ستراسبورغ: تبت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان الخميس في قضية تجريم انكار ابادة الارمن الشائكة، على غرار ما جرى بخصوص محرقة اليهود، في اطار ادانة سياسي تركي في سويسرا.

وتعلن الغرفة الكبرى، المؤلفة من 17 قاضيا في المحكمة الاوروبية، قرارها في الساعة 09:45 تغ بخصوص، هذه النقطة المثيرة للجدل التي تطال حدود حرية التعبير. كما يمكن لهذا القرار، الذي سيكون نهائيا، ان يؤثر على قضية معلقة حاليا في فرنسا، تطعن فيها جهة تنكر محرقة اليهود في دستورية القانون الذي يجرم انكار المحرقة.

تعود احداث القضية، التي يفترض أن يبت فيها القضاة الاوروبيون الخميس الى 2007، حيث غرم القضاء السويسري السياسي التركي دوغو برينتشيك بعد تصريحه علنا ان نظرية حدوث ابادة ارمنية في مطلع القرن العشرين "كذبة دولية". ورفع برينتشيك قضيته الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، معتبرا ان ادانته انتهاك لحريته في التعبير.

وفي قرار في محكمة درجة أولى، صدر في كانون الاول/ديسمبر 2013 شاطرته المحكمة هذا الموقف، وذكرت بانها تستطيع الاقرار بحدود لحرية التعبير شرط وجود تسويغات متينة لهذه الحدود، الامر الذي لم يتم في هذه القضية بحسبها. لاحقا تمكنت سويسرا من اعادة فتح القضية بإحالتها إلى الهيئة العليا في المحكمة الاوروبية.

وفي اثناء جلسة حول جوهر القضية في كانون الثاني/يناير 2015 في ستراسبورغ اكد ممثل السلطات السويسرية ان نفي الابادة يضاهي "اتهام الارمن بتزييف التاريخ، وهذا احد اكثر انواع التمييز العرقي حدة". في المعسكر المقابل، اكد محامو برينتشيك وكذلك محامو الحكومة التركية ان ابادة الارمن ليست موضع "اجماع عام"، على عكس محرقة اليهود.

واستعادت المحكمة الاوروبية هذه الحجة في قرارها الاول عام 2013. لكنها لم تتخذ اي قرار بخصوص حجم المجازر بحق الارمن في 1915 ولا توصيفها بانها& ابادة". ولطالما رفضت تركيا الاعتراف باي حملة متعمدة للقضاء على الارمن، متحدثة عن مقتل حوالى 500 الف ارمني (مقابل 1,5 مليون بحسب ارمينيا) نتيجة المعارك او المجاعة.

واكد احد محامي برينتشيك، لوران بيش، في الجلسة انه بعد مئة عام على تلك الاحداث، لا يمكن الاقرار في هذا الملف "بحقائق تاريخية تتعلق بالدولة"، لافتا الى ان موكله "لم يطعن في حصول المجازر، ولا دافع عنها، ولا حرّض على كره الارمن"، لكنه نفى فحسب وجود نية ابادة لدى السلطات العثمانية انذاك. واشار الخبير القانوني الفرنسي نيكولا ايرفيو المتخصص في شؤون المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان الى ان احدى النقاط الاكثر ترقبًا في قرار الخميس تتعلق بكيفية تمييز المحكمة، ان ميزت حقا، بين الابادتين.

واشارت المحكمة في قرار 2013& الى الحاجة الى "التمييز الواضح" بين قضية برينتشيك، واخرى تتعلق "بانكار جرائم المحرقة"، وهي "وقائع تاريخية، احيانا ملموسة جدا، على غرار وجود غرف الغاز"، وتم بالفعل "التحقق من صحتها بقرار قضائي دولي". وتابع ايرفيو ان "المسالة التي يثيرها القرار المتعلق ببرينتشيك هي الترابط الشامل للتشريعات التي تجرم انكار (الابادات) في اوروبا".

وباتت هذه المسألة اكثر سخونة مع نظر المجلس الدستوري الفرنسي حاليا في قضية تتعلق بشرعية القانون الذي اقر في 1990 لتجريم التشكيك في جرائم ضد الانسانية. واضاف ايرفيو "اذا ايدت المحكمة الاوروبية موقف برينتشيك، موضحة ان تفنيدها ينطبق على جميع الابادات، فهذا سيضعف الى حد كبير القانون الفرنسي لابادة اليهود".
&