رغم محاولات النظام السوري وحزب الله الحثيثة لتسجيل أي انتصار ينقذ ماء الوجه على الأقل، يستمر الثوار السوريون في الصمود، ويبادرون إلى الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وتحقيق المزيد من المكاسب على الأرض.

بيروت: ثابرت وكالة سانا السورية الرسمية وتلفزيون حزب الله على بث تقارير تفيد بأن عناصر النظام والحزب دخلوا الزبداني في اليوم الثاني من هجوم واسع شنوه لاستعادة ما خسروه في المنطقة الاستراتيجية الواقعة على طريق دمشق - بيروت، وعلى إيراد صور ومقاطع مصورة قديمة للمنطقة.

فشل ميداني ذريع

إلا أن تقارير نفت مزاعم النظام وحزبه دخولهما الأحد إلى الزبداني، ناقلةً عن مصادر في المعارضة السورية تأكيدها حصول محاولات اقتحام حثيثة من جهة الجبل الغربي للمدينة، عند حواجز قلعة الزهراء ومنطقة الجمعيات، باءت جميعها بالفشل بفضل تصدي الثوار لها.

وأكدت هذه التقارير أن الاشتباكات مستمرة بمزيد من العنف على محاور المدينة، خصوصًا من الجهة الغربية والشمالية الشرقية، وأن قتلى حزب الله ما زالوا في أرض الميدان، إلى جانب آليات عسكرية مدمرة، وأن قوات النظام تحاول تكرارًا اقتحام المدينة من أربعة محاور، تحت غطاء كثيف من القصف الجوي، من دون جدوى.

وأتى الرد على هذا الفشل الميداني عنيفًا، إذ أكدت تنسيقية "ثورة الزبداني وما حولها"، استهداف المدينة منذ صباح السبت بأكثر من 94 برميلًا متفجرًا، و16 غارة صاروخية ومئات القذائف.

وألقى الطيران المروحي 22 برميلًا متفجرًا منذ صباح الأحد، وشن الطيران الحربي عشرات الغارات، إضافة إلى استهداف المدينة بصواريخ أرض أرض، تعاونت على إطلاقها مرابض النظام في الداخل السوري، ومرابض الحزب في الأراضي اللبنانية.

مثلث برمودا النظام

والعجز السدي ليس مقتصرًا على الزبداني، بل ينسحب أيضًا على مدينة داريا في غوطة دمشق الشرقية. فرغم مرور أكثر من ألف يوم على المواجهات بين قوات النظام وبين فصائل المسلحة، ورغم استهدافها بمئات البراميل المتفجرة التي تسببت بدمار 80% من بنيتها التحتية ونزوح 90% من سكانها البالغين 300 ألف نسمة، فإن داريا صامدة لا تنكسر.

ودفع صمود هذه المدينة أمام هجمات شنتها نخبة قوات النظام، مستخدمة أعتى الأسلحة، الثوار إلى تسميتها "المدينة الأسطورية"، فيما أطلق عليها مؤيدو النظام أسماء عدة، منها "الثقب الأسود" و"مثلث برمودا".

ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن حسام الأحمد، مدير المكتب الإعلامي لداريا، أنه تم تكبيد النظام أكثر من 5 آلاف قتيل وعشرات الأسرى بينهم ضباط خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرًا إلى أن النظام اعترف بمقتل 5 من قواد الحملات العسكرية.

أضاف الأحمد: "خسائر النظام بالعتاد وصلت إلى 60 دبابة مدمرة و67 دبابة معطوبة، المدينة أصبحت حقل تجارب للدبابات الروسية المطورة، كما اغتنمت فصائل المعارضة في داريا عددًا كبيرًا من قطع السلاح الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، أبرزها دبابة تي - 72 المعدّلة وعربة مصفحة".

وكانت قوات النظام اقتحمت داريا صيف 2012، وارتكبت فيها مجزرة راح ضحيتها نحو 800 مدني، بحسب جهات حقوقية متصلة بالمعارضة السورية.

حتى تحرير كامل حلب

إلى ذلك، نقل موقع "السورية نت" المعارض عن أبو البشر معارة، القائد العسكري لحركة نور الدين زنكي، أحد الفصائل المشاركة في غرفة عمليات "فتح حلب"، قوله إن الثوار أحكموا السيطرة على مركز الدراسات والبحوث العلمية العسكرية في حلب، وهو المركز الذي حوله النظام إلى ثكنة، "وجعله نقطة تجمع لأكثر من 200 جندي وعدد من الآليات الثقيلة، وهو مؤلف من عدة أبنية تحيط بها أرض زراعية مسورّة، ويعد كل مبنى مقرًا لتطوير وإنتاج القطع العسكرية والتعديل على الأسلحة والآلات العسكرية".

أضاف معارة: "أهمية السيطرة على هذه الثكنة تكمن بأنها خط دفاع أول عن حي حلب الجديدة والأحياء الغربية لحلب الواقعة تحت سيطرة النظام، وكانت لفترة مكانًا لتجمع ميليشيات أبو الفضل العباس الشيعية العراقية التي كانت تسيطر على حي الراشدين في المدينة".

وبحسب معارة، تمكن الثوار في معركة السيطرة على هذا المركز من تدمير مدفع 57 ملم وجرافة ورشاش من عيار 23 ملم ورشاش من عيار 14.5 مم وباص محمل بالشبيحة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن ثلاثين عنصرًا من عناصر النظام.

وقال: "مقاتلو المعارضة الآن على أطراف حلب الجديدة، ومنطقة مناشر منيان، وقرية منيان التي تُعتبر مفتاح مدينة حلب من الجهة الغربية ومنطقة منيان الملاصقة لأكاديمية الأسد، فبعد السيطرة على حلب الجديدة يصبح مقاتلو المعارضة في حي الفرقان ومنطقة جامعة حلب في وسط المدنية، ويكونون بذلك قد سيطروا على أهم نقطة استراتيجية، كون مقاتلو المعارضة من الطرف المقابل يسيطرون على حي بستان القصر وحي الزبدية ونقاط من سيف الدولة والإذاعة، والفاصل بين الطرفين هو منطقة الفرقان والحرم الجامعي والمردين فقط، والثوار مصرون على استمرار الأعمال العسكرية من دون توقف حتى السيطرة على مدينة حلب بالكامل".

ويأتي هذا التقدم بعد إعلان فصائل المعارضة الخميس الماضي بدء تحرير محافظة حلب بالكامل ضمن غرفتي عمليات "فتح حلب" و"أنصار الشريعة"، اللتين يشارك فيهما عدد من الكتائب الإسلامية إلى جانب فصائل الجيش الحر.