انحاز العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمطالب شعبية ومن قانونيين وخبراء دستوريين بإصدار أمر ملكي برد مشروع قانون اللامركزية للعام 2015 لمجلس الأمة لمخالفة دستورية في مشروع القانون.


نصر المجالي: قال أمر العاهل الأردني الذي صدر يوم الأحدو وقوبل بارتياح شعبي كبير إن رد مشروع القانون الذي كان أقره مجلسا (النواب والأعيان)، لأن الفقرة (أ) من المادة 6 وهي تنص على أن (يكون لكل محافظة مجلس يسمى (مجلس المحافظة) لا تتوافق ومضمون القرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية رقم (1) لسنة 2015، والمستوفي لشروطه الدستورية، مما يسِمُها بعدم الدستورية، ويجعلها مخالفة لإحكام المادة (121) من الدستور، وهذه المادة تنص على أن "الشؤون البلدية والمجالس المحلية تديرها مجالس بلدية أو محلية وفقا لقوانين خاصة".

وكانت مطالب من خبراء دستوريين ومختصين رفعت إلى العاهل الأردني برد مشروع القانون كونه يمثل اغتيالاً لمشروع اللامركزية، حيث اشاروا إلى أنّ هنالك مخالفة صارخة لم تكن مُتوقعة، وهي تلك المتمثلة بقرار الجلسة المشتركة لمجلسي الاعيان والنواب بحيث أفرغا قانون اللامركزية من جوهره، حين ازالوا الصفة الاعتبارية عن مجلس المحافظة (البرلمان المحلي) ليصبح ليس الا مسمى آخر للمجلس الاستشاري القائم حاليا الذي هو ليس أكثر من هيئة تقدم بعض التوصيات الى المحافظ، لا تُقدّم ولا تُؤخّر في الاداء الاداري والتنموي.

وكان وزير الداخلية الأردني الأسبق المهندس سمير الحباشنة وعضو مجلسي النواب والأعيان الأسبق كتب مقالا في صحيفة (الدستور) يوم 8 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي فند فيه الأخطاء التي ارتكبتها الجلسة المشتركة لمجلسي الأعيان النواب حين أقرت مشروع القانون.

موقف الحباشنة

ووجه الوزير السابق الحباشنة أصابع الاتهام لرئيس مجلس الأعيان عبدالرؤوف الروابدة بأنه وراء ما يمكن تسميته بـ"اغتيال مسروع قانون اللامركزية"، في مقال له بجريدة الدستور.

إلى ذلك، توقعت مصادر إعلامية أردنية أن يكون لرد الملك لمشروع القانون تأثير سلبي على تشكيلة مجلس الأعيان الحالية وخصوصا رئيسه الدكتور عبدالرؤوف الروابدة، وذلك لما يقال بأن تبني مجلس الامة للمادة المذكورة التي رد بسببها الملك مشروع القانون جاء بعد مداخلة قوية من رئيس المجلس عبدالرؤوف الروابدة تبنى فيها رايا يخالف قرار المحكمة الدستورية على الرغم من تحذيرات رئيس الحكومة عبدالله النسور في الجلسة ذاتها الى أن إقرار المادة بالصيغة التي صوت عليها مجلس الأمة من شأنه "إسقاط القانون".

وفي تلك الجلسة المشتركة أكد النسور خلال مداخلة على أن منح مجالس المحافظات شخصية اعتبارية يمثل استجابة لقرار المحكمة الدستورية، محذرا من أن عدم المجلس هذه الشخصية والاستقلال المالي والإداري، فإنه سيتم الطعن بدستورية قانون اللامركزية بعد إقراره وإسقاطه.

إلاّ أن الروابدة كان قد طالب بعدم منح المجلس شخصية اعتبارية، معتبرا ذلك بمثابة تشكيل هيئات مستقلة جديدة تزيد من أعباء الدولة المالية وقال أنه لا يوجد مجلس يعطى شخصية اعتبارية، بل إن الشخصية الاعتبارية تعطى للإقليم أو المحافظة وليس للمجلس التنفيذي أو مجلس المحافظة.

مستقبل الروابدة

ويقول تقرير لموقع (جفرا نيوز) الالكتروني إن مداخلة الروابدة هذه غيرت المزاج العام تحت القبة وجذبت نواب وأعيان للتصويت معها وهو ما نتج عنه إقرار القانون بالصيغة التي رفعت الى جلالة الملك الذي لم يجد من بُد الا رد القانون.

ويلاحظ هنا أن مخالفة الأعيان للنواب على القانون كانت عكس الرغبة الحكومية التي إنسجم معها النواب في البداية وأقروا الشخصية الإعتبارية لمجلس المحافظة: وهي من المرات القليلة التي يكون فيها النواب أقرب رؤية الحكومة من الأعيان.

وتقول (جفرا نيوز) إن مراقبين للمشهد السياسي الداخلي توقعوا أن يطيح قانون اللامركزية برئيس مجلس الأعيان في التشكيلة الجديدة بعد أن تبنى رأياً خالف فيه الحكومة والمحكمة الدستورية فيما يرى آخرون أن الروابدة قدم رأيه الشخصي كرئيس لمجلس الأعيان وأحد أعضاء مجلس الأمة وأنه قدم رأيه هذا تحت قبة البرلمان وكجزء من عمله ومهامه وأنه لن يؤخذ بجريرة الخطأ الذي وقع فيه مرجحين أن يبقى رئيسا للأعيان لسنتين مقبلتين.

إشادة النائبين الأخوين عطية

إلى ذلك، اشاد النائبان الاخوان خليل وخميس عطية بأمر الملك عبدالله الثاني رد مشروع قانون اللامركزية الى مجلس الامة.

وقالا في تصريح صحفي مشترك "إن جلالة الملك حامي الدستور والحريص على عدم مخالفته لذلك قرر رد مشروع قانون اللامركزية لانه مخالف الدستور".

واضاف الأخوان عطية ان قرار الملك عبدالله الثاني برد مشروع قانون اللامركزية جاء بسبب مخالفة القانون للدستور بعد ان رفض الاعيان والنواب في الجلسة المشتركة منح مجالس المحافظات الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والاداري.

وقالا إن قرار الجلسة المشتركة بعدم منح الاستقلال المالي والاداري لمجالس المحافظات خالف قرار المحكمة الدستورية التي اشترطت بان يكون للمجالس شخصية اعتبارية واستقلال مالي واداري.

وفي الختام، اوضح النائبان عطية بان قرار المحكمة الدستورية ملزم وكان على مجلس الامة الالتزام به ولكن كان قرار الاغلبية من الاعيان والنواب مخالف لقرار المحكمة الدستورية مما ادى بان يرد جلالة الملك مشروع القانون . وقالا إن قرار جلالة الملك برد مشروع قانون اللامركزية الى مجلس الامة جاء لانقاذ مشروع اللامركزية واعادته الى طريقه الدستورية.