قال الرئيس العراقي إن التاريخ سيحفظ للراحل الامير السعودي سعود الفيصل ما قدمه من أدوار حيوية في تاريخ المنطقة، بينما أشار نائبه النجيفي إلى أن الامة العربية والاسلامية فقدت بوفاة الفيصل شخصية ذات تاريخ حافل بالانجازات وتركت علامات مضيئة في العمل السياسي.. فيما شرح العبادي لحكومة الانبار المحلية الاستعدادات الجارية لتحرير المحافظة، مؤكدًا الحرص على حماية المدنيين فيها وعودة النازحين اليها بعد طرد تنظيم داعش منها.

لندن: قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم الجمعة في رسالة تعزية الى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز برحيل الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق أمس، "إذ نتقاسم وإياكم المشاعر بهذه المناسبة الأليمة، فإننا نعبّرعن ثقتنا بأن التاريخ سيحفظ لسمو الأمير سعود الفيصل ما قدمه خلال حياته ومسؤولياته من أدوار حيوية في تاريخ المملكة وعموم المنطقة".

واضاف معصوم: "نعزيكم يا جلالة الملك ومن خلالكم العائلة الكريمة وشعب المملكة العربية السعودية بهذه الخسارة، ونتضرع إلى الله جلّت قدرته أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه ويجعل مثواه الجنة وأن يحفظكم بعنايته تعالى ويمنّ عليكم بالصبر والسلوان".

ومن جهته، قال نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي اليوم في رسالة تعزية برحيل الفيصل إن "المملكة العربية السعودية والامة العربية الاسلامية فقدت شخصية ذات دور تاريخي حافل بالانجازات هو سمو الامير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة السابق".

واضاف قائلاً في الرسالة، التي اطلعت "إيلاف" على نصها، "أن مسيرة الفقيد الكبير تشهد علامات مضيئة وذات تأثير كبير في العمل السياسي على الصعيد العربي والإسلامي والدولي وهو دور يستند الى ثوابت الموقف العروبي الأصيل الذي طبع مواقف المملكة العربية السعودية وترجمه المغفور له الامير سعود الفيصل عبر دور فعال ومؤثر تشهد له ساحات العمل السياسي الدولي، اذ كانت الحكمة والمبادئ والقدرة على الوصول الى الحلول في خضم الأزمات صفات طبعت رؤيته للعلاقات الدولية ".

وأشار النجيفي الى انه "في الوقت الذي تلقى نبأ وفاة سمو الامير سعود الفيصل بكثير من الحزن والاسى، فإنه يؤكد ان الدور الذي رسمه الامير مستمر بجهود اخوانه والمؤمنين بمسيرته الحافلة".&

يذكر أن الراحل الفيصل كان قد اكد خلال الاشهر الاخيرة في اكثر من مناسبة حرص بلاده على تطوير علاقاتها مع العراق، حيث عملت وزارته على اكمال الاستعدادات لافتتاح سفارتها في بغداد بعد غياب استمر حوالي ربع قرن منذ أن احتلت قوات النظام العراقي السابق الكويت مطلع عام 1990 وتهديدها لامن دول الخليج وفي مقدمتها السعودية.

وخلال لقاءات مشتركة بين وزيري خارجية العراق ابراهيم الجعفري ونظيره السعودي الامير سعود الفيصل مطلع العام الحالي تم الاتفاق على اعادة افتتاح السفارة& السعودية في العراق قامت اثرها الرياض بارسال وفد يمثل وزارة خارجيتها الى بغداد، حيث بحث مع المسؤولين العراقيين تحديد مكان السفارة وكيفية توفير الحماية لها اضافة الى التنسيق مع وزارة الخارجية العراقية لوضع الترتيبات اللازمة لاختيار وتجهيز المباني المناسبة للسفارة في العاصمة العراقية وللقنصلية السعودية في اربيل عاصمة اقليم كردستان تمهيداً لمباشرتهما العمل في العراق في أقرب فرصة ممكنة.

وبدأت السعودية تحركات حذرة نحو المصالحة مع العراق بعد تعيين حيدر العبادي رئيسًا جديدًا لحكومته في أيلول (سبتمبر) الماضي. ويعدّ طراد عبد الله الحسين الحارثي آخر سفير سعودي مقيم لدى العراق جرى تعيينه في عام 1983 وظل في منصبه حتى الغزو العراقي للكويت في عام 1990 حين قطعت السعودية علاقاتها مع العراق وفي عام 2012 عيّنت المملكة فهد بن عبد المحسن الزيد سفيراً غير مقيم لها لدى العراق وتسلم أوراق اعتماده الرئيس العراقي السابق جلال طالباني.&

وكان العبادي دعا مؤخراً إلى تطوير العلاقات بين العراق والسعودية& للتعجيل بهزيمة تنظيم "داعش"، فيما أعلن الامير الراحل سعود الفيصل حينها انه سيزور العراق قريباً معربًا عن سعادته بالإنجازات التي تتحقق الآن في العراق.

