في ضوء السعي العالمي لتخفيف الانبعاثات المؤثرة على المناخ في كوكب الأرض، يبرز إلى الواجهة إقتراح يتعلق بإنتاج الطاقة النظيفة من الصحراء الكبرى، لا سيما وانها المكان الأنسب لذلك، وفيما يؤكد الخبراء إمكانية الإعتماد على هذا الخيار، أشاروا إلى ضرورة أن يترافق مع دعم سياسي واستثماري وازن.
&
إعداد ميسون أبو الحب: هل يمكن ان يكون الحل لتغير المناخ على الكرة الارضية جمع الطاقة الشمسية في المناطق التي تشرق فيها الشمس اكثر من غيرها في العالم، هل يمكننا مثلا انشاء مشروع ضخم للطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى؟
&
هذه ردود اربعة خبراء ناقشوا مثل هذه الفرضية، وشرحوا وجهات نظرهم عن الطاقة الشمسية وعن مشاريع ضخمة من شأنها توفير الطاقة لدول الشمال. &
&
قابل للتنفيذ
&
أنشأ جيرهارد كنيز شبكة تضم خبراء في مجال الطاقة الدائمة فقامت بطرح مبادرة "ديزيرتك" التي تقوم على الحصول على الطاقة النظيفة من الصحارى ونقلها الى اوروبا.&
&
ويقول كنيز إنه بدأ يفكر بالطاقة الشمسية بعد حادث مفاعل تشرنوبل النووي وبدأ يحسب كميتها التي تصل الى الارض ليكتشف انها تزيد على حاجة الانسان بخمس عشرة مرة. ولكن القضية لا تتعلق بتوفر الطاقة بل بكيفية الحصول عليها.&
&
وأضاف: "فكرت في الاعتماد على مضخمات وانجزنا دراسة اثبتت ان الامر ممكن وحصلنا على دعم السلام الاخضر ومؤسسات علمية مهمة وشركات ضخمة، ولم نشأ اعطاء دور للسياسيين لاننا اردنا أن تكون المبادرة علمية بحتة ولكن مع امكانية اقتصادية على الاستمرار"، وتابع: "انطلقت مبادرة ديزيرتك الصناعية في ميونخ في عام 2009 فاهتم بها السياسيون. هؤلاء يبدأون بالاهتمام بمثل هذه المبادرات عندما يشعرون انها قد توفر حلا".&
&
واضاف الخبير الهولندي بالقول "كان هدف هذه المبادرة دراسة خطة ممكنة التطبيق على الصعيد الصناعي ومحاولة اكتشاف نقاط الضعف فيها وإصلاحها كي نعرضها للاستثمار، وبعدها جاءت المرحلة الثانية واسمها مبادرة الطاقة الصحراوية الصناعية ومن المفترض ان تنظر في امكانية التنفيذ لتكون بداية مشروع ضخم".&
&
وانهى الخبير حديثه بالقول "عندما بدأنا هذه المبادرة كان شمال افريقيا منطقة مختلفة تماما، والان غيرت الاضطرابات المنطقة كلها، ولكن يبقى الطلب قائمًا على الطاقة الشمسية، وتبقى المشاريع مستمرة حتى نجد الفرصة المناسبة لتنفيذها". &
&
ملابسات سياسية&
&
توني بات، استاذ السياسة المناخية في المعهد التكنولوجي السويسري الفيدرالي في زوريخ، وهو يرأس قسم الابحاث في مجلس البحوث الاوروبي في مجال استخدام شمس الصحراء لتزويد اوروبا بالطاقة. &
&
وقال: "هذه التكنولوجيا جيدة وقد تطورت الى حد بعيد خلال السنوات المنصرمة، لا سيما على صعيد خزن الطاقة الشمسية ليوم واحد كحد اقصى، ثم انتاج الطاقة الكهربائية منها، ومعنى هذا ان بإمكاننا مواصلة الانتاج على مدار الساعة".&
&
واضاف: "الصحراء الكبرى واسعة للغاية، والشمس فيها متوفرة على الدوام حتى لو مرت بها غيوم، ما يعني ان بالامكان الاعتماد على هذا المصدر على الدوام، ولكن الامر يعتمد على قرار سياسي لمد كيبل ونقل الطاقة من الصحراء الى اوروبا، ولا نتوقع ان تكون الخسارة بسبب المسافة كبيرة إذ لا تتجاوز 2% على مسافة الف ميل".
