حذرت دار الإفتاء المصرية من خطورة استقطاب السلفيين في أوروبا، لللاجئين السوريين الفاريين من جحيم المعارك وتجنيدهم لصالح تنظيم "داعش" بدعوى مد العون لهم. وقال خبراء في "الإسلام السياسي" لـ"إيلاف" إن التيار السلفي ينتشر في الدول الاسكندنافية، محذرين من أنهم يمثلون الجذور الأولى لتيار السلفية "الجهادية" الذي خرجت من رحمه جماعات مثل "داعش" و"جبهة النصرة".
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال مرصد فتاوى التكفير والآراء المتشددة في مصر، في تقرير جديد له "إن العديد من الشواهد والدلائل تشير بوضوح إلى انخراط العديد من الشخصيات الدينية المتشددة الغربية في جهود استقبال اللاجئين ودعمهم لأغراض براجماتية نفعية، والعمل على إشباعهم بالكثير من الأفكار المتطرفة والمشوهة عن الدين بغرض تجنيدهم وضمهم إلى تلك الجماعات".
وأضاف المرصد التابع لدار الإفتاء المصرية أن "تلك الجماعات تستغل الأوضاع الإنسانية الصعبة لللاجئين وحاجتهم إلى الدعم والمساعدة وهو ما يسهل استقطابهم وضمهم إلى تلك الجماعات التي تشكل الفناء الخلفي، والممول البشري لجماعات الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي".
ولفت التقرير إلى أن العديد من الخبراء والمراقبين قد ذكروا أن اللاجئين السورين هم الأكثر عرضة لتبني الأفكار المتطرفة والانخراط في التنظيمات الدينية المتشددة نتيجة تعرضهم لظروف قاسية وفقدان العديد من الأهل والأقارب في المعارك الدائرة في سوريا، بالإضافة إلى التعرض لانتهاكات جسيمة في رحلات الهروب إلى أوروبا والمعاناة الشديدة في بعض معسكرات اللاجئين، وهو ما يسهل من مهمة الجماعات المتشددة التي تفتح أذرعها لهم وتعمل على كسب قلوبهم تمهيدًا للهيمنة على عقولهم.
ونبه التقرير إلى أن جهاز الاستخبارات الألمانية قد أعلن أن ما يطلقون علي أنفسهم بالسلفيين هناك، يحاولون إقناع طالبي اللجوء من الشباب الذين يتدفقون الى هذا البلد بالانضمام الى صفوفهم، مشيرا إلى أن محاولاتهم تتركز في محيط مراكز الإيواء المخصصة للاجئين وأيضا في محطة القطارات التي يستقلها المهاجرون غير الشرعيين انطلاقا من المجر والنمسا، مستغلين هشاشة ومحنة اللاجئين لاستخدامهم من أجل غاياتهم الدنيئة.
كما حذر التقرير الصادر عن مرصد دار الإفتاء من خطورة تسلل العديد من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي إلى أوروبا عبر بوابة "اللاجئين" وتنفيذ مخططات التنظيم هناك، وذلك عبر السعي الحثيث لتجنيد العناصر الغربية والشباب العربي المهاجر إلى أوروبا، وخاصة المهاجرين والفارين من جحيم المعارك في سوريا، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات إرهابية وتفجيرية يطلبها التنظيم.
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد جمال، إن التيار السلفي لديه تواجد قوي في أوروبا، ولاسيما الدول الاسكندنافية، وخاصة السويد والدنمارك والنرويج، منوهاً بأن السلفيين في ألمانيا يشكلون نحو عشرة آلاف شخص، بينما ينتشر عشرات الآلاف الآخرين في باقي دول الشمال الأوروبي.
وأضاف لـ"إيلاف" أن السلفيين يشكلون الجذر الأساس للتيار السلفي "الجهادي" والتنظيمات المتطرفة ومنها "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة".
ولفت إلى أن عمليات تجنيد الشباب العربي أو الشباب الأوروبي المسلم يقوم بها بالأساس أشخاص محسوبين على التيار السلفي.
وغير أنه قلل من إمكانية نجاح التيار السلفي في تجنيد اللاجئين السوريين في أوروبا، لاسيما أن غالبيتهم فروا من جحيم الحرب بأسرهم، وسيجدون معاملة لائقة وفرص عمل وحياة أفضل.
