كشفت المعارضة الإيرانية في معلومات قدمتها لـ"إيلاف" اليوم عن علاقة النظام الإيراني باغتيال المدعي العام الارجنتيني ألبرتو نيسمان قبل أيام موضحة أن هذه الجريمة هدفت إلى منع التحقيق في علاقة طهران بتفجير المعبد اليهودي في العاصمة الارجنتينية بوينيس آيريس عام 1994.. ودعت مجلس الأمن إلى تشكيل محكمة دولية لمقاضاة قادة النظام لتورطهم في تصدير الإرهاب.

لندن: قال رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في حديث، سنابرق زاهدي، مع "إيلاف" الاربعاء ان اغتيال المدعي العام الأرجنتيني آلبرتو نيسمان في 18 من الشهر الماضي أحدث ضجة كبيرة في الأرجنتين بشكل خاص وفي العالم الغربي بشكل عام وطرح من جديد قضية العملية الإرهابية التي نفّذت عام 1994 في بوينيس آيرس وأودت بحياة 85 شخصاً وجرح أكثر من 150 آخرين.

وأوضح أن هذه القضية مطروحة منذ الأسبوعين الاخيرين في كبريات الصحف الغربية حيث نشرت عشرات المقالات والتقارير في صحف عالمية.. موضحا ان سبب هذا الاهتمام هو أن عملية التفجير التي استهدفت المركز الثقافي لليهود في الأرجنتين عام 1994 كانت اكبر عملية إرهابية في تاريخ هذا البلاد وفي القارة الأميركية قبل أحداث أيلول (سبتمبر) عام 2001.

وأضاف أنّ التحقيقات قد كشفت في الأعوام الأولى بعد التفجير بأن كبار زعماء النظام الحاكمين في إيران هم الذين خططوا ودبّروا تفجير هذا المركز وبعد ذلك كلّفوا قوات القدس وحزب الله اللبناني لتنفيذه فكانت هذه العملية بقرار مباشر من خامنئي المرشد الاعلى الإيراني ورفسنجاني الرئيس الإيراني آنذاك وآخرين من كبار المسؤولين.

وقال "لكن السياسة والتجارة والفساد الإداري في الأرجنتين منعت تقدم التحقيقات في العقد الأول نحو الهدف حيث اتهم الرئيس الأرجنتيني آنذاك كارلوس منعم بأنه تلقى رشوة بمبلغ عشرة ملايين دولار من النظام الإيراني حتى يتستر على التحقيقات ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في يوليو (تموز) عام 2002 عن مسؤول كبير سابق في وزارة المخابرات الإيرانية أن هذا النظام قدّم عشرة ملايين دولار لكارلوس منعم مقابل محاولاته للتغطية على الحقائق في هذا الملف وبعد ذلك تسربت معلومات بأن القاضي المكلّف بملف التحقيقات أيضاً لم يكن نزيهاً وأنه حاول تزوير بعض الحقائق فغطّى غبار الغموض هذا الملف وكان معرّضاً للتناسي والنسيان من قبل السلطات المعنية".

ونوه زاهدي في هذا المجال بخروج الكاردينال الكبير للبلاد - وهو البابا الحالي في الفاتيكان فرانسيس الاول- إلى الساحة للدفاع عن العدل والحقيقة عام 2005 ووقّع على بيان طلب فيه مواصلة التحقيقات في هذه الجريمة، وبعد ذلك انضمّ إليه 84 شخصية أخرى وكانت هذه المبادرة بعد سنوات من خروج كارلوس منعم من الرئاسة ومجيء نستور كريشنر رئيسا للبلاد حيث امر بمواصلة التحقيقات وعيّن القاضي الشاب آلبرتو نيسمان على رأس فريق لاستمرار العملية.

وأوضح أنه بعدها بعام نشر هذا الفريق وثيقة بـ 800 صفحة تم فيها شرح الشهادات والمعلومات الدقيقة بشأن كيفية تخطيط وتدبير وتنظيم وتنفيذ عملية الإنفجار حيث قرر القاضي وفريقه أن لجنة خاصة مكوّنة من خامنئي ورفسنجاني وولايتي وقائد قوات القدس - الذي كان آنذاك احمد وحيدي- وقائد قوات الحرس محسن رضائي، ووزير المخابرات علي فلاحيان هي التي قرّرت تنفيذ هذه العملية ومن الأسباب التي أدت إلى هذا القرار هو أن الحكومتين الإيرانية والإرجنتينية كانتا على وشك الاتفاق بشأن تصدير اليورانيوم من الأرجنتين إلى إيران ولأن المقاومة الإيرانية كشفت في واشنطن هذه الخطة وبسبب الضغوط التي فرضها الغرب على الأرجنتين فإنها تخلّت عن الوفاء بهذه الإتفاقية فقام النظام بأخذ الثأر من الحكومة الأرجنتينية.

