أدى تراجع تأييد حزب العمال البريطاني في اسكتلندا إلى تراجع فرص الحزب في الفوز في الانتخابات المقررة الشهر المقبل. وفي المقابل، بدأ نجم حزب القوميين الاسكتلنديين يصعد في الحياة السياسية البريطانية، وربما يلعب دور بيضة القبان في الانتخابات المقبلة.&

إعداد عبد الاله مجيد: إذا كان هناك أمر أكيد في السياسة البريطانية خلال السنوات الماضية فهو تصويت الناخبين في المناطق العمالية في اسكتلندا لصالح حزب العمال، دون أن ينازعه حزب آخر على اصواتهم.&
&
وكان هذا التأييد التقليدي الثابت سبباً رئيسياً لاحتفال حزب العمال، عندما رفضت اسكتلندا الانفصال عن بريطانيا في استفتاء ايلول (سبتمبر) الماضي، إذ لم تبقَ بريطانيا موحدة فحسب، بل انقذت نتيجة الاستفتاء فرص حزب العمال في العودة الى الحكم مرة أخرى.
&
لكن الأشهر السبعة التي مرت منذ يوم الاستفتاء شهدت انهيار هيمنة حزب العمال على السياسة الاسكتلندية، بعد عقود من الاستئثار بأصوات الغالبية الساحقة من الناخبين الاسكتلنديين. ولعل اسكتلندا اليوم الساحة الحاسمة في انتخابات أخذت تصبح الأكثر صعوبة على التنبؤ بنتيجتها منذ جيل كامل، قبل اسابيع على توجه البريطانيين الى صناديق الاقتراع في 7 ايار (مايو) المقبل.
&
تراجع العمال
&
ويرى مراقبون انه لولا تراجع حظوظ حزب العمال في اسكتلندا لكان الحزب الآن في طريقه الى فوز حاسم في محاولته إقصاء حزب المحافظين في الانتخابات، الشهر المقبل، بعد خمس سنوات على حكم المحافظين. لكن الاستطلاعات الأخيرة تشير الى تساوي حظوظ الحزبين.
&
بيضة القبان
&
الرابح الأكبر على حساب حزب العمال في اسكتلندا هو الحزب القومي الاسكتلندي. وإزاء الاحتمال المتمثل في عدم حصول أي من الحزبين الرئيسيين على الغالبية، فإن الحزب القومي الاسكتلندي يمكن أن يقوم بدور صانع الملوك أو بيضة القبان.&ويعني هذا أن الحزب القومي الاسكتلندي، الذي نذر نشاطه لتفكيك المملكة المتحدة، هو الذي سيقرر في 8 ايار/مايو من يكون رئيس الوزراء البريطاني المقبل.&
&
شروط الحزب القومي الاسكتلندي
&
ويطرح الحزب القومي الاسكتلندي جملة مطالب ثمنًا لدعم أي من الحزبين، منها منح مزيد من السلطات والمال لاسكتلندا وإلغاء السياسات التقشفية في عموم بريطانيا وانهاء التسلح النووي البريطاني الذي كان ركنًا من اركان الأمن الغربي منذ خمسينات القرن الماضي.&
&
ويقدم صعود الحزب القومي الاسكتلندي كلاعب كبير في لندن، مثالاً قويًا على تشظي السياسة البريطانية بزحف احزاب قومية وايديولوجية صغيرة على مواقع كانت حكرًا على الحزبين الرئيسيين اللذين ينتمي أحدهما الى يمين الوسط والآخر الى يسار الوسط ، وهيمنا في ما بينهما على الحياة السياسية البريطانية منذ 100 سنة.&

&لاعبون جدد
&
وإذا كانت لاوروبا القارية سنوات طويلة من الخبرة في سياسة الائتلافات وتعدد الايديولوجيات، فإن حزبي العمال والمحافظين على النقيض من ذلك، لم يواجها ذات يوم تحديات من الأحزاب الصغيرة كما يواجهان اليوم.&
&
فالمحافظون يرون معاقلهم ينقض عليها حزب الاستقلال البريطاني، الذي حقق رصيده من الشعبية على حساب المحافظين، بسياسة العداء للمهاجرين والاتحاد الاوروبي.&ومن المتوقع ان يسرق الحزب حفنة مقاعد من المحافظين.&
&
ولكن مكاسب الحزب القومي الاسكتلندي ستكون لها تداعيات أبلغ أثرًا. &إذ يتقدم الحزب بنسبة 20 % &على حزب العمال في أحدث استطلاع للرأي في اسكتلندا. &ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن البروفيسور جون كرتيس استاذ العلوم السياسية في جامعة غلاسكو انه "ليس هناك مقعد واحد مضمون لحزب العمال في اسكتلندا".&

تداعيات الاستفتاء&
&
وهذه نكسة كبيرة لحزب حصل على 41 مقعدًا من أصل 59 مقعدًا في اسكتلندا خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2010.&ولكن هذا التراجع في شعبية حزب العمال يعكس الانقلاب السياسي الذي احدثه الاستفتاء عندما رفض أغلبية الاسكتلنديين الاستقلال عن بريطانيا، لكنهم وجدوا في مجرى العملية انهم يريدون تغيير الوضع الذي تجسده هيمنة حزب العمال.&
&
وقال المحلل السياسي ديفيد تورانس لصحيفة واشنطن بوست "إن ما فعله الاستفتاء هو كشف مدى ابتعاد الناخبين عن الحزب، الذي أيدوه طيلة سنوات، وما فعله الحزب القومي الاسكتلندي هو الاحتفاظ بهؤلاء الناخبين ومنعهم من العودة الى حزب العمال".&
&
أحدث التغيير الجذري الذي طرأ على المشهد السياسي في اسكتلندا هزة فتحت عيون العديد من نواب حزب العمال، الذين اعتادوا على الفوز بمقاعدهم في استكلندا دون أن يكلفوا أنفسهم تنظيم حملات انتخابية نشيطة حقًا.