هطول الأمطار في لبنان أمس لم يكن عاديًا، فمشهد "تسونامي" النفايات التي جرفتها الأمطار لتسد الطرقات، حمل المواطنين إلى إطلاق صرخة احتجاج على الفساد السياسي المستشري في البلد، مطالبين بحل فوري تجنبًا لوصول الكوليرا ووقوع الأعظم.


ريما زهار من بيروت: لم تكن أمطار تشرين الأول (أكتوبر) في لبنان عادية هذا العام، فقد إصطحبت أمس بموجة من "تسونامي" النفايات المتراكمة على جوانب الطرقات جبالًا منتصبة، ولم تدرك أي حل لمعضلتها حتى الآن من قبل المسؤولين والمعنيين، حتى غرق لبنان بأمواج النفايات والقمامة التي عرقلت السير وتسببت بأضرار شتى، وهو أمر كان متوقعًا منذ فترة، مع عدم إيجاد أي حل جذري ومحق لموضوع النفايات في لبنان.

وأمس قامت مجموعة من الحراك المدني باعتصام في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، لتحتجّ على ما وصلت إليه قضية النفايات في لبنان. فسخر المشاركون من خلال لافتات من الوضع المذري، الذي وصلت إليه البلاد، محمّلين الطبقة السياسية بكلّ أطيافها مسؤولية ما حدث، من خلال اتهامها بالفساد، الذي أوصلنا إلى هذه الكارثة البيئية والصحية. ولم يكتفِ الحراك المدني بالتظاهر، بل قام بتنظيف بعض المناطق من آثار النفايات المبعثرة على الطرق ومجاري الأنهر.

بلا جدوى
أما سياسيًا فقد تأسف وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر لمنظر تراكم النفايات، وذكر أنه ناشد منذ أكثر من 3 أشهر الوزارات لتحذيرهم من مغبّة تراكم النفايات على الطرق عشوائيًا، وخاصة مع الهطول الأول للأمطار، لكن للأسف لا آذان صاغية.

أضاف زعيتر: قامت وزارة الأشغال بتوقيع عقود مع الشركات لتنظيف مجاري المياه، وقامت الشركات بواجبها، ولكنّ تراكم النفايات هو المشكلة. وقد طلبتُ من الشركات المتعهّدة أن تقوم بإزالة النفايات، ووافقَت رغم أنّ العقد لا يلزمها رفعَها، لكنّ المشكلة التي برزت تكمن في إيجاد المكان المناسب لرمي النفايات، وأشار إلى حرصه على التعاون مع الجميع لحلّ أزمة النفايات، ووضع كلّ إمكانات الوزارة في الساحات والطرقات لتخطّي هذه المشكلة.

من جهته، اعتبر وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أنّه ستكون لوزير الزراعة أكرم شهيّب جولة تداوُل أخيرة، سيكشف بعدها المستور إذا لم تسِر الخطة، لأنه "وصلنا إلى المحظور، الذي طالما حذّرنا منه، والمخاطرُ الصحّية ازدادت، خصوصًا على المدى البعيد، نتيجة الترسّبات، والأولوية لإعادة جمع النفايات التي تبعثرت".

خبراء استنكار
يقول المواطن سعيد كرم إن ما حدث بالأمس كان متوقعًا، وكانت متوقعة ردود الفعل من السياسيين، فهم لا يجيدون سوى التأسف والإستنكار، بدلًا من العمل الجدي على حل هذه المعضلة، التي باتت تشكل أزمة بيئية كبيرة في لبنان. يضيف: "أمام أزمة مستحدثة كهذه في لبنان، يجب أن يتعاضد المجتمع المدني مع كل اللبنانيين لاجتراح حلول في ظل غياب أي دور سياسي يذكر".

وصمة عار
أما جانيت طنوس فترى أن ما حصل يشكل وصمة عار على جبين السياسيين الفاسدين، ولا بد للمجتمع المدني أن يتحرك بجدية أكثر، من أجل إنقاذ لبنان من كارثة بيئية تهدده وتهدد أولادنا في المستقبل.

يوافقها حبيب فياض، ويشير إلى أنه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، "فجميع أولادنا سوف يهاجرون إلى الخارج، ولن تبقى سوى تلك الطبقة السياسية، لتحكم نفسها فقط، مع غياب جميع المواطنين اللبنانيين، الذين هجّرتهم إلى خارج لبنان هربًا من الفساد والمحسوبية".


&