أثار الحكم على الوزير السابق ميشال سماحة بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف، سجالاً بين عائلته ووزير العدل اللبناني أشرف ريفي، كما اعتبره سياسيون لبنانيون بأنه يشرع الاغتيال ويفقد المواطن ثقته بدولته.

إيلاف - متابعة: أثار حكم القضاء العسكري على الوزير السابق ميشال سماحة بالسجن لمدة اربع سنوات ونصف، بعد اتهامه بالمشاركة بالتخطيط لتنفيذ تفجيرات في لبنان، وادخال متفجرات من سوريا، موجة من ردود الفعل السياسية والشعبية. والى جانب الحكم عليه، تم تجريده من حقوقه المدنية، فلم يعد بامكانه المشاركة في الانتخابات لا كمرشح ولا كمواطن يحق له التصويت.
&
سجال بين عائلة سماحة وريفي
عائلة الوزير السابق اتهمت وزير العدل أشرف ريفي بالتدخل سياسيًا للضغط على المحكمة العسكرية لعدم اخلاء سبيل سماحة، خاصة أنه مضى على توقيفه أكثر من عامين دون أن تبدأ محاكمته، علماً أن التهمة التي أوقف على أساسها مشابهة لعشرات الحالات، التي أخلي سبيل المتهمين بها، بعد توقيفهم لأقل بكثير من مدة توقيف الوزير سماحة.
وقالت العائلة عبر بيان لها "إن التقارير الأمنية التي أشار إليها وزير العدل، ترد إلى الأجهزة الأمنية حصراً وليس إلى وزير العدل، وتقرر الأجهزة الأمنية في الدولة مدى صدقيتها"، لافتة الى أن " نقل سماحة إلى المستشفى تقرره حصراً الإعتبارات الطبية، وعلى الدولة اللبنانية أن تؤمن له الحماية".
&
وقال ريفي في بيان وزع مساء أمس:&"أنعي للشعب اللبناني المحكمة العسكرية. إنه يوم أسود إضافي في تاريخ هذه المحكمة"، مضيفًا "لا علاقة لوزارة العدل بهذه المحكمة".
واضاف: "سنعمل بكل الوسائل القانونية لتمييز هذا الحكم"، مشيرًا الى أنه يعمل ايضًا على استبدال المحكمة العسكرية بـ"محكمة متخصصة" أخرى.
ورد ريفي على عائلة سماحة قائلاً إن "القانون اللبناني يجعل من كل الاجهزة الامنية اللبنانية ضابطة عدلية مساعدة للقضاء، أي المقرر في كل الملفات القضائية للجرائم، وأنا آتٍ من خلفية أمنية وكنت مديرًا عامًا لقوى الامن الداخلي لفترة 8 سنوات"، مذكرًا بأن "الاحكام القضائية في الملفات تصدر عن القضاء اللبناني، وليس عن أي سلطة أخرى".
واضاف: "أذكر اللبنانيين بأنني والشهيد وسام الحسن، ضبطنا يوم أوقفنا ميشال سماحة 24 عبوة ناسفة، منها 4 عبوات كبيرة وعشرون عبوة صغيرة، والعبوات الصغيرة مجهزة بمغناطيس لاصق، أي أنها يمكن أن تستخدم في عمليات اغتيال كما حصل مع الشهيد جورج حاوي والشهيدة الحية مي شدياق. وهذا يدل على أننا أمام جريمة ارهابية كبرى، وخصوصا أننا ضبطنا مع العبوات أجهزة التفجير ومتمماتها ومبلغًا ماليًا كبيرًا (170 الف دولار) لاستخدامه في دفع أجر المجرمين الذين كانوا سيكلفون تنفيذ العمليات".
&
وأضاف: "يومها أنجز الملف في شكل احترافي كامل، مع كل الادلة الموضوعية والمضبوطات، وكانت الاعترافات مدونة بالصوت والصورة، أي أن الملف كان بأرقى المعايير الموضوعية والعلمية والاحترافية".
وتابع: "أما في ما خص المعلومات التي أعلنتها بالامس، فأنا على ثقة بأن الجهاز الامني الذي زودني بها، وهو غير لبناني، ذو صدقية واحترافية عاليتين، وسبق أن تعاونت معه في موقعي السابق لسنوات طويلة، وقد أثبت خلال تلك الفترة عن كفاءة وصدقية واحترافية. وما دفعني الى الادلاء بالمعلومات إعلاميًا هو واجبي في حماية الموقوف ميشال سماحة، الذي اعتبر أنني مسؤول عن حياته بغض النظر عن فعلته وموقفنا الشخصي منه. ولذلك، اذا قضت الضرورة الصحية بنقله الى احد المستشفيات فلا يمكن أن نحول دون ذلك، مع الاخذ في الاعتبار ضرورة حمايته في مكان توقيفه واثناء نقله الى المستشفى وفي مكان معالجته".
وردًا على سؤال عن التأخير في محاكمته، قال ريفي: "نعم، أجد أن هناك تأخيرًا في محاكمته، وآسف لأن البعض ينتظر تطورات اقليمية، ولا سيما في سوريا ليتجرأ على محاكمة ميشال سماحة، ولو كنت مكان هذا البعض لما ترددت في محاكمته، كما لم أتردد يوم القبض عليه".
&
رد على الرد
السجال لم ينتهِ هنا، فكان لعائلة سماحة رد على تصريح وزير العدل الثاني، وقالت في بيان وقعته غلاديس سماحة: "تشكر العائلة وزير العدل على حرصه على حياة الوزير سماحة، وتذكره بأن لائحة المتفجرات نظمها المخبر لدى فرع المعلومات ميلاد كفوري الذي أعلن وزير العدل نفسه أنه لن يقدمه إلى المحاكمة التي لا يمكن أن تجري في غيابه".
وبالتالي، فليس الوزير سماحة من يؤخر محاكمته بعدما قضى في السجن دون حكم، أكثر من العقوبة المحددة لنقل المتفجرات بسبب الإستدراج".
&
جنبلاط
من جهته، غرّد النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع تويتر قائلاً " حكم المحكمة العسكرية في قضية ميشال سماحة يشرّع الإغتيال والتفجير".
&
جعجع
ولم تقتصر ردود الأفعال على العائلة فحسب، بل كان لمختلف الجهات السياسية اللبنانية رأيها في محاكمة ميشال سماحة، فاعتبر رئيس حزب "القوات" سمير جعجع أن "حكم المحكمة العسكرية في قضية الوزير السابق ميشال سماحة يُقوض ثقة اللبناني بدولته وبوجود عدالة على هذه الأرض"، مشددًا على اننا "كلّنا مع وزير العدل أشرف ريفي في ردة فعله، حان الوقت للتخلُص من المحاكم الاستثنائية وبطليعتها العسكرية والعودة الى المحاكم المدنية".

