تثير سلسلة حوادث فردية في المغرب مخاوف لدى حقوقيين بأن التضييق على الحريات الشخصية بات أمرًا شائعًا، مشيرين إلى ما يسمى الاحتكام إلى "عدالة الشارع".

الرباط: يرى حقوقيون أن هناك تضييقًا مستمرًا على الحريات الفردية في المغرب، بعد سلسلة حوادث اعتدى فيها أناس عاديون على آخرين وتدخلوا في حرياتهم الفردية.
&
&وحاصر مواطنون مغاربة أول من أمس الاثنين، مثليًا جنسيًا داخل سيارة أجرة في مدينة فاس، قبل أن يوسعوه ضرباً، بينما حاول آخرون قتله، لكن تدخل قوات الشرطة حال دون ذلك.
&
وتأتي هذه الواقعة في وقت ما زالت قضية فتاتين بإنزكان في ضواحي مدينة أكادير المغربية تتفاعل ، بسبب الاعتداء الذي تعرضتا له بداعي ارتدائهما تنورة قصيرة.
&
جرس إنذار
&
النقاش حول الحريات الفردية يزداد سخونة في المغرب، بسبب توالي أحداث اعتبرت في نظر حقوقيين بمثابة "ردة في مجال الحريات الفردية".
&
&وبالإضافة إلى الحادثتين السابقتين،&اعترض ملتحٍ بلباس أفغاني سبيل فتاة في طنجة شمال المغرب، مطالبًا إياها بالالتزام باللباس المحتشم.
&
عدالة الشارع
&
أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر، في تصريح لـ "إيلاف"، أن ما يحدث شيء بالغ الخطورة، مشيرًا إلى أنه أصبح هناك احتكام لما يمكن تسميته بـ "عدالة الشارع".
&
وقال الهايج إن ما وقع في فاس "ليس حادثة معزولة، بل تنتظم في سياق ردة وهجوم على الحريات الفردية ببلادنا، وهذا في الحقيقة شيء بالغ الخطورة".
&
&وأضاف"لقد أصبح البعض ينصبون أنفسهم حراسًا للقيم ودعاة للدين، ويعتدون على المواطنين ويتهمونهم بما يحبون ويختارون، ويعرضون حياتهم وأمنهم للخطر"، مشيراً إلى أن "هذا فيه تجاوز للقانون وللتشريعات المعمول بها، وللجهات الموكول إليها إنفاذ القانون".
&
وتابع "هذا النوع من التصرفات لا يجعل المغرب بمنأى عن ما يجري في المنطقة المحيطة بنا. وبالتالي، فهذا السلوك بمثابة جرس إنذار يقرع لتنبيهنا إلى أن ما نشاهده من مآسٍ وأفعال إجرامية بربرية تقع في بلدان الجوار، له بذوره وله أسبابه التي يمكن أن تدفع بالوجود في بلادنا، إن لم نتدارك الأمر ونجعل حداً لمثل هذه السلوكات والتصرفات".
&
أمور معزولة
&
ما حذر منه الهايج واعتبره مؤشرًا خطيرًا على "ردة حقوقية"، صنفه كريم التاج، عضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية (أحد الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم في المغرب)، في خانة "أمور معزولة" لا يمكن أن تنال من التجربة المتفردة للمملكة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
&
وقال القيادي التاج في تصريح لـ "إيلاف"، "ما حدث في انزكان وفاس وغيرهما لا يستحق إلا الإدانة والرفض المطلق، لكن يجب التنبيه كذلك إلى أنه لا يجب التهويل. فهذه أمور معزولة والمغرب آمن ومطمأن حتى في ما يخص ممارسة الحريات الفردية والجماعية، على الرغم من النقائص والاختلالات والصعوبات".
&
وأضاف "لا يجب على الناس أن تنسى أننا نتوفر اليوم على دستور جديد، بمضامين متقدمة، وأن المغرب قطع أشواطًا متميزة في مسار الديمقراطية وحقوق الإنسان وممارسة الحريات الفردية والجماعية، وبالتالي، فإن هذه التجربة المتفردة لا يمكن أن تنال منها مثل هذه الأحداث التي تبقى معزولة، ولكن في الوقت نفسه تتطلب معالجة حازمة وجدية من خلال إعمال القانون".
&
الحرية هي الأصل
&
وأكد أن "القانون دائمًا يجب أن يؤول على أساس أن الحرية هي الأصل"، مشيرًا إلى أن "متابعة فتاتين في انزكان، كانتا طلبتا الحماية بعد تعرضهما للتحرش والتهجم، أمر غير مفهوم".
&
وأضاف القيادي السياسي "رغم احترامي لاستقلال القضاء، لكن يبقى هذا الأمر غير مفهوم. فالأمر هنا لا يتعلق في هذه الحالة باستقلال القضاء.هذا نقاش مغلوط. ومن المفروض على النيابة العامة أن تمكن من المحافظة على ما تحقق من تقدم ديمقراطي وحقوقي في البلاد".
&
&وتابع "لا يمكن أن تسمح للناس أن يطبقوا القانون بأيديهم. فهذه دولة فيها مؤسسات وقانون ويجب أن يتم إعمال القانون والمساطر داخل ما هو منصوص عليه".
&
فتح تحقيق
&
يشار إلى أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في فاس قررت، أمس الثلاثاء، فتح بحث بشأن ذلك الاعتداء الذي تعرض له المثلي.
&
وجاء في بلاغ لوكيل الملك (النائب العام) لدى المحكمة ذاتها أنه "على إثر تعرض أحد المواطنين فجر اليوم لاعتداء بالعنف من طرف مجموعة من الأشخاص في الشارع العام، أمرت النيابة العامة بفتح بحث في الموضوع من أجل ضبط كل من ثبت تورطه في القضية وتقديمه للعدالة وترتيب الآثار القانونية على ذلك".
&
وأكد البلاغ أنه سيجري التعامل بالصرامة اللازمة مع كل من يتجاوز سلطة القانون وصلاحيات الدولة، التي يبقى لها وحدها حق إيقاع العقاب على المخالفين للقانون.
&