وعاشت العلاقات العراقية السعودية حالة من الفتور والتأزم منذ تولي رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي رئاسة الوزراء في عام& 2006 إذ اتهمت السعودية في أكثر من مناسبة الحكومة العراقية ورئيسها بممارسة نهج طائفي في السلطة، فيما ظل المالكي وبعض القيادات الشيعية المنتمية للتحالف الوطني تتهم الرياض بالوقوف وراء أعمال العنف في العراق.. فيما اتجهت تلك العلاقات نحو الانفراج بعد وصول العبادي إلى السلطة& الذي أكد في أكثر من مناسبة على سعيه لإعادة جسور التواصل مرة أخرى مع جميع دول العالم لاسيما المجاورة، حيث زار وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري السعودية قبل زيارة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اليها مطلع العام الحالي.

العبادي يبحث وحكومة الانبار استعدادات تحرير المحافظة

شرح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لحكومة الانبار المحلية الاستعدادات الجارية لتحرير المحافظة، مؤكدًا الحرص على مسك الارض فيها بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش وحماية المدنيين فيها وعودة النازحين اليها.

وبحث العبادي مع وفد من اعضاء حكومة الانبار المحلية برئاسة المحافظ صهيب الراوي خلال اجتماع في بغداد الليلة الماضية، "الاستعدادات لتحرير المحافظة من دنس عصابات داعش الارهابية وحماية المواطنين واعادة العوائل النازحة ومشاركة اهالي المحافظة في تحرير مناطقهم اضافة الى مسك الارض بعد تحريرها"، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف".

واشار العبادي الى أن العراق "يواجه تحدياً حقيقياً متمثلاً بارهاب عصابات داعش الارهابية التي لا تلتزم بأية امور اخلاقية او انسانية ونحن في حربنا نركز على جانبين الاول تحرير المناطق والثاني حماية المدنيين". وقال "اننا بصدد القيام بعمليات تحرير الرمادي وليس الفلوجة فقط والبعض للاسف يخدم العدو اعلاميًا ويكسر معنويات المواطنين وان المرحلة الاولى للعمليات حققت اهدافها ونسعى لاكمال بقية المراحل وعازمون على تحقيق النصر".&&

وشدد العبادي على أن "حماية المواطنين امر اساسي في حربنا لكن بعض الدعايات تؤدي الى سفك الدماء البريئة، ونحن نقدم شهداء وجرحى من اجل تحرير الرمادي". واكد على ضرورة ان يكون التطويع للمقاتلين على الارض والابتعاد عن المجاملات وغيرها من الامور، مشيرًا الى اهمية ان يكون المسؤول للجميع وليس للحزب او المذهب او الطائفة من اجل انصاف المواطنين".

وعقب ذلك بحث العبادي مع بريت مكورك مساعد وزير الخارجية الاميركية العمليات العسكرية والتقدم الحاصل ضد تنظيم داعش وتدريب وتسليح القوات المسلحة العراقية واعادة النازحين والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلد ومستجدات الاوضاع السياسية والامنية في العراق والمنطقة. وثمن مكورك جهود الحكومة العراقية لاعادة النازحين في محافظة صلاح الدين وبقية المدن واعادة اعمار المناطق المحررة واستمرار الدعم الدولي للحكومة العراقية والقوات الامنية في مواجهة داعش.

وجاء اجتماع العبادي مع حكومة الانبار المحلية في وقت اكدت تقارير عسكرية اكمال القوات العراقية حصارها حول قضاء الفلوجة من جميع الاتجاهات. وتعمل القوات العراقية حالياً على تحرير المناطق القريبة من محيط الفلوجة وأبرزها ناحيتا الصقلاوية والكرمة تمهيداً لاقتحام الفلوجة وطرد تنظيم داعش الذي يسيطر على المدينة منذ عام ونصف العام.

وتقوم القوات العراقية منذ ايام بتكثيف تواجدها في المنافذ المتاخمة للفلوجة لتضييق الخناق على عناصر داعش، الذين يحاولون الهروب من المدينة بالعشرات. وقد اوقفت القوات المشتركة امس القتال في مناطق الصقلاوية ليومين بانتظار وصول تعزيزات عسكرية كافية من اجل اقتحامها، حيث كانت قوات الجيش مسنودة بالحشد الشعبي وابناء العشائر قد سيطرت على مركز الناحية والمناطق المحيطة بها لغاية الجسر الياباني مع استمرار معارك التحرير في المنطقة".

ويحتل تنظيم داعش قضاء الفلوجة الذي يبعد 60 كيلومترًا غرب العاصمة بغداد وهو كبرى مدن محافظة الانبار بعد مركزها الرمادي منذ مطلع العام الماضي 2014 وقد حولها الى ولاية تابعة الى دولته الاسلامية، فيما تجري القوات العراقية استعدادات لانتزاع السيطرة عليها من قبضة التنظيم.

ويخوض العراق حاليًا حربًا شرسة ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" منذ سيطرته على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 وتمد سيطرته الى مناطق شاسعة من محافظات ديالى (شرق) وكركوك (شمال) والانبار (غرب) وصلاح الدين (شمال غرب)، ما ادى الى نزوح اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون عراقي وتدمير البنى التحتية في المناطق التي يحتلها.