&تتراكم الأزمات في جنوب السودان ليضاف ارتفاع معدل التضخم وانهيار مرتقب للعملة إلى كارثة إنسانية تتمثل في عدم قدرة السكان على شراء الاحتياجات الاساسية بسبب غلاء الأسعار.

جوبا: يعاني سكان جنوب السودان حتى بعيدا عن الجبهة من عواقب الحرب الاهلية التي تشهدها بلادهم منذ 17 شهرًا، وبات حوالى نصفهم بحاجة للمساعدة الانسانية.
&
وقالت لورين عوديل وهي ام لثمانية اطفال، إن سعر كيس 50 كلغ من الدقيق ارتفع ثلاثة اضعاف، والامر سيان بالنسبة للارز والفاصولياء الخضراء والزيت وسلع أخرى.
&
واوضحت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية أجنبية في جوبا، وهي تعتبر لذلك محظوظة في احدى العواصم الاكثر غلاء في العالم، "إن استمر الوضع على هذا المنوال، فإن كثيرين من الناس لن تكون لديهم قريبًا القدرة على شراء الطعام".
&
وتركزت المعارك الأخيرة بين الحكومة والقوات المتمردة في آخر الحقول النفطية المنتجة في البلاد، ما يهدد موازنة هذه الدولة التي تعتمد في شكل وثيق على عائدات النفط.
&
وخلال السنوات الأربع الماضية، منذ نشوء دولة جنوب السودان، كانت الأرباح النفطية تشكل أكثر من 90 في المئة من عائدات الحكومة.
&
وتضم هذه الدولة الجديدة ثالث أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا شرق الصحراء، ما يعني أنها واحدة من اقتصادات العالم الأكثر اعتماداً على النفط.
&
أما اليوم، فأصبحت الدولة تعتمد في شكل رئيسي على الدعم الخارجي أمام تقارير للأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من نصف سكان جنوب السودان الذين يبلغ عددهم حوالى 12 مليون شخص، في حاجة إلى مساعدات طارئة إلى درجة أن بعض المناطق تقف على شفير المجاعة. واندلع القتال في كانون الأول (ديسمبر) 2013، حين اتهم الرئيس سلفاكير نائبه السابق رياك مشار بمحاولة الانقلاب على الحكم.
&
علمًا بأن جنوب السودان يعتبر حتى قبل نشوب النزاع من البلدان الاكثر اعتمادًا على المساعدة الدولية.
&
وقال لام اكول، احد قادة المعارضة، "مع ارتفاع الاسعار بات الشعب على شفير الهاوية" موضحاً "فلم يعد يستطيع شراء المواد الغذائية الاساسية أو حاجياته اليومية الاخرى".
&
وقد انهار الجنيه الجنوب سوداني ويتم تبادله في السوق السوداء حاليًا بسعر يزيد خمس مرات عن تسعيرته الرسمية.
&
وقال واني ساكي ميكايل (27 عاماً) "إن سعر الدولار يرتفع بشكل كبير ولم يعد هناك مراقبة على اسعار الصرف" مؤكدًا انه لا يتناول سوى وجبة واحدة في اليوم لانه لم يعد يملك الوسائل.
&
واوضح اكول "اننا نعاني اليوم من تسارع ارتفاع التضخم (...) وهذا &الفارق الكبير بين سعري الصرف حول الدولار من عملة الى سلعة"، مشيراً الى ان بعض المسؤولين يستغلون الوضع لملء جيوبهم.
&
واثارت تصريحاته رد فعل عنيفًا من قبل المتحدث باسم الرئاسة في جنوب السودان اتيني ويك اتيني، الذي قال "إن الاقتصاد لا ينهار... وان كان اكول يتمنى انهيار اقتصاد جنوب السودان فعليه أن ينتظر طويلاً".
&
لكن إن كانت الغالبية العظمى تعاني من الوضع، فإن اقتصاد الحرب في جوبا سمح ايضًا لبعض الانتهازيين بتكديس ارباح هائلة.
&
وفي هذا السياق، علق رجل اعمال لبناني متخصص في "اللوجستية" لم يشأ ذكر اسمه، "هناك حاجة دائمة لبعض البضائع".
&
وقال وهو يجلس في احد البارات على سطح فندق فخم في العاصمة، وهو يشرب كأسًا من الكحول وينظر الى المدينة بأبنيتها الاسمنتية واكواخها، "إن المكاسب جيدة".
&
ونقلت محطة التلفزيون الحكومية الأسبوع الحالي مشاهد مصورة لقتال في ميلوت (35 كيلومتراً غرب بالوش) تُظهر معارك عنيفة تُستخدم فيها الدبابات مدعومة من الطوافات، يُعتقد أنها تعود إلى أوغندا الداعمة لكير، وهي تقصف مواقع المتمردين في المدينة. وانخفض الإنتاج النفطي بنسبة 40 في المئة، وكان إنتاج البلاد قبل المعارك يصل إلى 240 ألف برميل يومياً.
&