في مواجهة اسئلة وجهها له الصحافيون العراقيون والعرب في بغداد اليوم حول دور بلاده في ما قالوا إنه دعم للارهاب، نفى وزير الخارجية القطري خالد العطية ذلك بشدة، مؤكدًا وقوف بلاده مع الجبهة التي تحاربه.. ودعا العراق إلى مصالحة وطنية حقيقية تمنع الاقتتال الداخلي وتدحر الارهاب، ووصف الهجوم على بلاده حول تنظيم مونديال 2022 بأنه عنصري.. فيما أكد الجعفري الاتفاق على افتتاح السفارة القطرية في بغداد قريبًا.

لندن: خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري في بغداد اليوم الجمعة، فقد واجه وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية اسئلة حملت اتهامات لبلاده بدعم الارهاب لكنه نفاها بشدة، مؤكدًا أن لبلاده دوراً واسعاً في محاربة هذا الارهاب، منوهًا إلى أنّ هذا الموقف لايمكن لأحد أن يزايد عليه. وأشار إلى أنّه بحث في بغداد التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة، مشددًا على حرص بلاده على امن واستقرار وسيادة العراق.

وأضاف العطية أنه حث المسؤولين العراقيين على تحقيق مصالحة وطنية تمنع الاقتتال الداخلي والعمل مع جميع العراقيين بمختلف اعراقهم وطوائفهم.. مصالحة تجمع كل العراقيين وتكون سببًا في دحر الارهاب ومعالجة جذوره واسبابه.

وأوضح أن المصالحة الوطنية ستكون قفزة نوعية نحو التخلص من الارهاب، مشددًا على اهمية التفاف العراقيين حول حكومتهم الشرعية الحالية لتجاوز اخطاء الماضي وصولاً لعراق موحد ذي سيادة يحتوي جميع قومياته وطوائفه. واوضح أن هناك مشكلة في العراق حالياً، واذا لم تكن هناك مصالحة حقيقية تشترك فيها كل القوى فإنه يخشى من اندلاع اقتتال داخلي.

وحول الاتهامات بانحياز قناة الجزيرة القطرية إلى جانب قوى ضد أخرى وتحريضها على الارهاب، أشار الوزير إلى أنّ بلاده تتمتع بحرية في الاعلام وانها لا تتدخل في ما تبثه القناة، مشددًا على انها لا تعبر عن السياسة القطرية.

&وعن مشاركة قطر في عمليات التحالف العربي في عاصفة الحزم باليمن، أشار العطية إلى أنّ العمليات العسكرية هناك لم تكن تدخلاً في الشؤون الداخلية لليمن، وانما جاءت بطلب من حكومته الشرعية وتماشياً مع القرارات الدولية. ودعا إلى حل سياسي في هذا البلد يلتزم فيه الحوثيون بقرارات مجلس الامن الدولي بالانسحاب من جميع المناطق التي سيطروا عليها بدون شرعية.

وفي ما يخص الانتقادات الدولية لكيفية حصول قطر على حق تنظيم بطولة كأس العالم بكرة القدم عام 2022 اتهم الوزير العطية الذين يقفون وراء هذا الهجوم بأنهم عنصريون.. وقال إن بلاده لم تسعَ إلى تنظيم البطولة لمصلحتها فقط وانما ايضا لمصلحة كل العرب.

ومن جهته، أشار الجعفري إلى أنّه بحث مع العطية المخاطر التي يشكلها الارهاب على المنطقة منوهاً بتضامن قطر مع العراق في هذا المجال وتقديمها المساعدات الانسانية لنازحيه. وأشار إلى أنّه اتفق والعطية على افتتاح السفارة القطرية في بغداد قريبًا، منوهًا بتخصيص بناية لهذا الغرض.

واستبعد طلب قوات برية قطرية للقتال مع القوات العراقية ضد الارهاب، مؤكدا أن سياسة بلاده ترفض أي تدخل بري عسكري، وانما ترحب بأي مساعدات أخرى في المجالات السياسية والانسانية.