وأشار القيادي الإيراني المعارض إلى أنّه بالعودة إلى مهمة القضاء، جاءت نتيجة لائحة اتهام آلبرتو نيسمان بتوجيه الإتهام إلى أعضاء هذه اللجنة الخاصة ما عدا خامنئي وبعد تأييد هذا القرار من قبل القاضي الفدرالي تم إرسال هذه الوثيقة إلى الشرطة الدولية - الأنتربول - حيث قررت خلال اجتماعها المنعقد في السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2007 إصدار مذكرات دولية ضد هؤلاء الأشخاص.

وبعد ذلك جاءت فرنانديز كيريشنر رئيسة للأرجنتين وبدأت المفاوضات مع النظام الإيراني بحثاً عن حلّ لهذه المشكلة العويصة لكن القاضي نيسمان احتج على هذه المفاوضات وأعلن أن هذه العملية معناها المفاوضات مع الجلاد بشأن الجريمة وأنها تأتي انتهاكاً للدستور ولاستقلال القضاء.

وبعد ذلك أصدر القاضي لائحة الاتهام كاشفا عن أن حكومة فرنانديز دخلت مفاوضات سرية بهدف وضع نهاية لهذا الملف وتبرئة المتورطين في عملية التفجير بشرط عقد صفقات النفط والمنتجات الزراعية بين إيران والأرجنتين.

وأوضح زاهدي انه في هذه المرحلة دخل القاضي نيسمان المنطقة الخطرة حيث وجه الاتهام مباشرة للرئيسة فرنانديز ووزير خارجيتها والمسؤولين الآخرين في بلده، بأنهم يريدون التغطية على سير القضاء وعدم كشف الحقيقة وحرف القضاء عن مساره الصحيح.

وفي هذه الأثناء تلقى القاضي نيسمان تهديدات من عملاء إيران عدة مرات كما أن الصحافة الرسمية لنظام طهران بدأت بشتمه والهجوم عليه فطلب البرلمان من القاضي المثول أمامه وعرض الأدلة على النواب بشأن تورط الرئيسة وحكومتها في هذه الفضيحة لكنه قبل ساعات من حضور القاضي أمام البرلمان وقعت الواقعة ووجدوا جثة القاضي مضرجة في الدماء داخل شقته فأصبح هذا القاضي ضحية كشف الحقيقة ووضع النقاط على الحروف بشأن تورط نظام الملالي من قمته في هذه الجريمة الكبيرة.

وأشار إلى أنّ رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي قد بعثت مطلع الاسبوع الحالي برسالة إلى البابا وفرنانديز للتدخل في هذا الموضوع وعدم السماح لوأد الحقيقة.. واوضح انه لأن البابا مواطن أرجنتيني وكان تدخل سابقا لتنشيط هذا الملف والحيلولة دون التغطية علي الحقيقة و"ليتدخل مرة أخرى حتى لا يستطيع الإرهابيون والقتلة من خلال الترهيب والتخويف الحيلولة دون مواصلة كشف الحقيقة ومثول المجرم أمام محكمة العدل".

رجوي: اغتيال القاضي نيسمان دليل جرائم الفاشية الدينية في إيران

ومن جانبها فقد أكدت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي أن ألبرتو نيسمان ليس شهيدا للشعب الأرجنتيني فحسب بل هو أيضا شهيد السلام والبشرية في وجه الإرهاب وفي عداد شهداء الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ضد التطرف والإرهاب الناجم عنه.

وأضافت ان القاضي المغدور وقف بوجه نظام طهران بشجاعة وكشف "عن المقايضات السياسية والاقتصادية القذرة بهدف تخليص هذا النظام من تداعيات جريمة تفجير معبد أميا اليهودي الكبرى ولم يركع أمام التهديدات المتكررة والمتزايدة خلال الأشهر الأخيرة.

وأشارت إلى أنّ قتل القاضي الذي وصفته بالجبان هدفه الحيلولة دون الكشف عن الحقيقة ومحاولة لتبييض الفاشية الدينية الحاكمة في إيران من التفجير الاجرامي وفتح الباب أمام عقد الصفقة مع هذا النظام.

واكدت مجددا ان قرار تنفيذ هذا التفجير قد تم اتخاذه في المجلس الاعلى للأمن في&النظام الإيراني وكان آمروه ومنفذوه من مسؤولي النظام ووزارة المخابرات للملالي وفيلق القدس وحزب الله اللبناني حيث سبق ان زود ابراهيم ذاكري مسؤول لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية آنذاك وزملاءه قاضي التحقيق في الملف بهذه المعلومات بالتفاصيل خلال عدة لقاءات في السفارة الأرجنتينية في باريس.