قباني: الحكم معيب
وما بدا واضحًا من خلال ردود الفعل على محاكمة سماحة، هو الاجماع على أن الحكم يفقد المواطن اللبناني الثقة بدولته.
ووصف النائب محمد قباني الحكم "بالمعيب"، معتبرًا انه "تشجيع لأمثاله على خيانة الوطن وتوقع أحكام مخففة. ويأتي ذلك بعد الحكم المهزلة على العميل فايز كرم مدة سنتين - ليطعن العدالة في الصميم".
أضاف :"موقوفون منذ 7 سنوات في رومية وبعضهم بريء، لا يحاكمون، ومتهم هو ميشال سماحة اعترف بجريمة ارهابية كان يمكن أن تفجر البلاد، يحكم بأربع سنوات ونصف. هذا الحكم هو ضد الشهيد وسام الحسن بعد اغتياله، بسبب اكتشافه للجريمة الإرهابية. هل هناك من لا يزال يسأل: لماذا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان؟ ولماذا عدم الثقة بقدرة المحاكم اللبنانية؟".

اللبنانيون
حكم المحكمة العسكرية الصادر بحق ميشال سماحة أثار الصدمة لدى الكثير من اللبنانيين، كما أثار خيبة أمل كبيرة لديهم، وهم انتظروا حكمًا بالسجن لا يقل عن عشر سنوات، خاصة بعد اعترافه بما ارتكب، وبوجود ادلة بالصوت والصورة.
وقارن اللبنانيون بعد صدور الحكم، بين ما تفرضه عليهم الدولة من غرامات في حال مخالفة قوانين السير، التي باتت اكثر صرامة من العقاب الذي يفرض على من ينقل متفجرات ويخطط لخراب البلد. وعبروا عن رأيهم الغاضب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وقالوا "اذا ضوّيت العالي بالسيارة وقطعت الإشارة الحمرا بتنحكم أكتر من مدة حكم ميشال سماحة".
وغرّد آخرون "عقوبة حزام الأمان في هذا البلد أشد من الحزام الناسف..هزُلت"، ولتُلخّص الحالة الغاضبة في تعبير: "إن كنت سماحة فافعل ما شئت".
كما اعتبروا الحكم "إستخفافاً وإباحة لدمائهم"، وتساءلوا في تغريداتهم عن "معنى أن تكون لسماحة حقوق في دولة أُهدرت أبسط حقوق مواطنيها".
&
واعترف سماحة في جلسة سابقة عقدت في 20 نيسان (ابريل)، بأنه نقل متفجرات من سوريا لتنفيذ سلسلة تفجيرات واغتيالات في لبنان.
وقال انه تسلم "مبلغ 170 ألف دولار من السوريين" ووضعها في صندوق سيارته مع المتفجرات. وقال انه سلم الاموال والمتفجرات الى احد معارفه ويدعى ميلاد كفوري في مرآب منزله في بيروت.
وكرر سماحة خلال جلسة امس القول انه وقع "في فخ" نصبه له الشاهد كفوري، الذي ابلغ القوى الامنية اللبنانية عن مخطط سماحة ومملوك.
وطلب سماحة البراءة. وقال "أنا أسير حرب سياسي بأدوات مخابراتية وأطلب البراءة".
&