قالت قيادة البيشمركة الكردية العراقية إنها فتحت تحقيقًا في قتل عناصرها جنديًا كنديًا وإصابة ثلاثة آخرين بجروح في تبادل نار في جنوب الموصل.. فيما حمل العراق اليوم المجتمع الدولي مسؤولية تدمير تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لآثاره التاريخية نتيجة تقاعسه عن اتخاذ إجراءات فاعلة، ودعا مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للوقوف بجدية لحماية آثاره.


أسامة مهدي: أعلن الجيش الأميركي عن مقتل جندي من قوات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، وجرح ثلاثة آخرين بنيران صديقة. وأضاف في بيان "أن الجندي هو كندي الجنسية، وقتل بنيران صديقة من قبل القوات الكردية"، مشيرًا إلى جرح ثلاثة آخرين. ولفت إلى أن الحادث وقع أمس بينما كان الأربعة في مهمة لتقديم المشورة والمساعدة إلى قوات البيشمركة الكردية، وجرى نقلهم إلى منشأة طبية، حيث توفي أحدهم متأثرًا بجروحه. وأشار الجيش الأميركي إلى أن الحادث قيد التحقيق.

بنيران صديقة
وقالت وزارة الدفاع الكندية إن جنديًا كنديًا قتل بنيران صديقة في العراق، ليكون أول جندي من كندا يلقى حتفه خلال مهمتها العسكرية هناك، وأصيب ثلاثة جنود كنديين آخرين. وأضافت وزارة الدفاع في بيان أن الجنود يتبعون قوة العمليات الخاصة بكندا، وأن القوات الكردية العراقية اشتبكت معهم بطريق الخطأ عقب عودتهم إلى نقطة مراقبة خلف الخطوط الأمامية. وقد تم الكشف عن هوية الجندي القتيل، ويدعى الرقيب أندرو جوزيف دويرون، في حين لم تتحدد هوية المصابين الثلاثة الذين يخضعون للعلاج.

من جانبه، أكد قائد قوات سفين الكردية اللواء هلكورد حكمت أن المستشارين ينتمون إلى الجنسية الكندية.. وأوضح أن أربعة مستشارين كنديين في منطقة بعشيقة في شمال شرق الموصل قاموا بالتقدم إلى خط التماس، ولدى عودتهم لم تتعرف إليهم قوات البيشمركة، وأطلقت عليهم النار. وأشار إلى أن الجنود الكنديين "ذهبوا إلى خط التماس من دون علم البيشمركة"، ولذلك لم تتعرف إليهم القوات الكردية، وهم في طريق العودة إلى موقعهم.&

واليوم، أكد مصدر في قيادة قوات البيشمركة الكردية أن القيادة فتحت تحقيقًا في الحادث.. وقال مؤكدًا "إن التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث". وتبادلت القوات الخاصة الكندية إطلاق النار مع مقاتلي الدولة الإسلامية "داعش" ثلاث مرات على الأقل منذ انتشارها لتدريب القوات العراقية، وساهمت أيضًا في تحديد أهداف للضربات الجوية. ومن المنتظر أن تقرر كندا خلال بضعة أسابيع ما إذا كانت ستمدد التفويض الممنوح لمهمتها العسكرية هناك، ومدته ستة أشهر. وإضافة إلى نحو 70 جنديًا من القوات الخاصة الكندية العاملة في منطقة كردستان في شمال العراق، تشارك كندا بست مقاتلات في مهام القصف، التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".

مساعدات إنسانية
جاء الحادث بعد ثلاثة أيام من زيارة قام بها إلى العراق الأربعاء وزير الخارجية الكندي روبرت نيكلسون، الذي أكد إثر اجتماعه في بغداد مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، وفي أربيل مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، عزم بلاده الاستمرار في تقديم الدعم الجوي والإنساني للشعب العراقي في حربه ضد "داعش" وتدريب قواته المسلحة.

يذكر أن كندا كانت من بين أولى الدول التي بادرت إلى تقديم مساعدات إنسانية، ودعمت إعادة إعمار العراق عقب سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003، حيث أنفقت 300 مليون دولار في هذا المجال، وقدمت المساعدات الإنسانية بين عاميّ 2003 و2010. وتلعب كندا بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دورًا نشطًا في إعادة توطين اللاجئين العراقيين، الذين يعيشون في الأردن ولبنان وتركيا، حيث التزمت بإعادة توطين ما يقرب من 20 ألف لاجئ عراقي من منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2015.