معصوم: حريصون على تعزيز علاقاتنا مع قطر

وعلى الصعيد نفسه، أكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم خلال اجتماعه العطية على حرص العراق على تعزيز العلاقات مع دولة قطر في إطار المصالح المشتركة للبلدين، وبما يضمن الأمن والسلم في المنطقة والعالم. وعبّر معصوم عن سعادته بهذه الزيارة& التي تعد أول زيارة لمسؤول قطري منذ عام 2003..مؤكداً على أهمية إعادة افتتاح السفارة القطرية في بغداد، عادّاً إياها خطوة على طريق المزيد من توثيق العلاقات بين البلدين.

وأشار الرئيس العراقي الى ضرورة توحيد جميع الجهود في محاربة الارهاب الذي لا يهدد العراق فحسب، وأنما دول المنطقة والعالم.. وقدم صورة وجيزة عن الاجراءات العملية المتخذة على طريق تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية التي لا تستثني إلا داعش والإرهابيين ومرتكبي الجرائم، مؤكداً على أهمية إشاعة مناخ السلم الاهلي والتسامح الاجتماعي كما نقل عنه بيان صحافي رئاسي اطلعت على نصه "إيلاف".

من ناحيته، أعرب العطية عن امتنانه للرئيس معصوم على حسن الاستقبال وسعادته بهذه الزيارة، معبراً عن اعتزاز دولة قطر بالعراق والسعي الى توطيد العلاقات بين البلدين.

وأكد وزير الخارجية القطري حرص بلاده على دعم جهود الحكومة العراقية في مكافحة الارهاب والمساهمة في هذه الجهود على مختلف المستويات.. كما شدد على استعداد دولة قطر لتقديم الدعم المطلوب للعراق في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية.

العطية يؤكد للعبادي مساندة بلاده لحكومته

إلى ذلك، بحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع وزير الخارجية القطري سبل تطوير العلاقات الثنائية والوسائل الكفيلة لتعزيزها، اضافة الى الاوضاع السياسية والامنية في العراق والمنطقة ورؤية العراق لحل اشكالات هذه الاوضاع وخطرها على بلدان المنطقة.

كما تناول الاجتماع مناقشة "تطورات الحرب التي يخوضها العراق ضد عصابات داعش الإرهابية"، كما قال بيان صحافي لمكتب اعلام رئاسة الحكومة العراقية، اطلعت على نصه "إيلاف" الجمعة. وشدد العبادي على ضرورة "تكاتف جهود جميع الدول للقضاء على الإرهاب الذي يهدد الامن الوطني للجميع واهمية أن تتبلور الجهود للعمل من اجل نهوض وتقدم دول المنطقة".

ومن جهته، ثمن وزير الخارجية "الانتصارات التي حققها العراقيون على العصابات الإرهابية".. وأكد "دعم بلاده الكامل للحكومة العراقية في جهودها لمكافحة الإرهاب مثمنًا الانتصارات التي حققها العراقيون على العصابات الإرهابية".

ووصل وزير خارجية قطر خالد بن محمد العطية الى بغداد مساء امس في زيارة رسمية الى العراق، وهي الاولى التي يقوم بها مسؤول قطري رفيع منذ عملية التغيير في العراق عام 2003 في خطوة متقدمة تهدف الى اعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها، وتجاوز ازمات الماضي وتعزيز التعاون لمواجهة الإرهاب ومحاولات تنظيم "داعش" التمدد الى دول اخرى في المنطقة، واعادة افتتاح سفارة بلاده في العاصمة العراقية.

وسيجري العطية خلال زيارته القصيرة لبغداد هذه مباحثات مع رئيس الوزراء حيدر العبادي والرئيس العراقي فؤاد معصوم وعدد آخر من المسؤولين، بينهم وزير الخارجية ابراهيم الجعفري الذي يعقد معه مؤتمرًا صحافيًا مشتركاً في وقت لاحق اليوم يتناول اجراءات اعادة افتتاح السفارة القطرية في العاصمة العراقية والتعاون في مواجهة الإرهاب، اضافة الى تعزيز العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية بين البلدين.

