التقى الزعيمان المسيحيان الابرز في لبنان ميشال عون وسمير جعجع الثلاثاء بعد قطيعة استمرت سنوات، حيث بحثا الشغور في موقع الرئاسة الذي يتنافسان عليه.


بيروت: اللقاء الثنائي بين السياسييْن اللبنانيْن ميشال عون وسمير جعجع الثلاثاء، يعتبر الاول بينهما بهذه الجدية منذ نحو 27 عاما. وقد التقيا في مرات نادرة خلال السنوات الماضية في مناسبات اجتماعية وجلسات سياسية عامة. والخصومة بينهما عميقة جدا، تخللتها حرب مدمرة بين فريقيهما أوقعت الاف القتلى وخلفت احقادا وانقسامات لا تزال بارزة بشدة بين المسيحيين في لبنان.

وزار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مساء اليوم زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون في منزله في الرابية شرق بيروت وأدرجت شخصية مواكبة للزيارة اللقاء بانه "في اطار طي صفحة الماضي".

وتلا مستشار جعجع ملحم رياشي "اعلان نوايا" بعد اللقاء أكد "انتخاب رئيس قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة البيئات الاخرى".

وكل من جعجع وعون مرشح للرئاسة. وجعجع مدعوم من "قوى 14 آذار" ومن ابرز اركانها الزعيم السني سعد الحريري، بينما عون مدعوم من حزب الله وحلفائه. ولم يتمكن مجلس النواب على مدى سنة من انتخاب رئيس بسبب عمق الخلافات بين الفريقين.

وتقاطع معظم مكونات قوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه) جلسات الانتخاب، مطالبة بتوافق مسبق على اسم الرئيس. في المقابل، تدعو قوى 14 آذار الى تأمين نصاب الجلسات وانتخاب المرشح الذي يحظى بالعدد الاكبر من الاصوات.

وتقدم عون اخيرا بمبادرة طرح فيها اربعة مخارج للازمة الرئاسية ابرزها اجراء استفتاء شعبي لاختيار الرئيس بين الزعماء المسيحيين الاقوى، ما يحصر المنافسة عمليا بينه وبين جعجع. الا ان خبراء قانونيين اعتبروا ان طرحه "غير دستوري"، لان النظام في لبنان برلماني ينص على انتخاب الرئيس من مجلس النواب.

وصرح جعجع للصحافيين بعد الاجتماع بانه "لا يمانع" اجراء الاستفتاء "تحت سقف الدستور"، مشيرا الى ان فريق عون "يفكر بآلية" دستورية لتطبيق المبادرة.

ويثير اللقاء بين جعجع وعون ارتياحا بالغا في الاوساط المسيحية، اذ ان الخلاف بينهما يقسم المجتمع المسيحي بشكل عام، وحتى العائلات.

ووصف عون اللقاء بانه "هدية للمسيحيين"، مؤكدا التصميم "على العمل سويا لتطبيق اعلان النوايا".

وقالت الشخصية التي واكبت الزيارة رافضة كشف اسمها "ان اعلان النوايا صفحة جديدة بين التيار الوطني الحر (الذي يرأسه عون) والقوات اللبنانية. انها انطلاقة جديدة للواقع المسيحي في خضم ما يحدث في المنطقة".

ويعاني لبنان ذو التركيبة الطائفية والسياسية الهشة من تداعيات النزاع في سوريا المجاورة التي تنعكس تعقيدات في الازمة السياسية وتوترات امنية متنقلة.

وياتي اعلان النوايا نتيجة حوار استمر اشهرا بين رياشي والنائب ابراهيم كنعان من كتلة عون.

ونص الاعلان ايضا على "تعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش وتعزيز القوى الامنية الشرعية (...) وضبط الاوضاع على الحدود بين لبنان وسوريا".

وقال المصدر ان "الاتفاق الاساسي يكمن في التنافس سياسيا على النقاط الخلافية لا الاقتتال، والتركيز على نقاط سياسية متفق عليها بين الطرفين مثل ضرورة اقرار قانون الانتخابات النيابية واللامركزية الادارية".

ووقعت معارك دامية بين القوات اللبنانية والجيش اللبناني بقيادة عون يوم كان الاخير رئيسا لحكومة انتقالية في 1989، كانت مدخلا لانهاء الحرب الاهلية على حساب تراجع دور المسيحيين على الساحة السياسية.