يطالب الحراك المدني ومعظم الأحزاب السياسيّة في لبنان بإقرار قانون انتخابي جديد على أساس النسبية، ويبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري من أكثر الداعمين لهذا القانون على أساس النسبيّة.

بيروت: "المطلوب قانون انتخابي عصري يعتمد على النسبية يسمح لمكونات المجتمع اللبناني بالتمثل داخل المجلس النيابي". هذا ما يردده الحراك المدني وتدعمه معظم الأحزاب في لبنان.

ويرى بعض الداعمين للتحركات الشعبية أن بداية التغيير المطلوب تكون عبر الدفع باتجاه إقرار قانون جديد للانتخابات تكون النسبية أساسًا له، وقد يكون رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من أكثر الداعين إلى تطبيق النسبية، حيث أعلن أخيرًا أنه لن تكون هناك انتخابات نيابية خارج النظام النسبي، لافتًا إلى أنه سبق له أن طرح مشروعًا متوازنًا على قاعدة 64 نسبي و64 أكثري، من شأنه أن يسمح للمسيحيين باختيار 52 نائبًا بأصواتهم المجردة والتأثير على مقاعد لدى الطوائف الأخرى.

الوصول إلى الإصلاح

ويعتبر الخبير القانوني حكمت غانم في حديثه لـ "إيلاف" أن خيار إعتماد قانون إنتخاب وفق القاعدة النسبية هو أكثر الخيارات تداولاً للولوج إلى الإصلاح السياسي الموعود في لبنان، هو أمرٌ متوقعٌ وطبيعي نظرًا للمزايا الفريدة التي يتمتع بها النظام النسبي المعتمد في كثير من الدول الديمقراطية.

غير أن البارز في لبنان أن دعاة تطبيق النسبية هم أكثر طوقًا للهروب إليها لتغيير النظام القائم وربما لحسابات إنتخابية محددة، من رغبتهم في الوصول من خلالها إلى دولة أفضل ونظام أكمل.&

ويضيف:"مما لا شك فيه أن النظام النسبي، عندما يُطبق بنجاح، هوأفضل قوانين الإنتخاب ضمانًا للتمثيل الشعبي العام. النسبية تحرّر الأقليات من إضطهاد المحادل السياسيّة والمناطقية والمالية والعسكرية والمذهبية وغيرها. هو النظام الأكثر تمثيلاً لرغبات وتلاوين الشعب ولذلك فهو أكثر ديمقراطية من الناحية التمثيليّة، لأنه يسمح لكل تيارات الشعب أن تعبر عن نفسها. كما أنه يحوِّل المجلس النيابي إلى مساحة تلاق وحوار وتفاعل كل تلونات الشعب دون عزلٍ أو إقصاء لأيٍ كان إستهتارًا بحجمه التمثيلي في المجتمع.

ويشجع النظام النسبي المجتمع على الحراك ويساهم في تأسيس أحزاب سياسية جديدة، كما يفرض على الأحزاب الكبرى مراعاة مختلف الشرائح الشعبية عند تشكيل اللوائح.

ومن أهم مكتسبات إعتماد النظام النسبي بالنسبة لغانم أنه يوصل إلى المجالس النيابية ممثلين لقضايا محدّدة خارج إطار اللعبة السياسية العامة كالتيارات المناصرة للبيئة مثلاً إضافةً إلى قضايا نقابية وإنسانية وغيرها. كما تساهم النسبية في الحد من فرص التلاعب بالنتائج مقارنةً بالنظام الأكثري حيث يمكن لتلاعب بسيط في قلم إقتراع واحد أن ينسف تمثيل حزبٍ بشكل كامل ويعطي هيمنة لآخر بفارق أصواتٍ ضئيل.

محاذير النسبية في لبنان

ويعتبر النائب السابق والخبير القانوني الدكتور صلاح حنين في حديثه ل"إيلاف" أن مشكلة النسبية في لبنان بوجود الطوائف، لذلك يجب أن نأخذ في الاعتبار المنطقة والطائفة، وبانتفاء وجود أحزاب تحدد المراكز فإن مسألة النسبية صعبة في لبنان، ففي الخارج كفرنسا مثلاً مع انتفاء وجود الطائفية يمكن أن نعمل بنظام النسبية في الانتخابات، لكن في لبنان مع وجود الطائفية وانتفاء تحديد مهام الأحزاب من الصعب تطبيقها.

ويضيف:"لنفترض طبقت النسبية في لبنان فهي لا تعطي نتائج ترضي الجميع، وفي عمق الموضوع النظام الأكثري سيبقى، مع وجود المحادل، ولن يتغير المشهد السياسي، وستبقى القوى السياسية ذاتها متحالفة مع بعضها."