اتهم العراق السلطات الإيرانية اليوم بالمسؤولية عن اقتحام نصف مليون إيراني لحدوده ودخول أراضيه بصورة غير شرعية.. فيما وصل إلى كربلاء العبادي للإشراف على الإجراءات الأمنية لحماية ملايين الزائرين العراقيين والأجانب لمناسبة أربعينية الإمام الحسين، معلنًا الخميس عطلة رسمية بالمناسبة.. بينما احتج ائتلاف النجيفي على منع الحكومة دخول الأنباريين بغداد وسماحها بدخول الإيرانيين.
أسامة مهدي: قالت وزارة الداخلية العراقية إن منفذ زرباطية الحدودي في محافظة واسط (160 كم جنوب بغداد) قد تعرّض لحوادث مؤسفة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بعدما كان يشهد انسيابية عالية وحسب الضوابط والأصول المعمول بها، حيث تقوم الجهات المسؤولة بالتدقيق في تأشيرات الدخول التي منحتها الممثليات العراقية، ويجري التأكد وتثبيت المعلومات، كما هو مطلوب.
وأوضحت أن حشودًا من الزائرين الإيرانيين بدأت الأحد تتدفق بشكل فاق طاقة المنفذ على الاستيعاب، وتبيّن أن قسمًا من الزائرين ويعدون بعشرات الآلاف لم يحصلوا على تأشيرات دخول نافذة، مما سبب إرباكًا للمنفذ وزحامًا خانقًا وتدافعًا، أدى إلى تحطيم الأبواب والأسيجة، وحصول خسائر مادية، وجرح بعض أفراد حرس الحدود، وانفلات الوضع في المنفذ.
تراخٍ متعمّد
وأضافت الداخلية العراقية في بيان إطلعت على نصه "إيلاف" الثلاثاء أنه قد اتضح أن تدفق الحشود بالطريقة غير المنضبطة كان متعمدًا، للضغط على مسؤولي المنفذ لفتح الحدود بشكل غير قانوني، وبحجة عدم سيطرة الجانب الإيراني على الداخلين من الحدود الإيرانية، وكان الاتفاق ينص على أن يقوم الجانب الإيراني بمنع دخول الأفراد غير الحاصلين على تأشيرات الدخول من الاقتراب من المنفذ الحدودي.
وحمّلت الوزارة العراقية الجانب الإيراني المسؤولية عن هذا الحادث، لأنه لم يقم بواجباته وتعهداته بشكل مسؤول، يمنع انفلات الوضع على الحدود في المنفذ.. وأشارت إلى أنه حرصًا على الدماء، ولإتاحة الفرصة للجانبين للسيطرة على جانبي الحدود، فقد امتنع حرس الحدود العراقي عن استخدام القوة، رغم أن العراق له الحق باستخدام كل الوسائل لحماية حدوده وأمنه والتثبت من هويات الداخلين.
وقالت إن العراق يفتخر بأن قواته الأمنية وشعبه المضياف حريص على تمكين جميع المسلمين من أداء طقوسهم وشعائرهم، وقد وضع كل إمكاناته في خدمة ذلك، لكنه يدعو جيرانه إلى مراعاة أوضاعه الأمنية والسياسية، والتعاون معه في حفظ أمن حدوده وسيادته، وألا تكون المناسبات الدينية مدعاة لحصول توترات وحوادث وخسائر مؤسفة، لا أحد يتمناها ويريدها، غير أعداء العراق والمسلمين.
من جهتها، فقد اضطرت إدارة محافظة واسط أمس سماح الحكومة الاتحادية لقرابة نصف مليون زائر إيراني دخول العراق من دون تأشيرة (فيزا) لأداء الزيارة الأربعينية، عازية ذلك إلى عددهم الهائل وصعوبة السيطرة عليهم.
إجراءات لاحتواء الموقف
وقال مدير إعلام محافظة واسط، ثامر الطائي، في تصريح صحافي، إن الحكومة المحلية في واسط أجرت سلسلة اتصالات مع الجهات العليا بشأن الزوار الإيرانيين، الذين اقتحموا منفذ زرباطية، ودخلوا المنطقة الحدودية من دون الحصول على تأشيرات أصولية.. مشيرًا إلى أن الحكومة الاتحادية وافقت على السماح لأولئك الزوار بدخول العراق لأداء الزيارة بدون التأشيرات، بسبب عددهم الهائل وصعوبة السيطرة عليهم أو إعادتهم إلى بلادهم، بعدما أصبحوا داخل المنطقة الحدودية وقضاء بدرة (80 كم شرق مدينة الكوت).
وكانت إدارة قضاء بدرة أكدت اقتحام أكثر من 500 ألف زائر أجنبي لمنفذ زرباطية من دون الحصول على تأشيرة الدخول. وأكدت أن القوات الأمنية احتجزتهم، ومنعتهم من التوجه إلى كربلاء، فيما كشفت عن إيقاف حركة نقل الزائرين من المنفذ إلى حين احتواء الموقف، والحصول على قرار من الجهات العليا المختصة.
