في رضوخ لتهديدات القوى الشيعية العراقية بمواجهة القوات الأميركية، التي قررت واشنطن ارسالها إلى العراق، فقد حذر العبادي اليوم بأن بلاده ستعتبر ارسال واشنطن قوات برية قتالية اليها عملاً معاديًا، ويتم التعامل معه على هذا الاساس، مؤكدًا عدم حاجتها إلى قوات برية.

لندن: شدد رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي على عدم حاجة العراق إلى قوات برية اجنبية، منوهًا إلى أنّ الحكومة العراقية ملتزمة بعدم السماح بتواجد اية قوة برية على ارض البلاد،&ولم تطلب من أية جهة سواء اقليمية أو من التحالف الدولي ارسال قوات برية إلى العراق.

وقال العبادي في بيان صحافي، اطلعت "إيلاف" الجمعة على نصه، إن الحكومة العراقية "تؤكد موقفها الحازم ورفضها القاطع لأي عمل من هذا النوع يصدر من اية دولة وينتهك سيادتنا الوطنية وسنعد ارسال أية دولة لقوات برية قتالية عملاً معاديًا ونتعامل معه على هذا الاساس".

وأضاف ان الحكومة العراقية تؤكد على موقفها الثابت الذي أعلنته مرارًا بأنها طالبت وتطالب دول العالم والتحالف الدولي بالوقوف مع العراق في حربه ضد ارهاب داعش، وذلك بتقديم الاسناد الجوي والسلاح والذخيرة والتدريب، حيث أكدنا على ضرورة زيادة فاعلية الدعم الجوي للقوات العراقية وملاحقة عناصر وقادة عصابة داعش الارهابية على الحدود وفي الصحراء وايقاف تمويلهم، وهو الطلب الذي استجاب له الجانب الأميركي على ان لا يتم القيام بأي نشاط إلا بموافقة الحكومة العراقية وضمن السيادة العراقية الكاملة.

وقد استغربت مصادر عراقية موقف العبادي هذا في اعتباره القوات الأميركية التي تنوي واشنطن ارسالها إلى العراق معادية، وانه سيواجهها في وقت تقوم فيه الطائرات الأميركية بدعم قواته البرية على الارض في قتالها ضد تنظيم داعش لطرده من المناطق العراقية الواسعة التي يحتلها منذ اكثر من عام.

واعتبرت المصادر في حديثها مع "إيلاف" مفضلة عدم الاشارة إلى اسمها، أن موقف رئيس الوزراء هذا لايتعدى كونه ارضاء للقوى الشيعية وفصائلها المسلحة التي حذرته من القبول بقوات أميركية على الاراضي العراقية مجددًا مدفوعة بموقف ايراني ضاغط عليها لارتباطها بطهران وبسياساتها تجاه الولايات المتحدة، والتي ترفض أي وجود لقوات أميركية بالقرب من اراضيها.

وتوقعت أن يتفق العبادي مع الأميركيين من اجل الخروج من هذا المأزق على اعتبار وظيفة القوات الأميركية القادمة إلى العراق استشارية لتوجيه القوات العراقية في خططها لقتال داعش.

وجاء موقف العبادي هذا بعد ساعات من تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما إن قرار بلاده بإرسال الولايات المتحدة مزيدًا من القوات لمحاربة تنظيم داعش في العراق لا يعني "غزو العراق على غرار غزوه عام 2003 بإرسال كتائب تتحرك عبر الصحراء".

وأضاف أوباما في مقابلة مع شبكة "سي.بي.إس" الأميركية قائلا "لكني أبدي وضوحًا شديدًا في أننا سنضيّق الخناق دومًا على داعش وسندمرها في النهاية، وهذا يتطلب منا توفير مكون عسكري لفعل ذلك".

وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أعلن الثلاثاء الماضي عن عزم بلاده إرسال قوة خاصة إلى العراق، مشيرًا إلى أنّ "هذه القوات سيكون بمقدورها بمرور الوقت تنفيذ غارات والإفراج عن رهائن وجمع معلومات الاستخبارات وأسر زعماء داعش".

