فاز المحافظون في بريطانيا بالأغلبية المطلوبة، بينما تعرض حزب العمال لصفعة قاسية من الحزب القومي في اسكتلندا، وتكبد الليبراليون الديمقراطيون خسائر فادحة.

بيروت: طوت بريطانيا العظمى صفحة الانتخابات التشريعية خمسة أعوام من اليوم، وضعت فيها ثقتها ثانية في ديفيد كاميرون وحزب المحافظين وحلفائه، كي يديروا دفة البلاد.

فوز مدوِّ

فقد نال المحافظون 331 مقعدًا، والعمال 232، والليبراليون الديمقراطيون 8 مقاعد، والحزب القومي الاسكتلندي 56 مقعدًا، وحزب الاستقلال مقعدًا واحدًا، وحزب الخضر مقعدًا واحدًا، بينما فازت الأحزاب الأخرى والمستقلون بـ 19 مقعدًا، علمًا أن المطلوب لتحقيق الأغلبية هم الفوز بـ 326 مقعدًا.

وبذلك، ينال المحافظون 37% من التصويت الوطني، والعمال 31%، وحزب الاستقلال 13%، والليبراليون الديمقراطيون 8%، والحزب القومي الاسكتلندي 5%، والخضر 4%. وكانت الخسارة الأفظع هي التي أصابت الليبراليين الديمقراطيين، الذين تراجع عدد مقاعدهم من 57 فازوا بها في انتخابات 2010 إلى 8 مقاعد فقط لا غير.

صفعة قاسية

أتت الصفعة قاسية لحزب العمال وزعيمه إد ميليباند، الذي سارع إلى الاستقالة من منصبه العمالي، إذ كانت استطلاعات الرأي حتى ساعات قبل إقفال صنادق الاقتراع ترجح تعادلًا يضخ بريطانيا في مأزق، ويحرج ملكتها.

وكان المحللون يتبارون في وضع الاحتمالات، ورسم سيناريوهات ما بعد التعادل الانتخابي، حتى أن بعضهم ذهب بعيدًا في القول إن الملكة إليزابيث مدعوة إلى التدخل بقوة في الحكم، والدعوة لانتخابات جديدة.

كان ربع الساعة الأخير حاسمًا. فالبريطانيون أعادوا المحافظين إلى دفة الحكم، رغم أنهم يعرفون أن هذا يعني استفتاءً على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أي أنهم اختاروا الدخول في هذا الاستفتاء، بمجرد اختيارهم كاميرون.

يريدون الخروج

ومنذ صباح الجمعة، مع بوادر نجاح كاميرون، بدأ الأوروبيون، ودعاة الوحدة الأوروبية البريطانيون، يعدون خسائرهم ويحصون مآسيهم، توجسًا من وفاء كاميرون بوعده استفتاء البريطانيين على خروج خامس أكبر اقتصاد في العالم من أوروبا.

إلا أن هذا ليس همّ السواد الأعظم من البريطانيين، ولا حتى من الاسكتلنديين الذين ينوون المغامرة ثانية في استفتاء جديد على الانفصال عن التاج البريطاني. همّ البريطانيين اليوم هو أمنهم، وأمن أوروبا من بعدهم، خصوصًا أن المحافظين أكثر التصاقًا بالقوة الدولية، الممثلة برأيهم في الولايات المتحدة، وبعقلية الدفاع المشترك خارجيًا من خطر الارهاب، بينما هاجس العمال، بحسب ما عبر عنه البريطانيون، كان الضرائب والفئات المهمشة.

وحتى في هذا الاطار، عبر البريطانيون مرارًا أن حزب العمال فاشل في قراراته المالية، أي كان خطاب العمال اقتصاديًا صرفًا، في محاولة لرأب هذا الصدع بينه وبين الناخب البريطاني، بينما نوّع المحافظون خطابهم، بين السياسة والاقتصاد والمجتمع... والأمن.

تبدل في المزاج

لا شك في أن التبدّل في المزاج الانتخابي أمس الخميس غير موازين القوى، ودفع بالعمال وحلفائهم إلى دفع الثمن غاليًا، باستقالة كل من ميليباند ونيك كليغ ونيل فاراج من مناصبهم.

فهذه الخسارة التي منيوا بها تحمل أكثر من الدلالة الانتخابية، إذ هي دليل على توجه بريطاني شعبي نحو حسم الأمور مع أوروبا، والحزم في قضايا الهجرة، وضبط العلاقة في المجتمع البريطاني مع الجالية الاسلامية، التي انقسمت بين ممتنع عن التصويت وبين مصوت لميليباند.

وكان لافتًا خسارة جورج غالاوي، المفكر البريطاني الذي ينسب إليه دعمه للقضايا العربية وقضية فلسطين، لمقعده النيابي، وهو ما اعتبرته إسرائيل نصرًا لها في هذه الانتخابات.