وسبق لمحافظتي واسط العراقية وإيلام الإيرانية أن اتفقتا في 13 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي على دخول ثلاثة ملايين زائر إيراني من منفذ زرباطية لإحياء زيارة أربعينية الإمام الحسين بن علي، حيث يعد منفذ زرباطية الحدودي أحد أهم المنافذ مع إيران، وتتم من خلاله عملية التبادل التجاري بين البلدين، إضافة إلى دخول وخروج الزوار من كلا البلدين. وقد شهد في السنوات الأخيرة عمليات تطوير وتأهيل كبيرة، بهدف استيعاب حركة التبادل التجاري، التي شهدت تصاعدًا كبيرًا بين البلدين، في وقت يجري حاليًا بناء منفذ جديد بكلفة تصل إلى 56 مليار دينار (حوالى 50 مليون دولار).
ائتلاف متحدون: تسمحون للإيرانيين بالدخول وتمنعون مواطني الأنبار
من جانبه، انتقد ائتلاف "متحدون" بزعامة نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي دخول آلاف الزوار الإيرانيين إلى العراق بلا تأشيرات رسمية. وقال إنها "ظاهرة عجيبة ومكررة تلك التي تحصل على الحدود مع الجارة إيران، مئات الآلاف من المواطنين الإيرانيين يقتحمون الحدود، ويدخلون إلى المدن العراقية بلا تأشيرة دخول أو اعتراف بأية أنظمة أو ضوابط تعمل بها دول العالم، وكأن المدن العراقية جزء من إيران، والغريب أن الحكومة العراقية صامتة، ما يوحي بأن الأمر لا يعنيها".
أضاف الائتلاف في بيان صحافي إن "العراق يرحّب بزوار أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، والترحيب لا يعني التخلي عن النظام والتعليمات والأمور التي تنظم انتقال الأشخاص بين الدول، فمن يضمن عدم وجود متسللين بين هؤلاء، ومن يضمن أيضًا أن هدف الجميع الزيارة لا غير".
وأشار إلى أنه إذا كانت الحكومة العراقية على هذا القدر من التماهي مع الدول، فهل كانت ستتعامل مع زوار آخرين من دول أخرى بالطريقة نفسها. وقال إن صورة مواطني الأنبار، وهي محافظة عراقية، ما عادت ماثلة أمام الجميع، فهم يحاصرون على جسر بزيبز في أوضاع إنسانية رثة بحثًا عن كفيل أو رأفة الحكومة العراقية، وهم لم يكونوا يرومون السفر إلى دولة أخرى، وإنما هدفهم كان عاصمتهم بغداد، وليس غيرها.. فكيف تفسر الحكومة هذا الفرق الكبير في التعامل؟.
ودعا ائتلاف "متحدون" الحكومة العراقية إلى الالتزام بالقوانين التي تنظم العلاقات بين الدول، وإلى أن تراعي سيادة العراق في أي إجراء تتخذه، وطالبها بتبيان أسباب هذا الخرق المكرر من دون معالجة أو اتخاذ إجراءات متفق حولها مع إيران، وشدد على أن عليها أن تدرك أنها مسؤولة أمام مواطنيها في المنهج الذي تتبعه.
العبادي في كربلاء ويعلن الخميس عطلة
وصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى مدينة كربلاء الليلة الماضية بصورة مفاجئة للإشراف على الترتيبات الأمنية لزيارة أربعينية الإمام الحسين، التي تصادف الخميس المقبل.
وقد تفقد العبادي أوضاع مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، حيث يتدفق عليها الملايين من العراقيين والأجانب للمشاركة في مراسم الزيارة، كما سيبحث مع الحكومة المحلية في المحافظة تحضيرات الزيارة والإجراءات الأمنية الخدمية فيها. وقد وجّه العبادي بتعطيل الدوام الرسمي في جميع المؤسسات الحكومية يوم الخميس المقبل بمناسبة زيارة أربعينية الإمام الحسين، وأن تكون العطلة يومي الأربعاء والخميس في محافظات بابل وكربلاء والنجف، وهي المحيطة بمحافظة كربلاء.
وقالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي إن العبادي وجّه بتعطيل الدوام الرسمي يوم الخميس 3 كانون الأول (ديسمبر) 2015 الموافق 20 صفر في جميع المحافظات. وأشارت إلى أن العطلة ستكون يومي الأربعاء والخميس في محافظات بابل وكربلاء والنجف.
ويشارك حاليًا 300 ألف منتسب من مختلف صنوف القوات الأمنية والحشد الشعبي بتأمين الزيارة الأربعينية. وقال مدير إعلام الوزارة إبراهيم العبادي إن الوزارة سخرت جميع جهودها وإمكاناتها من كركوك إلى البصرة لتأمين زيارة الأربعينية، مشيرًا إلى أن 300 ألف منتسب من مختلف صنوف القوات الأمنية والحشد الشعبي وشرطة المرور ومنتسبي المطارات يتولون تأمين هذا الحدث المليوني.
وتعد زيارة الأربعين إحدى أهم الزيارات للمسلمين الشيعة، الذين يخرجون من محافظات الجنوب والوسط، أفرادًا وجماعات، في مطلع شهر صفر، مشيًا إلى كربلاء، فيما تستقبل المنافذ الحدودية والمطارات مسلمين شيعة من مختلف البلدان العربية والإسلامية للمشاركة في زيارة أربعينية الإمام الحسين، ثالث أئمة الشيعة الإثني عشرية، ليصلوا في العشرين من الشهر عينه، الذي يصادف زيارة الأربعين، أو عودة رأس الحسين ورهطه وأنصاره، الذين قضوا في معركة كربلاء عام 61 للهجرة.
&
التعليقات