كما أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست الأربعاء أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يؤيد مساعي أميركا لإرسال حوالي 200 من أفراد هذه القوات للعراق.. موضحًا بالقول "نتحدث عن قوات قتالية برية وليس للعمليات الخاصة".

تهديدات قوى شيعية لقتال القوات الأميركية القادمة للعراق

لكن القوى الشيعية العراقية واذرعها العسكرية المرتبطة بإيران حذرت العبادي من القبول بدخول قوات أميركية جديدة إلى العراق، وأكدت انها ستقاتلها وتعتبرها قوات غزو، ووصل الحد ببعضها إلى القول إن "العبادي سيحفر قبره السياسي بيده ويقوض الحرب ضد تنظيم داعش إن هو سمح بنشر قوة عمليات خاصة أميركية جديدة في البلاد".

ومن جهته، أكد علي الاديب رئيس كتلة دولة القانون النيابية بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أن كتلته ترفض بشدة انزال قوات أميركية في العراق داعيًا الحكومة إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذا التصرف. وقال الاديب في بيان اليوم إن " انزال قوات أميركية في العراق يعتبره الشعب العراقي احتلالاً جديدًا لأراضيه وخرقًا لسيادته وتجاوزاً سافرًا لاتفاقية التعاون الاستراتيجي المبرمة بين الطرفين" عام 2008، والتي انسحبت القوات العراقية اثرها من العراق عام 2011.

وأضاف رئيس الكتلة الشيعية "نحن اذ نؤكد رفضنا لمثل هذه التصريحات البعيدة كل البعد عن الاعراف السياسية، فإننا نطالب في الوقت نفسه الحكومة العراقية باتخاذ موقف حازم ازاء هذا التصرف ومطالبة حكومة الولايات المتحدة الأميركية بعدم خرق السيادة العراقية بحجة محاربة الارهاب، وأن أي جهد عسكري أميركي لابد ان يتم من خلال الاتفاق مع الحكومة".

كما هددت حركة "عصائب اهل الحق"، وهي واحدة من المليشيات العراقية المدعومة ايرانيًا بأنها ستكون "بالمرصاد لأي قوة أجنبية& تريد اخضاع شعب العراق".. وقالت في بيان إنه "بعد اعلان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر عن النية لنشر قوات مقاتلة في مدننا العزيزة، نعلن نحن المقاومة الاسلامية في العراق عصائب اهل الحق رفضنا القاطع لهذا المشروع المشؤوم الذي سيكون بداية التنفيذ لتقسيم العراق".

كما رفض رئيس منظمة "بدر" هادي العامري أي وجود أميركي في العراق.. محذرًا من ان العراقيين والحشد الشعبي لن يسمحوا للاحتلال الأميركي بالعودة إلى بلدهم على حد قوله. واشار إلى أنّ واشنطن " تحاول احتواء تنظيم داعش في العراق وسوريا وليس القضاء عليه بشكل نهائي". اما كتائب حزب الله العراقي، فقد حذرت العبادي قائلة انه اذا سمح بوجود قوات أميركية في العراق فيجب عليه تحمل مسؤولية إطلاق شرارة حرب أهلية شاملة.

ومن جهتها، هددت قيادات في تشكيلات الحشد الشعبي للمليشيات الشيعية بالمواجهة المباشرة مع القوات الأميركية في العراق في حال أصرت واشنطن على تشكيل قوة لمحاربة تنظيم داعش رافضة زيادة الدعم الغربي للعشائر السنية التي تقاتل التنظيم.. كما توعد سياسيون شيعة بمحاربة أية قوة أجنبية تدخل البلاد، فيما هم يتغاضون عن القوات الايرانية وتشكيلات الحرس الثوري المنتشرة في العراق.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" قد أبلغت الكونغرس في الاول من الشهر الحالي أنها بدأت بإرسال وحدات من قوات التدخل السريع إلى العراق وسوريا لتنفيذ مهام محددة من دون أن تكشف عن حجم تلك القوات، لكن مصادر إعلامية أوضحت أن القوة التي سترسل للعراق تضم حوالي 200 من عناصر قوات العمليات الخاصة.