في خطوة أثارت غضباً في الهند وتنذر بتوتر اشد في العلاقات مع إسلام اباد، قضت محكمة باكستانية بالإفراج عن المشتبه بأنه "العقل المدبر" وراء الهجمات الدامية، التي شهدتها مدينة مومباي الهندية، قبل أكثر من 6 سنوات.


نصر المجالي: أمرت المحكمة العليا في إسلام أباد، الجمعة، بإخلاء سبيل زكي الرحمن لاخفي، الذي تتهمه الهند بأنه "العقل المدبر" لـ"هجمات مومباي"، التي وقعت في نوفمبر ( تشرين الثاني) 2008.

واعتبرت المحكمة أن استمرار احتجاز لاخفي "غير قانوني"، بحسب محاميه، الذي أكد أن موكله، الذي يُعد أحد أبرز قيادات جماعة "عسكر طيبة"، لم يحضر جلسة المحكمة الجمعة، حيث أبقت عليه السلطات في السجن.

وقال غلام محمد محامي لاخفي: "لا يوجد الآن ما يحول دون الافراج عنه حتى تقيم الحكومة قضية جديدة ضدهّ.

ضغوط

وتعثرت القضية في ظل ضغوط متضاربة من عدة أطراف من بينها الهند التي كانت ترفض اخلاء سبيله بكفالة وتطالب بمحاكمته بتهمة الضلوع في هجمات مومباي.

وكان لاخفي اعتقل بعد فترة قصيرة من وقوع هجمات مومباي عام 2008، ثم حصل على حكم بالإفراج عنه بكفالة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولكن الحكومة تعارض اخلاء سبيله.

وتتهم الهند، جماعة عسكر طيبة المتشددة ومقرها باكستان بتنفيذ هجمات مومباي التي راح ضحيتها 195 شخصا على الأقل، وتشير التقارير إلى أن لاخفي كان قائد عمليات الجماعة في ذلك الوقت.

وفور الإعلان عن قرار المحكمة العليا في إسلام أباد، قامت الخارجية الهندية باستدعاء "المفوض السامي" لباكستاني في نيودلهي، وأبلغته باعتراضها على القرار، بحسب ما أكد المتحدث، سيد أكبر الدين.

كفالة مالية

وكانت محكمة باكستانية أصدرت قراراً في وقت سابق من العام الماضي بإطلاق سراح لاخفي بكفالة مالية، وهو القرار الذي عارضته حكومة إسلام أباد، كما أثار انتقادات حادة واحتجاجات واسعة في الهند.

وعلق وزير الداخلية الهندي، رايناث سينغ، على قرار إخلاء سبيله السابق بكفالة بقوله في ديسمبر (كانون الأول) الماضي: "من المثير للاستياء جداً، أن يحصل المتهم بهجمات مومباي على حكم بإطلاق سراحه."

وفي عام 2012، قامت السلطات الهندية بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق المهاجم الوحيد الذي نجا من الهجمات، بينما قُتل باقي المهاجمين خلال الهجمات التي جرى تنفيذها على مدار ثلاثة أيام.

بدء الهجمات

وكانت هجمات نوفمبر 2008 في مومباي العاصمة الاقتصادية لجمهورية الهند، شبه المتزامنة بدأت أحداثها ليل الأربعاء 26 نوفمبر (تشرين الثاني) حين قامت بها مجموعات من المسلحين على عدد من الفنادق الفاخرة والمطاعم الشهيرة والمستشفيات ومحطات القطارات المكتظة في المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 13 مليون نسمة، ما تسبب بمقتل 195 شخصا، وجرح مئات آخرين واحتجاز عدة سياح أجانب.

وحينها، ذكر مسؤولون إن من بين القتلى في الهجمات "هيمانت كاركاري" رئيس قسم مكافحة الإرهاب في شرطة مومباي، واستمرت العمليات الأمنية ضد المهاجمين الذين تحصنوا في عدد من المواقع بينها مركز يهودي وفندق تاج محل حتى أعلنت الشرطة الهندية يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني)2008 انتهاء حالة حصار مومباي.

ومن بين المواقع التي استهدفتها الهجمات "فندق برج وقصر تاج محل" الشهير في المدينة والذي يعتبر من أهم معالمها، والذي شوهدت سحابة ضخمة من الدخان الأسود والنيران التي اندلعت فيه، بعد القاء المهاجمين عددًا من القنابل داخله وحوله، ثم قاموا باحتجاز مجموعة من الرهائن في الفندق.

كما شملت فندق "أوبروي ترايدنت" الفخم في المدينة الذي حاول الجيش الهندي اقتحامه، إلا أن مجموعة من الرهائن كانت لا تزال محتجزة بداخله.وشملت الهجمات محطة شاهترابتي شيفاجي المركزية (فيكتوريا سابقا) للقطارات والتي تعد من معالم المدينة.

مركز يهودي

ومن بين المواقع التي استهدفت مجمع سكني هو "ناريمان هاوس" حيث تقطن مجموعة من اليهود والإسرائيليين، ويوجد بداخله مركز ثقافي يهودي حيث قتل المسلحون اثنين في شقتهم إضافة إلى فتى مراهق قضى عندما قفز من شقته، كما احتجز عدد من الرهائن في المبنى بينهم حاخام وزوجته.

وظل مسلحون يحتجزون رهائن داخل المركز لتنتهي العملية باقتحام قوات كوماندوز هندية المركز وقتل مسلحين اثنين في حين عثرت على 5 رهائن داخل المركز قتلى.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت رفض الهند مساعدة عسكرية عرضت تقديمها إسرائيل لغرض تحرير الرهائن المحتجزين في مومباي، حيث ذكر أن وزارة الدفاع الإسرائيلية قالت إن طائرة خاصة كانت جاهزة للاقلاع إلى الهند لهذا الغرض، إلا أن نيودلهي رفضت العرض.