&
وقال الخبير ايضا: "المشكلة معقدة سياسيًا، إذ لا يمكن تطوير الطاقة إلا بوجود التزام كبير من جانب الدولة وعلى جميع الصعد، فالطاقة الكهربائية المستخرجة من الطاقة الشمسية ما تزال اغلى من مصادر الطاقة الاخرى"، واضاف: "ستجري معارك سياسية عديدة لتحديد مكان بناء الاجهزة الخاصة بهذه الطاقة وكيفية دفع تكاليفها، أما الاهم فربما سيتعلق بتحديد موعد الانتقال من وسائل الطاقة القديمة الى الحديثة".&
&
ولاحظ الخبير بات بأن المانيا خطت خطوات واسعة في مجال الطاقة الشمسية على مدى السنوات الخمس عشرة الاخيرة، ولكن هذه المشاريع ركزت على المانيا وخلقت فرص عمل للالمان، اما بالنسبة لمشاريع تقام في الخارج فالامر يختلف طبعا". &&
&
افريقيا والفوائد
&
داني ايجب، يعمل في البنك العالمي وهو مختص بالكيمياء، وقد قام بتأسيس شبكة أنسول الافريقية من اجل افريقيا مع التركيز على الطاقة المتجددة.&
&
وقال: "افريقيا تواجه مشكلة طاقة حادة إذ لا يحصل غير 30% من سكان دول جنوب الصحراء الكبرى على الطاقة الكهربائية، والنمو في افريقيا 5.5%، ولكن مشكلة الطاقة تعرقله"، واضاف: "كل المشاريع تتحدث عن كيفية نقل الطاقة من الاسفل الى الاعلى او من الجنوب الى الشمال ولا احد يتحدث عن دول جنوب الصحراء، هذه الدول كانت تحت الاستعمار وتعرضت الى الاستغلال ولكنها اليوم راغبة في تحقيق تطورها وفي استغلال مواردها بدلا من توزيعها على بقية العالم فيما تبقى هي فقيرة".
&
الخبير أكد بأن الشبكة التي اسسها تسعى الى التأكد من اخذ مصلحة افريقيا في عين الاعتبار عند إنجاز مشروع للطاقة الشمسية.&
&
ليس بالتكنولوجيا وحدها
&
هلين آن كوري، محاضرة في قسم تاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبردج، وتقول: "اهتم بمتابعة التفاؤل الكبير الذي يحيط بالتكنولوجيا الحديثة، حتى لو انها فشلت لسبب او لآخر"، واضافت: "الكل يعتقد ان التكنولوجيا هي الحل، وهو امر مغرٍ في الواقع، ولكن القضية لا تقتصر على هذا الجانب وحده، بل هناك امور اخرى كثيرة".&
&
وأكدت الخبيرة ان حلا لا يأخذ كل الجوانب المتعلقة بعين الاعتبار لا بد ان يفشل، مشيرة الى ضرورة إشراك بقية انحاء العالم بنوعية الحياة التي يتمتع بها القسم الشمالي من الكرة الارضية، وقالت: "لو نظرنا الى السنوات الستين الاخيرة للاحظنا اننا فشلنا في نواحٍ عديدة، ولم نستطع نقل التقدم الاجتماعي والعلمي والتكنولوجي كما كنا نريد"، وقالت الخبيرة إنها تعتقد أن تنفيذ مشروع للطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى يجب ان يكون اجراء لردم الفروقات وتقليل استهلاك الطاقة وتغيير طرق حياتنا بطريقة تجعلنا نورث الاجيال اللاحقة عالمًا افضل من العالم الذي ورثناه.&
&
&
&

&