&
&
&
كشفت صحيفة الراي الكويتية القصة الكاملة لاغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية، مبينة أنها عملية أمنية معقدة ومركبة، نفذت من خلال ثغرة أمنية، حصلت بسبب ارتكاب مغنية خطأين أوديا بحياته.

بيروت: بعد نحو أسبوعين على مقتل ابنه جهاد، وعشية الذكرى السابعة لمقتله في دمشق يوم 12 شباط (فبراير) 2008، روت صحيفة الراي الكويتية تفاصيل مثيرة لعملية اغتيال القيادي الأمني والعسكري في حزب الله عماد مغنية.
&
خرج ولم يعد
وفي الرواية، أنه في يوم مقتله، وصل مغنية إلى ضاحية كفرسوسة بدمشق، ودخل إلى شقة جمعت بعض القادة الفلسطينيين ومسؤول وحدة في الجسم الجهادي في حزب الله، وبعض أعضاء الحرس الثوري الايراني، للتباحث بشأن تدريبات وتنسيقات عسكرية. وقبل نهاية الاجتماع، خرج مغنية طالبًا من المجتمعين متابعة الامور والتنسيقات. وبعد دقائق دوّى صوت انفجارٍ.
في اليوم الموعود، خرج من مكان الاجتماع ليبتعد نحو 25 مترًا من مكان سيارة "باجيرو" مركونة داخل الموقف المكشوف، فتنفجر عبوة موضوعة في الدولاب الخلفي الاحتياطي وتنطلق منها كرات حديدية بسرعة 8400 متر في الثانية، بسبب وجود مادة "سي 4" شديدة الانفجار &فيها، فتقتله.
&
رفيق دربه
اعتقد المجتمعون بأنهم ضمن دائرة الاستهداف، الا أن ضجيج الشارع في باحة الموقف المكشوف أمام المبنى وحضور الأجهزة الأمنية السورية دفع بعضهم للنزول إلى الشارع لمعرفة ما حدَث، فوُجد مغنية مصابًا بنحو 8 كرات حديدية، واحدة اخترقت عينه وخرجت من مؤخرة رأسه لتقتله مباشرةً.
حمله رفاقه واتجهوا إلى لبنان، واتصل المسؤول العسكري الذي كان يتواجد مع مغنية أثناء الاجتماع، بأمين عام حزب الله حسن نصرالله وابلغه بالخبر. نقلوا جثمان مغنية إلى المستشفى، حيث وافاه نصرالله ليلقي النظرة الأخيرة على رفيق دربه، ويعلن لعائلته ورفاقه الخبر.
&
لم يعرف
وتتابع الراي روايتها مؤكدة أن مغنية لم يخرج من مطعمٍ، ولم يكن يزور إحدى صديقاته كما رُوّج، بل ذهب إلى الاجتماع داخل مركز للحرس الثوري الايراني في دمشق. وقد وصل إلى سوريا قادمًا من لبنان، وطلب من مرافقيه كالعادة الذهاب إلى المركز القريب من منطقة السيدة زينب، ليتوجّه هو إلى المكان الذي يريده وحيدًا، من دون مرافقة أمنية، لأنه كان المسؤول الأول والأخير عن أمنه الخاص، ولم يكن يشارك أحدًا بجدول تحركاته، معتمدًا على أسلوب التخفي وعلى العامل الأهمّ بأنه شخصية غير معروفة الوجه.
لكنه لم يعرف أن اسرائيل كانت تعلم خريطة تحرّكاته منذ اكثر من 6 اشهر قبل اغتياله، ولدى أجهزة المخابرات التي تلاحقه بصمة له، بعدما كان يسمى بـ "الشبح"، ولم يعرف أن اصطياده في لبنان كان ممكنًا قبل عملية كفرسوسة، وأن توقيت العملية – بحسب خبراء بشأن حزب الله – أتت هدية من المخابرات التي اغتالته لفريق 14 آذار في لبنان، ليتزامن التاريخ مع الشهر واليوم الذي اغتيل فيه رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، بعدما اتُهم «حزب الله» بتنفيذ العملية.
&
أخطأ مرتين
وتنقل الراي عن مصادر مطلعة على حياة مغنية قولها إن الخطأ الأول الذي وقع فيه مغنية هو أنه أصبح يتعايش مع تحركاته في المناطق التي يتحرّك فيها من خلال مسؤولياته المتعددة، ولم يعد يشعر بأنه المطلوب الأول دوليًا، إلى جانب اسامة بن لادن.
وخطأه الآخر هو اعتباره سوريا الحديقة الخلفية التي يستطيع فيها أن يمارس حياته الطبيعية كأي شخص عادي، وهذا كان سبب مقتله في المكان الذي نُفذت فيه العملية، رغم تحذير القيادة السورية له بضرورة أخذ الحيطة والحذر. فأصبح لديه منزل يتردد إليه، وحلاق ثابت يذهب اليه بشكل متواصل، ومكان اجتماع للحرس الثوري يلتقي فيه مع مسؤولي حركات المقاومة الفلسطينية والعراقية وغيرهم.
&
3 مجموعات
تؤكد مصادر الراي وجود 3 مجموعات مكلفة قتل مغنية ليلتها، مجموعة رصد، ومجموعة تنفيذ، ومجموعة إخلاء وانتشال للمنفذين، وتواجد أفراد هذه المجموعات قرب مسرح الاغتيال على الأرض، وفي شقة مواجِهة لمركز الحرس الثوري الايراني.
كما تواجدت طائرة تجسس من دون طيار من نوع هارون لا يستطيع الرادار السوري كشفها لتأمين التغطية للفريق المنفذ في كفرسوسة. ووُضع جهاز 8200 الاسرائيلي بأقصى جهوزيته لجمع كافة الاتصالات والمعلومات والبيانات والهواتف الهوائية العائدة لكافة القوى الأمنية النظامية وغير النظامية في مسرح العملية لحماية المجموعات وتأمين نجاح العملية.
&
إلهاء
وبحسب المصادر نفسها، قامت اسرائيل ليلة الاغتيال بمناورة استفزازية مقابل صخرة الروشة على الشواطئ اللبنانية بزوارق صاروخية، كما تم رصد غواصة اسرائيلية من نوع دولفن قبالة خلدة بهدف الإلهاء وحرف النظر عما كان يُحضّر في كفرسوسة.
وبحسب المصادر نفسها، لم يعرف كيف أُجليت المجموعات، فمن الممكن أن تكون طائرات مروحية حطت ونقلت جميع المنفذين، ومن الممكن أن تكون تسهيلات الإخلاء قد قُدمت لهم عن طريق الحدود السورية – الاردنية، إلا أن لا شيء عُرف لغاية اليوم رغم التحقيق والمتابعة.