حمص: خرج المئات من مقاتلي المعارضة والمدنيين ظهر الاربعاء من حي الوعر، اخر نقاط سيطرة الفصائل المسلحة في مدينة حمص بوسط سوريا، بموجب اتفاق توصلوا اليه مع ممثلين عن الحكومة باشراف الامم المتحدة يتضمن وقفا لاطلاق النار وفك الحصار.

وتزامن بدء تطبيق المرحلة الاولى من اتفاق الوعر مع بدء اعمال مؤتمر الرياض الذي يجمع ممثلين عن المعارضة السورية، السياسية والمسلحة، في محاولة لتوحيد مواقفها تمهيدا لمفاوضات محتملة مع النظام السوري.

ومع بدء تنفيذ اتفاق الوعر، تصبح كافة احياء مدينة حمص التي اطلق عليها سابقا لقب "عاصمة الثورة" اثر اندلاع الاحتجاجات ضد النظام عام 2011، تحت سيطرة الجيش السوري بالكامل.

وانطلق ظهر الاربعاء، وفق مراسل فرانس برس، 15 باصا على الاقل من المدخل الشمالي الغربي لحي الوعر الذي حاصرته قوات النظام بشكل محكم منذ نحو ثلاثة اعوام.

وقال ان عشر باصات بيضاء اللون اقلت مدنيين، معظمهم من النساء والاطفال وبينهم عائلات المقاتلين، وسمح لكل منهم باخذ حقيبة معه، بالاضافة الى خمس حافلات اخرى خضراء اللون اقلت العشرات من المقاتلين الذي احتفظ عدد منهم بسلاحهم الخفيف والمتوسط.

واشار الى ان من بين الركاب 15 جريحا على الاقل نقلتهم سيارات اسعاف الى داخل الباصات. ولم يسمح للصحافيين بالاقتراب من الباصات او التحدث الى ركابها.

وواكبت الحافلات لدى انطلاقها عشر سيارات اسعاف تابعة للهلال الاحمر السوري وعشر سيارات رباعية الدفع تابعة للامم المتحدة، بالاضافة الى آليات تابعة للجيش السوري، وفق مراسل فرانس برس.

وقال محافظ حمص طلال البرازي في تصريحات للصحافيين "يقدر عدد المسلحين الخارجين اليوم ب300 مسلح" بالاضافة الى "مئة عائلة اي بحدود 400 امراة وطفل وبعض المدنيين".

واوضح البرازي انه "بعد وقف اطلاق النار الناجح حتى الان وخروج الدفعة الاولى من المسلحين (...) نحن الان في صدد تنفيذ المرحلة الاولى التي ستنتهي في نهاية الاسبوع المقبل".

وينص الاتفاق الذي تم التوصل اليه باشراف الامم المتحدة بين مقاتلي المعارضة والنظام السوري في الاول من كانون الاول/ديسمبر على رحيل الفي مقاتل ومدني من حي الوعر، مقابل فك الحصار وادخال المساعدات الغذائية والاغاثية، بالاضافة الى تسوية اوضاع المقاتلين الراغبين بتسليم سلاحهم، في اشارة الى المقاتلين المحليين من ابناء الحي.

وتسيطر قوات النظام منذ بداية ايار/مايو 2014 على مجمل مدينة حمص بعد انسحاب حوالى الفي عنصر من مقاتلي الفصائل من احياء حمص القديمة بموجب تسوية مع السلطات اثر عامين من حصار خانق فرضته قوات النظام وتسبب بوفيات ونقص كبير في الاغذية والادوية.

وانكفأ المقاتلون الباقون الى حي الوعر الى جانب الاف المدنيين. ويقيم في الحي حاليا وفق البرازي، حوالى 75 الف شخص مقابل 300 الف قبل بدء النزاع في سوريا في اذار/مارس العام 2011.

تسوية الاوضاع

وبحسب محافظ حمص، تضمنت الدفعة الاولى من المقاتلين الذين تم اجلاؤهم "جميع المسلحين من الفئات التي لم توافق على الاتفاق الذي تم مع المجتمع المحلي في حي الوعر ومع بعض الجماعات المسلحة".

واشار البرازي الى انه "بعد هذه المرحلة، ستبدأ الجهات المعنية بقبول تسوية اوضاع من يرغب بتسوية وضعه"، مضيفا "في نهاية المطاف سنكون امام ثلاث حالات، المسلحون الذين خرجوا في الدفعة الاولى والذين ستسوى اوضاعهم، والحالات المتبقية هم من لا يمكن تسوية اوضاعهم وسيخرجون في نهاية مراحل تنفيذ الاتفاق".

وفي شريط فيديو نشرته لجان التنسيق المحلية بعنوان "خروج المقاتلين الرافضين للتفاوض مع النظام وعدد من الجرحى مع عائلاتهم"، قال احد المقاتلين الملتحين قبل صعوده الى الحافلة "انا من حلب ونحن لا نتفاوض مع النظام، رغبنا بالخروج لنقاتل في الخارج"، مضيفا "في الوعر هناك مجاهدون وهم +قدها وقدود+ بإذن الله".

وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فإن مقاتلين ينضمون الى 45 فصيلا غير متجانس كانوا موجودين في الوعر، أبرزها حركة أحرار الشام وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا)، بالاضافة الى مقاتلين محليين.

ومن المقرر توجه المقاتلين من حي الوعر الى "الجهة الشمالية" من سوريا، وفق البرازي.

وبحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن، ستتوجه الباصات الى مدينة حمص ومنها الى قلعة المضيق في محافظة حماة (وسط)، ثم باتجاه محافظة ادلب التي تسيطر عليها فصائل جيش الفتح وابرزها جبهة النصرة منذ الصيف الماضي.

وقد يستغرق تنفيذ الاتفاق مدة تصل الى شهرين، حسب السلطات.

توحيد المعارضة

وفي السعودية، تحاول قوى وفصائل معارضة سورية توحيد مواقفها قبل مفاوضات محتملة مع النظام. وافادت وكالة الانباء السعودية الرسمية بان "أعمال الاجتماع الموسع للمعارضة السورية بدأت" في جلسات مغلقة في احد الفنادق الكبيرة في الرياض.

واستقبل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المشاركين وعبر لهم عن الامل في ان يكون اللقاء مثمرا، ثم غادر المكان وبدأ المشاركون مناقشاتهم التي يفترض ان تستمر الخميس ايضا.

ويأتي مؤتمر الرياض بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات لانهاء النزاع الذي اودى باكثر من 250 الف شخص، تشمل تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.

ويشمل الاتفاق الذي شاركت فيه دول عدة بينها الولايات المتحدة والسعودية الداعمة للمعارضة، وروسيا وايران حليفتا النظام، السعي الى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول الاول من كانون الثاني/يناير.