وتشارك كندا حاليًا ضمن التحالف الدولي في غارات جوية ضد قواعد ومقاتلي داعش في العراق وسوريا، كما قدمت مساعدات عسكرية إلى إقليم كردستان العراق بقيمة 15 مليون دولار، وأخرى إنسانية بقيمة 7 ملايين دولار، وتبرعت بمبلغ 5 ملايين دولار لدعم الأيزيديين العراقيين النازحين.&

وتتبع ناحية بقشيعة، التي وقع فيها حادث مقتل وإصابة الجنود الكنديين الأربعة، لقضاء الحمدانية في محافظة نينوى في شمال العراق، وتقع في شمال غرب مدينة الموصل على بعد 12 كم منها في سهل نينوى، وتعتبر من المناطق الزراعية، وتشتهر بزراعة الزيتون. ومعظم سكان منطقة بعشيقة هم من الأيزيديين، وتسكنها أيضًا نسبة من ذوي الديانات الأخرى من مسلمين ومسيحيين وشبك. ويبلغ تعداد سكان ناحية بعشيقة 70 ألف نسمة، وهي منطقة غنية بالثقافات، إذ تحتوي على ست ثقافات، وكما هو واضح على الخارطة، وهذا يجعلها أكثر المناطق احتواءً للثقافات الفرعية.&

العراق: تقاعس المجتمع الدولي دفع داعش لتدمير آثارنا
هذا وحمل العراق اليوم المجتمع الدولي مسؤولية تدمير تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لآثاره التاريخية نتيجة تقاعسه عن اتخاذ إجراءات فاعلة، ودعا مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للوقوف بجدية لحماية آثاره.

وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية إن "عصابات داعش الإرهابية قامت بسرقة وتدمير مدينة الحضر الآثارية التريخية رغم صيحات كل الشرفاء وتحذيراتهم للعالم أجمع بأن جرائم داعش ستستمر، وتطال مواقع أثرية أخرى في بلادنا، إلاّ أن التجاوب لم يكن بالمستوى المطلوب، فساهم تباطؤ دعم المجتمع الدولي للعراق في تشجيع الإرهابيين على إقتراف جريمة أخرى بسرقة وتدمير آثار مدينة الحضر المدرجة على لائحة التراث العالمي، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد".

وأضافت الوزارة في بيان صحافي، اطلعت على نصه "إيلاف"، أن "هذا العمل الجبان قد مسّ هذه المرة إرثاً مسجلاً على لائحة التراث العالمي منذ عام 1987، وينبغي أن ينبري العالم ومنظماته الدولية لمجابهة هذا الإعتداء الصارخ على الموروث الإنساني". وقالت: "ما زلنا ننتظر عقد جلسة مجلس الأمن الطارئة، ومعها وقفة جدية من دول التحالف الدولي للتعاون مع العراق، الذي يقاتل وحده الآن على الأرض، من أجل إيقاف جرائم داعش الإرهابية، وبخلافه فإن تلك العصابات ستستمر في إنتهاكاتها ناسفة إنجازات حضارية بذل فيها الإنسان قرونًا من المعرفة والإبداع".

وحذرت من أن ترك هذه العصابات الضالة من دون عقاب سيجعلها تجهز على حضارة الإنسانية جمعاء، حضارة بلاد الرافدين، مسببة خسائر حضارية لا تعوّض.. وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات فاعلة تضع حدًا لهذا الوضع المأساوي الذي يمر به العالم المتحضر، والوقوف مع العراق ضد أعداء الحضارة والإنسانية.

الجرف بعد نمرود
وأمس السبت، قام تنظيم "داعش" بتفجير وتجريف مدينة الحضر الأثرية في جنوب مدينة الموصل وسرقة العملات النقدية القديمة منها. وقال شهود عيان إن "عناصر "داعش" قاموا بتفجير مدينة الحضر الأثرية وتجريف المواقع الآثرية بالجرافات والآليات الثقيلة وسرقة العملات القديمة الذهبية والفضية التي كانت محمية في سراديب في تلك المنطقة.

ويوم الخميس الماضي، أقدم عناصر "داعش" على تدمير آثار مدينة نمرود بوساطة الآليات الكبيرة والجرافات، في خطوة جديدة لمحو جميع الآثار التي تعكس حضارة وتاريخ الموصل. وقال شهود عيان إن "عناصر التنظيم جلبوا معهم الآليات الكبيرة، وقاموا بتدمير آثار مدينة النمرود الأثرية الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل".

وكانت مدينة نمرود مركزًا مهمًا للدولة الآشورية منذ حكم الملك الآشوري شلمنصر الأول (1373 ـ 1244ق.م)، ثم أهملت إلى حين تولي عرش الإمبراطورية الآشورية من قبل آشور ناصر بال الثاني (883 ـ 859ق.م)، وقد عمد هذا الملك إلى جعل مدينة نمرود عاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فشيّد فيها المباني والقصور، منها القصر المعروف باسم (القصر الجنوبي الغربي)، فضلًا عن معبد (نابو)، وبنى له قصرًا جديدًا بالقرب منه، كما عمل على تجديد هذه المدينة، واعتنى بزقورتها التي تعد من أهم زقورات العصر الآشوري.

والخميس الماضي، طالبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ عقب نشر تنظيم "داعش" شريط فيديو يظهر تحطيمه آثارًا في متحف الموصل. وقالت مديرة "يونيسكو" إيرينا بوكوفا إن "هذا الاعتداء هو أكبر بكثير من أن يكون مجرد مأساة ثقافية، إنه أيضًا شأن أمني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق".&
&
&