كشفت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات عن خسارة حزب النور السلفي بفداحة، بعد عدم حصوله على أية مقاعد، ما اعتبره سياسيون رفضًا من الشعب المصري للتيار الإسلامي السياسي، بينما أرجعت قيادات الحزب الخسارة إلى ما أسمتها "الحملة الشرسة" التي شنت ضدهم طوال الفترة التي سبقت عملية الاقتراع.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أسفرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر عن خسارة فادحة لحزب النور السلفي، إذ لم يحصل الحزب ذو المرجعية الإسلامية على أية مقاعد في البرلمان.

وعي وطني
أثارت الخسارة صدمة في أوساط قيادات الحزب والدعوة السلفية، فاتهموا الإعلام بشنّ حملات شرسة ضد الحزب، قبيل إجراء الانتخابات، ودعوا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التدخل لإيقاف الحملة. فيما اعتبر سياسيون أن الخسارة تؤشر إلى وعي الشعب المصري، ورفضه تيار الإسلام السياسي والمتاجرة بالدين.

وبلغ عدد من أدلوا بأصواتهم في المرحلة الأولى 7 ملايين و270٠ ألفا و594 ناخبًا، بنسبة حضور 26.56 %. واعتبرت حملة "راقب يا مصري" نسبة المشاركة "مقبولة جدًا بالمقارنة بنسب المشاركة المتعارف عليها محليًا ودوليًا، والتي لا تتعدى حاجز الـ 40% في أعتى الديمقراطيات، وأيضًا استنادًا الى حداثة تطبيق التجربة الديمقراطية بالنظام الجديد، الذي جاء به القانون 46 لسنة 2014، والذي بموجبه تم تعديل توزيع مقاعد البرلمان بين 420 مقعدا للنظام الفردي، و120 مقعدا لنظام القوائم، هذا إضافة إلى توزيع المقاعد وفقًا للوزن النسبي والكثافة السكانية لكل دائرة انتخابية على حدة، ما خلق نوعًا من تباين توزيع عدد المقاعد في كل دائرة، والتي كانت في حد ذاتها أيضًا إحدى مسببات اللبس والإرتباك لدى الناخب خلال مشاركته في الاستحقاق الإنتخابي".

في حين بلغ عدد الأصوات الباطلة 694 ألفا و466 ناخبًا، بنسبة 9.54 % من أصل عدد الأصوات الصحيحة، والتي بلغت 6 ملايين و584 ألفا و128 صوتًا، بنسبة 90.46 %. وقال محمود البدوي، مدير الحملة، إن الأصوات الباطلة تعطي مؤشرًا مقبولًا على الأقل في المرحلة الحالية، وفي ظل حالة الإرتباك التي سيطرت على الناخب المصري، استنادًا إلى حداثة النظام الإنتخابي المطبق، والذي لم يعهده المواطن من قبل.

حملة "راقب يا مصري"
ويتنافس المرشحون على 222 مقعدًا في جولة الإعادة، من أصل الـ 226 مقعد المتنافس عليها في الجولة الأولى، لاسيما أن أربعة مرشحين فقط من أصل عدد 2548 مرشحًا، حسموا مقاعدهم الفردية من الجولة الأولى.

ودعت حملة "راقب يا مصري" كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة إلى المساهمة في إزالة حالة الإرتباك والإلتباس، التي سيطرت على الناخب المصري، من جراء عدم التمرس على كيفية الإختيار في الإنتخابات بنظامها الجديد، والذي جاء به قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014، والذي حدد نسبة توزيع مقاعد البرلمان الجديد وفقًا لفئتين، الأولى لنظام المقاعد الفردية، البالغ عددها 420 مقعدا، والثانية لنظام القوائم المغلقة، والبالغ عددها 120 مقعدا، وأيضًا طريقة توزيع عدد المقاعـد بين الدوائر المختلفة، ووفقًا للكثافة السكانية لكل دائرة، بما يضمن عدالة التمثيل تحت قبة البرلمان، والتي تسببت بنوع من التخبط وبطلان عدد لا بأس به من الأصوات بلغ 694 ألفا و466 ناخبًا، بنسبة 9.54 % من أصل عدد الأصوات الصحيحة، والتي بلغت 6 ملايين و584 ألفا و128 صوتًا، بنسبة 90.46 %، وخاصة لمن لم يفطنوا إلى طريقة التصويت بالنظام الجديد.

ووفقًا لنتائج المرحلة الأولى من منظور نوعي، يتضح فوز 20 إمرأة على قائمة "في حب مصر" في الجيزة وشمال وجنوب& الصعيد، والتي تضم& 45 مقعدًا، والتي حصلت على أعلى نسبة تصويت، وصلت إلى 55%.

رفض زج الدين
كما فازت 7 سيدات على قائمة "في حب مصر" في قطاع غرب الدلتا، والتي تضم 15 مقعدًا، والتي حصلت على أعلى نسبة تصويت، وصلت إلى 60%، ليصبح عدد السيدات الفائزات على القوائم 27 سيدة، بنسبة بلغت 45%. وبلغ إجمالي عدد المرشحات على المقاعد الفردية 110 مرشحات من إجمالي 2573 مرشحة، أي بنسبة 4.2%، فيما خاضت 100 مرشحة على القوائم الحزبية على قائمتي غرب الدلتا والصعيد.

وشكلت نتائج المرحلة الأولى صدمة في أوساط السلفيين، لاسيما أن حزب النور لم يحصل على أية مقاعد، ويخوض الإعادة على 24 مقعدًا. واعتبر سياسيون أن النتائج تشير إلى رفض المصريين خلط الدين بالسياسة، ورفض تيار الإسلام السياسي.

