استضافت وزارة الدفاع البريطانية ثاني إفطار لها، أكد المشاركون فيه أن لا تضارب بين الهوية الاسلامية والخدمة في الجيش البريطاني، كما أكد وزير الدفاع الانسجام التام بين الجالية المسلمة والقوات المسلحة البريطانية.
إيلاف - متابعة: من غير المعتاد سماع صدى الأذان عاليًا في أرجاء المباني الحكومية البريطانية، ناهيك عن أداء صلاة المغرب وتناول وجبة الإفطار برفقة كبار القوات المسلحة في مبنى وزارة الدفاع. لكن وزارة الدفاع البريطانية استضافت مساء الثلاثاء ثاني إفطار من نوعه بالتنسيق مع "المنتدى المسلم للقوات المسلحة البريطانية"، لإحياء الذكرى العاشرة لتفجيرات لندن والذكرى العشرين لمجزرة سربرنيتشا، بحسب تقرير نشرته "الشرق الأوسط".
إنسجام
وقد قال إيرل هاو، وزير الدولة للدفاع ونائب زعيم مجلس اللوردات، خلال حفل الإفطار في وزارة الدفاع: "ترياق أعمال العنف والإرهاب المروعة التي شهدناها أخيرًا في تونس، وفي لندن قبل عشر سنوات، والوحشية التي عصفت بسربرنيتشا في البوسنة والهرسك من عشرين سنة، لا يأتي إلا بالوحدة الاجتماعية والاندماج. فمن السهل فقدان الأمل عند التوقف عند عواقب هذه الأعمال العنيفة، لكنّ هؤلاء المجرمين هم أقلية لا تمثلنا ولا تمثل مجتمعاتنا".
وشدد وزير الدولة البريطاني على ضرورة تحويل الحقد إلى محبة وألفة، من خلال المبادرات الاجتماعية الداعية إلى التلاحم والاندماج، مشيدًا بشجاعة الموظفين التونسيين بفندق "إمبريال مرحبا" في سوسة، الذين غامروا بحياتهم لإنقاذ حياة سياح من غير المسلمين.
وشدد هاو على إنه لا صحة لمن يقول إنه من غير الممكن لمسلم أن ينضم للقوات المسلحة البريطانية، "فالقوات المسلحة والجاليات المسلمة في بريطانيا منسجمة"، مشيرًا إلى التحاق بريطانيين مسلمين بصفوف الجيش منذ سنوات، وتواصل الجيش مع مختلف مكونات المجتمع من خلال برنامج حكومي خاص، والعمل الإنساني الذي تقوم به القوات المسلحة البريطانية لمساعدة بلدان مسلمة وغير مسلمة كإرسال قوات وجنود احتياط إلى سيراليون ذات الأغلبية المسلمة لمواجهة فيروس إيبولا القاتل.
لا تضارب
ونقلت "الشرق الأوسط" عن مصدر عسكري تأكيده أن القوات المسلحة البريطانية تهدف إلى مضاعفة جهودها للتواصل مع مختلف فئات المجتمع، خصوصًا الأقليات المسلمة، لتغيير الصورة السلبية النمطية التي ترافقها.
وقال النقيب نفيد محمد، رئيس رابطة المسلمين في القوات المسلحة البريطانية، لـ"الشرق الأوسط": "المؤسسة العسكرية تستجيب للقرارات السياسية التي توافق عليها الحكومة، فقد ترسل قواتنا تارة في عملية حفظ سلام، وتارة أخرى للقتال في منطقة حرب، لكني أؤكد أن لا تضارب بين هويتي المسلمة ومهامي ضمن القوات المسلحة، وقد انضممت إلى الجيش منذ 28 سنة، وشهدت تغييرًا كبيرًا خلال هذه الفترة، جله إيجابي".
وفي ما يتعلق بجهود الجيش لتشجيع انضمام المواطنين المسلمين وتعزيز الاتصال بالدول المسلمة، نظم الجيش البريطاني رحلة عمرة لوفد من جنوده المسلمين بدعوة من إدارة الشؤون الدينية للقوات المسلحة السعودية في حزيران (يونيو) الماضي في أول رحلة من نوعها، كان هدفها تعزيز العلاقات بين الجيش البريطاني والقوات المسلحة السعودية. وجاءت الرحلة في إطار مشاركة الجيش البريطاني السابقة في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم للعسكريين في السعودية.
أول عمرة
وأكّدت متحدثة باسم وزارة الدفاع البريطانية لـ"الشرق الأوسط" أن الزيارة كانت أول عمرة منظمة من الجنود البريطانيين المشاركين في الوفد، وجاءت تلبية لدعوة من طرف إدارة الشؤون الدينية للقوات المسلحة السعودية.
وقال الإمام آسيم حافظ، أول إمام مسلم في القوات المسلحة البريطانية ورئيس الوفد: "من المهم أن يعرف الناس أن الدين يلعب دورًا رئيسًا في حياة العسكريين، والدين لا يقسّم الناس ولا يخلق الفوضى، بل يقرّب بين الناس ويعزّز السلام والعيش في وئام مع الآخرين، وهذه الزيارة مثال ممتاز على ذلك".
وقالت الرقيب وزيهة لاهير، المرأة الوحيدة التي كانت من ضمن المعتمرين: "هذه العمرة واجب روحي، لكنها أيضا أتاحت الفرصة للتواصل العسكري مع الجيش في السعودية. كان أمرًا مهمًا بالنسبة إليّ كامرأة أن يضمّني الوفد، لكي أسلّط الضوء على أن المرأة المسلمة جزء هام من الجيش البريطاني. فكانت رحلة ناجحة من جميع النواحي، وجدانيًا وروحيًا ومهنيًا".
التعليقات