قبل عشرة أيام من موعد الانتخابات البريطانية، تغيّرت صورة رئيس الوزراء زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون، فبعد أن كان يوصف بالسياسي الهادئ وبارد الأعصاب، أظهر نبرة هجومية واستخدم عبارات خالية من الدبلوماسية في مواجهة خصومه، رافعًا شعار "إما أنا أو الفوضى".

إيلاف - متابعة: متسلحًا بنسبة شعبية لا مثيل لها ونجاحات اقتصادية مثبتة، انطلق ديفيد كاميرون في حملة الانتخابات التشريعية بشدة النبيل الذي تبتسم له الدنيا على الدوام، قبل ان يعتمد فجأة نبرة هجومية عند بروز امكانية خسارته أو فوزه بفارق ضئيل.
&
ذهول
&
وقالت المحللة السياسية في كلية لندن للاقتصاد كيت جنكينز متفاجئة، "لفترة طويلة اوحى بأنه كان يفضل أن يكون على الشاطئ".&لكن قبل عشرة ايام على موعد الاستحقاق، سجل انصار رئيس الوزراء ومعارضوه، بذهول، التبدل المفاجئ لخطابه، وحتى "تعبيره الجسدي".
&
لا دبلوماسية
&
هنا انتهى الخطاب الرصين، واتخذ نبرة جديدة هجومية مستنداً الى شعار "إما انا أو الفوضى"، مرفقًا بقبضات مرفوعة وحنك متشنج، فيما تخللته احيانًا عبارات لم يكن يمكن تخيلها بالامس. والمثال الاوضح هو عندما انتقد بلغة خالية من الدبلوماسية برنامج حزب العمال المعارض.
&
في مقابلة اكثر هدوءًا مع صحيفة (ذا ايكونوميست)، تحدث كاميرون عن سوء فهم. واكد: "يخال لي احيانًا أن البعض يعتبرني بارد الاعصاب اكثر مما يجب. لكنني لا اوافق على ذلك، هذا ليس ما انا عليه".
&
ثلاث هفوات
&
في اثناء الحملة الانتخابية ارتكب كاميرون ثلاث "هفوات" اعتبرت اثباتات على ابتعاده عن اعماق البلاد. فقد تناول الهوت دوغ بالشوكة والسكين، واخطأ في اسم نادٍ لكرة القدم يفترض انه يؤيده، كما زل لسانه فقال إن "هذه الانتخابات محورية لمسيرتي...عفوًا... للبلاد".
&
في مطلع ولايته، اعتبرت قدرته على تفويض غيره بمهام بسرور، والترويح عن نفسه بلعب كرة المضرب، وامضاء نهايات الاسبوع "مسترخيًا" مع زوجته سامانثا وابنائهما الثلاثة، علامات توازن.
&
مآخذ سياسية&
&
لكنّ داعميه لم يرتاحوا للامبالاته عند استبعاده ولاية ثالثة في حال اعادة انتخابه في استحقاق 7 ايار(مايو) التشريعي، حيث تحدث في مقابلة مع البي بي سي فيما كان يقشر الجزر في مطبخه. والأسوأ هو انه ذكر اسماء ثلاث شخصيات توقع ان تخلفه، من بينها رئيس بلدية لندن المثير للجدل بوريس جونسون.
&
وينتقده متمردو معسكره على خروجه اكثر ضعفًا من انتخابات 2010، حيث اجبر بسبب عدم احراز اكثرية مطلقة على ارتجال تحالف غير مسبوق مع الليبراليين-الديموقراطيين، لم يناسب الجناح اليميني والرافض لاوروبا في حزبه.
&
سيناريو كارثي&
&
وتوقع كاتب سيرته انتوني سيلدون امكانية "سيناريو كارثي في 2015" حيث يحصل كاميرون ايضًا على اقلية ويضطر الى ابرام تحالف اشكالي آخر، ما سيجعله اكثر ضعفاً.
&
ويعرف كاميرون بمرونته ايديولوجياً، هو الذي شبه نفسه برئيس الوزراء الأسبق توني بلير محدث حزب العمال الذي اعتمد شعار "الاقتصاد ليس يمينًا ولا يسارًا"، عندما تولى رئاسة الحزب في 2005 في الـ39 من عمره، بعد 4 سنوات على انتخابه نائبًا لويتني في مقاطعة اوكسفوردشير الريفية.&
&
وطرح نفسه في تلك الفترة بصورة مصلح ساعٍ الى تبديل صورة حزبه الموروثة عن حقبة "المرأة الحديدية" مارغريت تاتشر، مؤيدًا العودة الى الوسط والى "تيار محافظ تعاطفي" ومصمماً على منح اولوية لقطاعات الصحة والتعليم والبيئة وحتى "مشاطرة ثمار النمو".
&
وهذا الخطاب يشكل ابتعادًا عن خلفية ديفيد وليام دونالد كاميرون، الذي يمثل الطبقة الراقية. فوالده وكيل تصريف عملات ثري ووالدته قاضية، وهو من سلالة الملك وليام الرابع ومتزوج من ابنة بارون، وتلقى التعليم في جامعتي ايتون واوكسفورد، منشأي النخبة البريطانية.
&
نجاحات&
&
مع نهاية ولايته الاولى، نجح كاميرون في مضاعفة النمو والوظائف واثبت مهارته بالنجاح المتفاوت عامًا بعد عام في ابقاء التحالف الحاكم في البلاد، الاول منذ 65 عاماً. كما تمكن من فرض اقرار زواج المثليين بالرغم من معارضة معسكره.
&
لكنّ معارضيه يتهمون سياساته بأنها في خدمة الاثرياء اكثر من أي وقت مضى، وادت الى مضاعفة الفروقات الاقتصادية، واضعاف جهاز الصحة العامة تحت غطاء سياسة التقشف. كما يتهمونه بالخداع بعد أن انصاع لضغط المشككين باوروبا ووعد باجراء استفتاء ينطوي على مجازفة كبرى قبل 2017 حول انتماء بلاده الى اتحاد اوروبي تبدو فيه مهمشة.
&
سياسته الخارجية
&
وفي ايلول (سبتمبر)، اوشك الاستفتاء، الذي وافق عليه حول استقلال اسكتلندا، على تقسيم المملكة المتحدة.
&
وأسرّ كاميرون أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يناديه "أخي". أما على الساحة الدولية فتميزت سنوات حكمه الخمس بفك الارتباط عسكريًا من العراق وافغانستان، وبحملة غير منتهية في ليبيا وأخرى اجهضت مبكرًا في سوريا، وغياب شبه تام في الازمة الاوكرانية وعزلة متنامية في أوروبا.