل مباشر ام غير مباشر.

وكان &رئيس الوزراء قد قال صباح الاحد "إن المرجح ان انتحاريَين نفذا الهجوم &ويحمل كل منهما خمسة كليوغرامات من مادة تي اين تي مع مئات الكرات المعدنية لجعل التفجير اكثر دموية".

وقع التفجيران السبت الساعة العاشرة تقريبا صباحا امام المحطة الرئيسية في انقرة حيث تجمع عشرة الاف شخص تقريبا في طريقهم الى ساحة سيهيا للمشاركة في تجمع من اجل السلام والديمقراطية والعمل.

الجهات المنظمة لهذا التجمع هي اتحاد اطباء واتحاد غرف المهندسين والمعماريين الاتراك وتشكيل يساري يضم ٨٠ نائبا من مجموع ٥٥٠ داخل البرلمان وحزب الشعب الجمهوري، الاجتماعي الديمقراطي وله ١٣١ مقعدا، واحزاب يسارية اخرى ومنظمات غير حكومية.

وكان هدف التجمع الاعتراض على سياسة الحكومة القمعية التي تمارسها منذ ٧ حزيران (موعد اخر انتخابات عامة في البلاد)، والتي ظهرت في شكل استئناف الهجمات على الانفصاليين الاكراد واستهداف مدنيين في مناطق جنوب شرق الاناضول تحت مبرر مكافحة ارهاب حزب العمال الكردستاني التركي الذي يخوض حربا مسلحة ضد الحكومة المركزية منذ ١٩٨٤.

ووفقا لصحيفة جمهوريت اليسارية، قتل ٦٩٤ مدني وعسكري منذ بدء هذه العمليات.