وشددت على أنّ نظام طهران لن يتمكن ابدا من ايقاف عجلة العدالة معبرة عن يقينها من ان مسؤولي النظام سوف يمثلون أمام العدالة بسبب ارتكابهم مئات من العمليات الإرهابية ومنها اعدام 120 ألف من السجناء السياسيين وقتل المواطنين العزل في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

وطالبت رجوي باجراء تحقيقات دولية مستقلة حول منفذي وآمري تفجير بوينس آيريس مؤكدة أنّ التحقيقات بهذا الخصوص ستظهر بلا شك دور النظام الإيراني في تلك الجريمة وبشكل أكثر وضوحا.

دعوة لمحاكمة دولية لقادة النظام الإيراني

طالبت المعارضة الإيرانية مجلس الأمن الدولي بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة قادة النظام الإيراني لتورطهم في تصدير الإرهاب والجريمة ضد الانسانية وحذرت من ان تجاهل ذلك يشجع النظام ليس&على مواصلة جرائمه فحسب وانما ايضا&على الاستهتار بالقوانين الدولية ومشروع سلاحهم النووي.

وقال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيان صحافي من مقره في باريس تسلمت "إيلاف" نسخة منه ان المدعي العام الارجنتيني آلبرتو نيسمان كان اصدر لائحة اتهامات متكاملة تتضمن 500 صفحة ضم فيها وثائق وأدلة أكثر بشأن مسؤولية نظام طهران وقادته ومدرائه في عملية تفجير المعبد اليهودي في عام 1994 وأكد& ضرورة تنفيذ قرار القبض على 7 من قادة النظام بصفتهم مسؤولين يقفون وراء هذا التفجير الإرهابي.

وأشار المجلس إلى أنّه كان قد أكد بعد حوالى ثلاثة أسابيع من التفجير انه قد تم تخطيطه في المجلس الأعلى لأمن النظام ودعا إلى ضرورة مقاطعة النظام نفطيا وتسليحيا وطرد مندوبيه من الهيئات الدولية وأكدت ان قطع أي مساعدة سياسية واقتصادية وعسكرية عن هذا النظام ومقاطعته دبلوماسيا هو الضمان الوحيد لاحتواء الإرهاب والهمجية الصادرين عنه إضافة إلى الاسراع في عملية تحقيق الديمقراطية في إيران ووضع حد لأبشع مأساة في نهاية القرن العشرين.

وأضاف المجلس أن اللائحة الجديدة التي أثارت خوفا لدى نظام طهران وقادته قدمت إلى المحكمة في حزيران (يونيو) الماضي في وقت كان فيه النظام قد حاول جاهدا وقف متابعة هذا الملف وذلك من خلال الصفقات وتقديم التنازلات الاقتصادية. واوضح ان اللائحة الجديدة الصادرة من قبل الادعاء العام الارجنتيني كشفت بالتفصيل عن الشبكه الإرهابية للنظام الإيراني في مختلف دول أميركا اللاتينية والعاملة تحت غطاء جمعيات ثقافية ودينية وأثبتت أن هذه الشبكة هي التي كانت تقف وراء تفجير المعبد كما انها متورطة في كثير من الأعمال الإرهابية الأخرى التي شهدتها المنطقة.

وأضاف أنّ الإيراني محسن رباني كان العامل المحوري في التفجير وهو الان مدير مؤسسة "انديشه شرق" الثقافية والمستشار لرئاسة جامعة المصطفى في مدينة قم بشمال إيران التي تشكل مركزا لتدريب الإرهابيين الأجانب من مختلف الدول والمؤتمرين بإمرة النظام تحت غطاء مبلّغي الدين والثقافة.

وشدد مجلس المقاومة الإيرانية على أنّه لم يكن قادة أي دولة في العقود الأخيرة متورطين في الأعمال الاجرامية على الصعيد الدولي مثل تورط قادة النظام الإيراني.. وأشار إلى أنّه نظرا إلى أن الكثير من هذه الأعمال الإرهابية تشكل مثالا على الجريمة ضد الانسانية وأن عدم الرد عليها سيؤدي إلى تشجيع هذا النظام على الاستمرار ومواصلة سياسته بتصدير الإرهاب.. فإن المجلس يطالب مجلس الأمن الدولي بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة قادة طهران لتورطهم النشط في تصدير الإرهاب محذرا من ان اللامبالاة تجاه جرائمهم سيشجعهم ليس على مواصلة جرائمهم فحسب وانما ايضا&على الاستهتار بالقوانين الدولية والاصرار على تنفيذ مشروع سلاحهم النووي.