ولفت إلى أن الأجهزة الاستخباراتية في دول أوروبا تعمل على مراقبة اللاجئين والمتعاملين معهم على مدار 24 ساعة، ولن تسمح بأية عمليات غير شرعية على أراضيها.
وأوصى تقرير دار الإفتاء الدول الأوروبية ببذل المزيد من الجهود من أجل منع تجنيد اللاجئين السوريين لدى الجماعات المتشددة والمتطرفة، بالإضافة إلى اعتماد المنهج الوسطي كخطاب إسلامي معبر عن المسلمين حول العالم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرد ويفند على دعاوى المتشددين وحججهم الواهية، بالإضافة إلى التعاون مع المؤسسات الإسلامية المعتدلة من أجل إحباط كافة محاولات الجماعات المتشددة في الغرب في استقطاب وتجنيد المهاجرين السوريين.
الداعية السلفي أنور البلكيمي النائب في مجلس الشعب المصري السابق، قال إن السلفيين ينتشرون في أوروبا بالفعل.
وأضاف في تصريح سابق لـ"إيلاف" أن السويد تعتبر المعقل الرئيسي للتيار السلفي في أوروبا، مشيراً إلى أن السلفيين الأوروبيين يتلزمون بالقوانين الأوروبية ولا يثيرون المشاكل.
ولفت إلى أنهم يعملون في الدعوة إلى الإسلام بشكل سلمي، منوهاً إلى أنّ انتشار السلفيين في أوروبا يثير قلق الحكومات هناك، وأنهم يخضعون لمراقبة أمنية مشددة في كل تحركاتهم وسكناتهم.
ووفقاً لتقرير نشرته إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، فإنه "لا يقتصر المد السلفي على الدول الإسلامية فقط، وإنما شمل حتى أوروبا بما في ذلك ألمانيا التي غادرها نحو 500 جهادي إلى سوريا وحدها".
وأضاف التقرير: "وحسب أرقام رسمية، فإن عدد السلفيين المقيمين في ألمانيا لا يتجاوز 5500 ألف شخص من مجمل أربعة ملايين مسلم في البلاد. ورغم أن القلة القليلة منهم أظهرت ميولا للعنف، إلا أن النمو المتسارع للحركات المتشددة، دفع بالسلطات إلى التفكير حول آليات لتوعية الشباب من أخطار تلك الحركات".
ونقلت "دويتشه فيله" عن كلاوديا دانتشكه، مديرة فرع التطرف الإسلامي والقومي في جمعية الثقافة الديمقراطية في برلين قولها: "من المثير للاهتمام أن أفكار السلفية جذابة بالنسبة لشباب من مختلف الأصول الاجتماعية والقومية"، مشيرة إلى أن المتعاطفين ينحدرون من فئات فقيرة وغنية ومن أسر دينية محافظة وأسر لا تكترث كثيرا بالأمور الدينية. بيد أن القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا، أنهم لا يفقهون بأمور الدين.
وبدورها قالت صحيفة "ديلي هيرالد" الأميريكية: إن الفكر السلفى يغزو أوروبا، وتزايدت أعداد السلفيين على نطاق واسع في العديد من الدول، على رأسها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وأصبح نفوذ مشايخ السلفية قويًا في المساجد والشوارع، حتى إن الحكومات والأجهزة الأمنية هناك تتعامل معه بحذر.
وأضافت الصحيفة الأميركية: تنتشر مظاهر اعتناق السلفية في الملابس وإطلاق اللحي، وكذلك ارتداء النساء للنقاب والملابس السوداء، وأصبحت تلك المظاهر مصدر قلق أمنيًا واجتماعيًا متزايدًا، وتعتبر الأجهزة الأمنية الأوربية تلك الأفكار ملهمةً للشباب والفتيات، للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن أعداد السلفيين تضاعفت في دول أوربية مهمة، مثل ألمانيا، خلال الفترة الماضية، وأصبح هناك أكثر من ٧ آلاف سلفى في أنحاء ألمانيا، أي ضعف ما كان عليه قبل ٤ سنوات، حيث كان عددهم لا يتجاوز ٣٨٠٠ سلفي، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الألمانية.
التعليقات