وفي شباط (فبراير) الماضي، بحث الرئيس معصوم في الدوحة مع امير قطر الشيخ تميم ومع رئيس وزرائه الشيخ عبد الله ترميم العلاقات العراقية القطرية والتنسيق لمواجهة الإرهاب ودعم النازحين العراقيين والاسراع في فتح السفارة القطرية في بغداد. وخلال المباحثات، اكد الشيخ تميم حرص بلاده على وحدة العراق والعلاقات بين مكونات المجتمع العراقي وأبدى تفهمه للوضع الحالي في العراق.

وأكد الرئيس العراقي وأمير دولة قطر على ضرورة دحر الإرهاب ليس في العراق فحسب، وانما في سوريا وسائر المناطق التي تعاني من وجوده، كما اكدا أهمية ايجاد حل سياسي للأزمة السورية. وتم أيضا الاتفاق على ضرورة الاسراع باعادة فتح سفارة دولة قطر في بغداد وتفعيل اللجان المشتركة بين البلدين.

كما اجرى الرئيس معصوم مباحثات مع رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، الذي اشار إلى أنه ملزم بتنفيذ توصيات أمير دولة قطر بترميم العلاقات مع العراق وتعزيزها في جميع الميادين، مبينًا أن وزارتي الداخلية في كلا البلدين ماضيتان في التواصل والتعاون المتبادل من أجل تجفيف منابع الإرهاب بكل أشكاله.&

وفي اواخر العام الماضي، أسفرت مباحثات أجراها في الدوحة رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري مع مسؤولين قطريين عن الاتفاق على فتح السفارة القطرية في بغداد التي ظلت مغلقة لسنوات عدة شهدت فيها العلاقات الثنائية توترات واتهامات عراقية لقطر بدعم الإرهاب في العراق.

ودشنت زيارتا معصوم والجبوري الى الدوحة رحلة علاقات جديدة بين البلدين تطوي صفحة التوتر السابقة وارساء دعائم تعاون سياسي وأمني، وخاصة في مواجهة الإرهاب والتعاون في مجال الاستثمار النفطي.&

ودشنت مباحثات معصوم والجبوري في الدوحة مرحلة علاقات جديدة بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي في ايلول (سبتمبر) الماضي، بعد أن ظلت علاقات البلدين تشهد ازمات مستمرة بسبب اتهامات مسؤولين عراقيين ونواب وكتل سياسية لقطر بدعم الإرهاب في العراق.

وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي اتهم العام الماضي قطر والسعودية بدعم المقاتلين الذين يواجهون سلطاته في عدد من المحافظات العراقية، وقال إن هاتين الدولتين الخليجيتين تقدّمان الأموال لتجنيد مقاتلين في الفلوجة.

وقال المالكي إنه يتهم الدولتين "بالتحفيز لهذه المنظمات الإرهابية.. بدعمها سياسياً وإعلامياً.. بدعمها السخي مالياً.. بشراء الأسلحة لحساب هذه المنظمات الإرهابية وبالحرب المعلَنة من قبلهم على النظام السياسي في العراق وإيوائهم لزعماء الإرهاب والقاعدة والطائفيين والتكفيريين .. هذا هو دعم غير محدود"، بحسب تعبيره.

وزعم المالكي أن "أزمة العراق الطائفية والإرهابية والأمنية مسؤولة عنها هاتان الدولتان بالدرجة الاولى". وأضاف: "يهاجمون العراق عبر سوريا وبشكل مباشر بل هم أعلنوا الحرب على العراق كما أعلنوها على سوريا، ومع الأسف الخلفيات طائفية وسياسية في الوقت نفسه".&