وقال المهندس أحمد السجيني الفائز على قائمة "في حب مصر" في قطاع غرب الدلتا، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن نتيجة المرحلة الأولى أكدت وعي الشعب المصري. وأضاف لـ"إيلاف" أن محافظة الإسكندرية انتفضت ضد كل من تاجر بالدين، وكانت الغلبة الكبيرة لمصلحة الكتلة المدنية، مشيرًا إلى أن حسم "قائمة في حب مصر" في قطاع غرب الدلتا من المرحلة الأولى بنسبة 58% جاءت من خلال العمل الجماعي والتنظيم الجيد والإصرار على التواصل المباشر مع جميع فئات الشعب.

وكما لفت إلى أن هذه النتيجة وضعت حزب النور في حجمه الطبيعي. وتابع: إن الأيام المقبلة ستوضح نسب الكتل السياسية في البرلمان، مضيفًا أن الكتل البرلمانية الرئيسة ستكون من أحزاب "الوفد" و"المصريين الأحرار" و"مستقبل وطن" و"النور"، غير أن الأكثرية ستكون من المستقلين.

تذمر شباب النور
وأصابت النتائج حزب النور بزلزال سياسي قوي، لاسيما أن قياداته كانت تراهن على فوز الحزب بالقوائم، وحصده غالبية مقاعد الفردي من الجولة الأولى. وعلمت "إيلاف" أن هناك حالة من الغليان في أوساط الشباب في الحزب، الذين طالبوا باستقالة القيادات، خاصة وسط حالة التخبط التي تسيطر على الحزب. ودعا شباب الحزب في اجتماع عقد بعد إعلان النتائج إلى ضرورة الفصل التام بين الدعوة السلفية، وعدم تدخل شيوخها في شؤون الحزب سياسيًا.

وشهد الاجتماع مشادات بين القيادات والشباب، الذين طالبوا بإسكات الشيخ ياسر برهامي، وعبد المنعم الشحات، وهما من قيادات الدعوة السلفية، وبأن يكتفوا بالعمل الدعوي، بعيدًا عن الحزب، ودعا شباب الحزب إلى ضرورة الانسحاب من جولة الإعادة والمرحلة الثانية، إلا أن التصويت داخل الاجتماع حسم الأمر لمصلحة الاستمرار في الانتخابات.

وأرجع القيادي في الحزب الدكتور شعبان عبد العليم، خسارة الحزب وحصوله على "صفر" في المرحلة الأولى، إلى الحملة الإعلامية الشرسة ضده،. وقال لـ"إيلاف" إن الحزب تعرّض لحملات شرسة للنيل من شعبيته في الشارع المصري، في ظل صمت تام من النظام والدولة، مشيرًا إلى أن الانتخابات لم تكن نزيهة بشكل تام. ولفت إلى أن المال السياسي سيطر على الإنتخابات.

مستمر في الجولة الثانية
وأضاف أن الحزب تقدم بمذكرة إلى اللجنة العليا للإنتخابات، تضمنت مخالفات وخروقات، رصدها الحزب بالصوت والصورة، منها الرشاوى وشراء الأصوات والحشد الجماعي. ولفت إلى أن الحزب مستمر في الانتخابات حتى النهاية.

ورغم أن هناك حالة من الغضب ضده، إلا أن الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، استمر في الحديث باسم الحزب. وقال إن الملايين مِن أبناء الدعوة السلفية وحزب النور والمحبين لهم، أصيبوا بصدمة من نتائج الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، وحمّل الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية عن الخسارة.

مستفيدان من خسارتنا
وقال في بيان له إن "هناك اتجاهين مستفيدين من خسارة حزب النور، ويدفعون الشباب السلفي نحو اليأس. الأول منهما الاتجاهات المسماة بالإسلامية، التي اتخذت الصدام منهجًا، والتي تدفع نحو فساد المجتمع، عبر الدفع نحو اختيار أسوأ العناصر التي يرفضها المجتمع، لتولي أخطر المناصب والمسؤوليات؛ "ليقع الضرر على البلاد والعباد، وتسقط في موجة ثورية جديدة - حسب أحلامهم - تُسقط النظام، ولو دخلت الدولة والمجتمع مع ذلك في نفق الفوضى المظلم، الذي وقوده الشباب المتدين المصاب باليأس، سيندفع نحو خيار الصدام الذي يضره ويضر دعوته قبل دولته ومجتمعه".

وأوضح أن الاتجاه الثاني هو الاتجاهات العلمانية، التي تريد صبغ المجتمع بالصبغة الغربية، وأن تُوالي الغرب دون مصلحة دينها ووطنها، وهي تخالف الدستور الذي نص على أن "دين الدولة الرسمي هو الإسلام"، ولكن يريدونها - إلى حين - حبرًا على ورق، إلى أن يأتي وقت إزالة هذا الحبر مِن على الورق، ويصرحون بذلك بلا مواربة: "نختلف عقائديًا مع حزب النور حول الهوية الإسلامية للدولة المدنية"، والشباب المتدين هو الأشواك في حلوقهم، و"إذا يئس، فإما أن يترك العمل لله، وإما أن يقع فريسة لاتجاهات التكفير والعنف، ليطحنه المجتمع، ويشوّه صورة الإسلام، كما فعل الغرب مع داعش وغيرها، لتنمو وتتمدد لمصالحه، لا لمصلحة الإسلام والمسلمين، كل هذا مع سكوت تام من رأس الدولة الذي نُحَمِّله المسؤولية بلا شك".
&