غاريسا: يستمر الجمعة البحث عن مفقودين لم يعرف مصيرهم منذ الهجوم الدامي الذي شنته حركة الشباب الصومالية في جامعة موي في بلدة غاريسا في شمال شرق كينيا، والذي اودى بحياة 148 شخصا.

والهجوم الذي استمر يوما كاملا هو الاسوأ الذي شهدته كينيا منذ تفجير السفارة الاميركية في العام 1998 في نيروبي ومقتل 213 شخصا، والاكبر الذي تقوم به حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة، والذي اكدت الحكومة الكينية انه "لن يجعلها تخضع للارهاب".

ووعد الاتحاد الاوروبي الجمعة بـ "دعم" كينيا في التصدي للارهاب. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في بيان "يجدد الاتحاد الاوروبي التزامه بدعم الحكومة والشعب الكينيين للانتصار على التهديد الارهابي". واضافت انه بامكان كينيا التعويل على "تضامن الاتحاد الاوروبي". ودان البابا فرنسيس الجمعة الهجوم معتبرا انه بدا واضحا استهداف المسيحيين "بوحشية غير مبررة".

واثر انتهاء العملية العسكرية لتمشيط حرم الجامعة، اعلن وزير الداخلية الكيني جوزيف نكايسيري ان الهجوم اسفر عن مقتل 142 طالبا وثلاثة شرطيين وثلاثة جنود، واصابة 104 آخرين. واشار الى انه تم "نقل جميع الجثث الى نيروبي"، فضلا عن جثث "اربعة ارهابيين". وطرحت نيروبي مكافأة قيمتها 200 الف يورو مقابل القاء القبض على القيادي في حركة الشباب محمد محمود، الاستاذ الكيني السابق في مدرسة دينية، ويعتقد انه انتقل الى الصومال ويشتبه في انه المخطط للهجوم الاخير.

وروى الناجون من المجرزة كيف عمد المهاجمون الى السخرية من الطلاب، كما اجبروهم تحت تهديد السلاح قبل قتلهم على الاتصال باهاليهم ليضغطوا على الحكومة الكينية كي تسحب قواتها من الصومال. وقال طالب يدعى سالياس اوموسا (20 عاما) ان المسلحين ايقظوا الطلاب عندما اقتحموا سكن الطلبة فجرا وفصلوا المسلمين عن غير المسلمين.

ويشكل المسيحيون 80 في المئة من سكان كينيا التي تضم ايضا عددا كبيرا من المسلمين وخصوصا على الساحل وفي المنطقة الصومالية. واضاف اوموسا ان المهاجمين بداوا بالصراخ قائلين "نحن لا نهاب الموت، ستكون عطلة فصح جميلة بالنسبة الينا"، مضيفا "ثم بداوا باطلاق النار".

وذكر طلاب ان شائعات عن هجوم قريب على الجامعة سرت خلال الاسبوع. وقال احدهم نيكولا موتوكو "لم يأخذ احد ذلك على محمل الجد"، بينما قالت طالبة تدعى كاترين انها "اعتقدت انها كذبة الاول من نيسان/ابريل". وفيما كان مسلحو حركة الشباب يفتشون الغرف لقتل من تبقى من الطلبة، قام بعض التلامذة بتلطيخ انفسهم بدماء زملائهم القتلى والتظاهر بالإصابة.

وقال روبين نياورا وهو عامل في وكالة الاغاثة الدولية لوكالة فرانس برس ان "الفتيات اخبرنني ان المسلحين قالوا انهم جاؤوا قاتلين او مقتولين، ثم امروا النساء بان يلطخن انفسهن بالدماء وسخروا منهن". واضاف انه روع امام عدد الجثث المنتشرة في سكن الطلاب. وقال "كانت الجثث في كل مكان، وراينا قتلى تفجرت رؤوسهم، والرصاص في كل مكان".

انتهت العملية العسكرية للقوات الكينية لاستعادة السيطرة على حرم الجامعة الخميس "بمقتل الارهابيين الاربعة"، وذلك بعد 16 ساعة على بدء الهجوم في المدينة التي تبعد 150 كلم عن الحدود الصومالية، حسبما اعلن بيان للمركز الوطني لادارة الكوارث. وتجمع حشد كبير من الناجين واهالي الضحايا والمفقودين الجمعة امام مدخل الجامعة.

وقال هابل موتيندا، وهو رجل طاعن في السن، والدموع تنهمر على وجهه "انا خائف جدا، ولدي في الجامعة، ولم اسمع عنه شيئا منذ الامس". وبعد زيارة قام به الى موقع الجريمة، اعلن نكايسيري للصحافيين في غاريسا "الحكومة الكينية لن تخضع للارهابيين الذين اختاروا قتل الابرياء لاضعافها واذلالها (...) الحكومة مصرة على مواجهة الارهابيين(...) وسنربح هذه الحرب ضد اعدائنا".

وضاعف الاسلاميون الصوماليون في حركة الشباب الاعتداءات على الاراضي الكينية منذ 2011، ووصلوا الى نيروبي ومومباسا الميناء الرئيس في شرق افريقيا. واعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم في ايلول/سبتمبر 2013 على مركز ويست غايت في نيروبي الذي اوقع 67 قتيلا وسلسلة هجمات دامية على بلدت على الساحل الكيني في حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2014 تم خلالها اعدام 96 شخصا على الاقل بدم بارد.

والمناطق الكينية الواقعة على طول الحدود مع الصومال على 700 كلم - خصوصا مانديرا ووجير (شمال شرق) وغاريسا - غالبا ما تتعرض لهجمات. وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر بعدما اعدمت حركة الشباب 28 راكبا كانوا في حافلة معظمهم اساتذة قرب مانديرا اوصت نقابات الاطباء واطباء الاسنان والاساتذة، للعاملين في هذه المجالات مغادرة المناطق الحدودية مع الصومال طالما ان السلطات الكينية عاجزة عن ضمان امنهم.