رغم التوصل إلى اتفاق مع الجهات الدائنة في منطقة اليورو، وتوقع ضخ آلية الاستقرار الأوروبية 35 مليار يورو في الاقتصاد اليوناني، فإن الحكومة اليونانية فضلت تمديد فترة إغلاق المصارف، إلى موعد يعلن عنه في حينه.

إيلاف - متابعة: قررت الحكومة اليونانية الاثنين تمديد اغلاق المصارف لفترة يعلن عنها لاحقًا، بحسب ما قاله مصدر في وزارة المالية، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف المصدر نفسه: "بعد الاجتماع بين نائب وزير المالية ديميتريس مارداس ومدراء المصارف اليونانية الرئيسة، ورغم التوصل الى اتفاق مع الدائنين في بروكسل، قررت الحكومة الاستمرار في الحفاظ على ضوابط رأس المال واغلاق المصارف المقفلة في البلاد منذ 29 حزيران (يونيو) الماضي".

لن تخرج

وكان أعلن كل من رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس منطقة اليورو يورن دايسلبلوم، عن التوصل إلى اتفاق من أجل مساعدة اليونان على سداد ديونها والعودة إلى النمو الاقتصادي، وبالتالي إبقاءها في منطقة اليورو.

وفي مؤتمر صحافي عقده المسؤولون الثلاثة في بروكسل الاثنين، وصف يونكر الاتفاق بـ"المتوازن"، مشيرًا إلى أنه يحقق مصالح الجميع ويؤمن استمرار اليونان داخل منطقة اليورو ويحفظ ماء وجه باقي الأطراف. وقال يونكر مؤكدًا: "لن تخرج اليونان من منطقة اليورو، وتضمن الاتفاق مقترح المفوضية بضرورة ضخ 35 مليار يورو في الاقتصاد اليوناني لمساعدة الناس والسماح بالعودة إلى النمو وخلق فرص العمل".

تمويل سريع

أما توسك فأكد أن الاتفاق ينص على فتح باب التفاوض على برنامج جديد لمساعدة اليونان، ضمن إطار آلية الاستقرار الأوروبية. وقال: "هناك شروط حازمة للبدء بهذا الأمر، أولها موافقة برلمانات الدول المعنية، وقيام البرلمان اليوناني بالتصويت على إقتراحات تشريعية لتأخذ الاصلاحات الموعودة من قبل ساسة البلاد طابعًا قانونيًا".

أضاف توسك: "الاتفاق سيجنب أثينا الآثار الضارة للانهيار الاقتصادي، وثمة آلية تمويل سريعة سيتم تفعيلها ومناقشتها من قبل وزراء مالية دول العملة الأوروبية الموحدة".

أما دايسلبلوم فكان أكثر تقنية، إذ تحدث عن صندوق ضمان سداد الديون. قال: "مقر هذا الصندوق في أثينا، وفيه خمسين مليار يورو يمكن إيجادها بفعل خصخصة الموجودات والأسهم اليونانية التي سيجري تقييمها من قبل الخبراء، وسوف تسمح بخفض مستوى الدين واعادة رسملة المصارف اليونانية".

لا إذلال

وشدد رئيس مجموعة دول اليورو، على أن الاتفاق نص على أن يتم تخصيص 25مليار يورو من هذا الصندوق لاعادة رسملة المصارف اليونانية، "أما المبالغ المتبقية فهي 50% لخفض مستوى الدين، و50% المتبقية سيتم استثمارها من قبل السلطات اليونانية، وآمل أن تستطيع المؤسسات إعادة التفاوض مع اليونان على المبالغ الضرورية للمساعدة، ووزراء مالية مجموعة اليورو والخبراء سيضعون اللمسات الأخيرة على التفاصيل التقنية خلال الأسابيع القادمة"، على ما ذكرت وكالة آكي الإيطالية للأنباء.

ونفى المسؤولون الثلاثة أن تكون دول اليورو وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي عمدوا إلى إذلال اليونان، مقللين من إمكان انهيار الحكومة اليونانية بسبب هذا الاتفاق الذي تضمن إجراءات رفضها اليونانيون في استفتاء 5 تموز (يوليو) الجاري.

وكانت أوساط غير رسمية وبرلمانية وصفت ما حصل أخيرًا بمحاولة إذلال اليونان ولي ذراعها لصالح الدائنين، على حساب المبادئ الديمقراطية لأوروبا.

ألمانيا لا تقودنا

قال رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي: "الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن اليونان أظهر أن الاتحاد الأوروبي لا يسير تحت قيادة ألمانيا"، متناولًا وزن برلين في المفاوضات مع أثينا.

ففي تصريحات بعد القمة الإستثنائية لزعماء دول وحكومات منطقة اليورو، التي اختتمت مساء الأحد في بروكسل، قال رينزي: "هذه الليلة حدث عكس المتوقع تمامًا، فكان هناك نقاش حقيقي، تصاعدت حدته في بعض الأحيان، والألمان لا يريدون تغيير الحكومة اليونانية، فهذا خيال سياسي بحت".

ورأى رينزي أن استفتاء 5 تموز (يوليو) في اليونان كان خطأً، إذ قوض الثقة بين الشركاء، وكان ينبغي إختيار التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي تم بمساهمة كل دول منطقة اليورو. وأكد رينزي أن إيطاليا تجنبت خطر العدوى من أزمة اليونان، "بفضل مسيرة الإصلاحات التي سلكناها، وهذه مسيرة غير عادية"، كما قال.

الصندوق مذلة لليونان

وأكد رينزي أن عدم انقسام القمة الأوروبية بشأن اليونان يمثل حقيقة مهمة وكبيرة، "وعلى الرغم من أن ما يزال هناك الكثير مما يجب عمله، فإن الاتفاق ارتبط باليونان، بحاضرها ومستقبلها، والمعنى العميق للاتحاد الأوروبي"، كما قال.

وقال رينزي إن خروج اليونان من منطقة اليورو بدا وشيكًا خلال المفاوضات، "وكنت أراهن على فشل المفاوضات في لحظتين معينتين، لكن تم الإقدام على خطوة حاسمة إلى الأمام، وتوقفنا بضعة سنتيمترات قبل الإصطدام".

ورأى رينزي أن إنشاء صندوق ضمان تسديد الديون اليونانية في لوكسمبورغ، تحت إدارة المفوضية الأوروبية، كان سيبدو إهانة لليونان، "وكنت مصممًا على القول إن كنا نريد وضع صندوق لأصول يونانية، فلا يمكن التفكير بوضعه تحت الوصاية في لوكسمبورغ، فهذه مذلّة بالنسبة إلي، وكنت أول من تدخل بلهجة قاسية بعض الشيء"، على حد تعبيره.