قدم أليكسيس تسيبراس للبرلمان الأوروبي مقترحات جديدة فيها التزام بالاصلاح، لكن المهلة تنتهي الأحد للتوصل إلى اتفاق مع الدائنين، وإلا بحث جدي في الـ "غريكزيت".

بيروت: فيما أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن سيناريو خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون مطروحًا على طاولة الاجتماعات الأوروبية، وستتم دراسته في حال لم يتم تقديم مقترحات جديدة وجادة من أثينا لخطط إصلاحية، وقف رئيس الحكومة اليوناني أليكسيس تسيبراس أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء مؤكدًا رفض الخضوع للتدابير التقشفية التي لم تفعل شيئًا إلا المزيد من الخراب في اقتصاد بلاده، رافعًا رأسه زهوًا باستقبال بعض النواب له بالتصفيق، ورفع لافتات "لا" باليونانية تعبيرًا عن تضامنهم مع موقف الشعب في الاستفتاء الأخير، في حين لجأ بعض آخر إلى الاستهجان.

مبادئ التأسيس

وقدم تسيبراس مقترحًا جديدًا إلى صندوق الإنقاذ الأوروبي، وقال إنه سيتقدم في غضون أيام قليلة بالمقترحات المطلوبة حول خطط الإصلاح، ملمحًا إلى أنه يتحمل المسؤولية كاملة عما حدث خلال الأشهر الخمسة الماضية، ومشددًا على أن بلاده مستعدة لمواصلة الإصلاحات من أجل التوصل إلى اتفاق مع الدائنين والبقاء في منطقة اليورو.

وأكد تسيبراس أنّ الشعب اليوناني لم يرفض أوروبا ومنطقة اليورو عندما قال "لا" في الاستفتاء الأخير، "وإنما رفض السياسة التقشفية التي تفرض عليه من طرف الجهات الدائنة، وكان هذا خيارًا شجاعًا من قبله، وليس قرارًا بفسخ المفاوضات مع أوروبا، وما حدث يمثل العودة إلى المبادئ التأسيسية للوحدة الأوروبية، مبادئ الديمقراطية والتضامن، والعودة إلى الاحترام المتبادل والعودة إلى المساواة". وأكد نيته تطوير المؤسسات ومحاربة الفساد والتهرب الضريبي الذي تشهده اليونان.

طلب يوناني

وبحسب "الشرق الأوسط"، قال مصدر بمنطقة اليورو إن اليونان قدم طلبًا رسميًا الأربعاء للحصول على قرض مدته ثلاث سنوات من "آلية الاستقرار الأوروبية"، لكنه لم يحدد حجم التمويل المطلوب. وأضاف المصدر الذي اطلع على الوثيقة: "من السابق لأوانه التكهن بحجم القرض الذي ستحتاج إليه أثينا من شركائها بمنطقة اليورو، لأن ذلك سيتوقف على التقييم الذي ستجريه المؤسسات الدائنة لتوقعاتها الاقتصادية الآخذة بالتدهور وماليتها العامة".

أما رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، الذي تحدث خلال الجلسة نفسها، فأكد على أن المهلة النهائية هي هذا الأسبوع، تنتهي الأحد، للتوصل إلى اتفاق، "ونحن في سباق مع الزمن من أجل إعادة الثقة"، كما قال.

وبالرغم من خطاب تسيبراس، نسبت "الشرق الأوسط" إلى رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي قولها: "حضر اليونانيون إلى القمة ولا يحملون شيئًا جديدًا"، في حين اكتفى جوزيف موسكات، رئيس وزراء مالطا، في رده على سؤال لـ"الشرق الأوسط" حول توقعاته ببقاء منطقة اليورو 19 دولة بالقول: "نتمنى ذلك".

نريد فعلًا

وفي تفاعل مع خطاب تسيبراس، قالت وكالة آكي الإيطالية للأنباء إن غي فيرهوفشتات، رئيس مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي في بلجيكا، أكد ضرورة أن تتحمل اليونان مسؤولياتها، وطالب تسيبراس، الذي يستند إلى دعم شعبي قوي، بالتوقف عن الحديث عن الإصلاحات، والمبادرة إلى تنفيذها.

وتساءل البرلماني الأوروبي عما فعله تيسبراس منذ انتخابه بداية العام الحالي من أجل تعديلات تشريعية تحتاجها بلاده لتحديث أنظمتها الضريبية والإدارية. وقال مخاطبًا رئيس الوزراء اليوناني: "لماذا لم تقم حكومتكم بفرض ضرائب على من يستطيع الدفع، كمالكي السفن الأثرياء والكنيسة الأرثوذكسية؟".

وذهب فيرهوفشتات إلى حد اتهام تسيبراس بالاستفادة من نظام المحسوبيات القائم في بلاده، واعطاء محفزات مالية وامتيازات لأشخاص ينتمون إلى حزبه ولموالين له. كما وجه فيرهوفشتات تحذيرًا لرئيس الوزراء اليوناني بضرورة عدم التلاعب بمصائر اليونانيين، "فهناك غالبية عظمى منهم تريد البقاء في أوروبا وفي منطقة اليورو".

انقسام أوروبي

ولم تكن اتهامات فيرهوفشتات الوحيدة التي تلقاها تسيبراس الأربعاء في ستراسبورغ، مقر انعقاد جلسات البرلمان الأوروبي لهذا الأسبوع، إذ عبر العديد من النواب عن تشكيكهم بنوايا رئيس الوزراء اليوناني ومدى مصداقية وعمق تمسكه بالبقاء في منطقة اليورو.

بالمقابل، ظهر تيار آخر في البرلمان، بدا أقل حدة مع تسيبراس، عبر عن ضرورة إظهار التضامن مع اليونان والعمل من أجل الحفاظ على وحدة الصف الأوروبي. وأشار مناصرو هذا التيار إلى عدم جواز اعتبار اليونان مصدر خطر حقيقي على أوروبا، "إذ يكمن الخطر الحقيقي في اليمين المتطرف المتواجد في كافة البلدان الأوروبية"، بحسب قناعتهم.

ولام ماتّيو سالفيني، الأمين الفدرالي العام لحزب رابطة الشمال اليميني الإيطالي، في خطابه أمس مام البرلمان الأوروبي، لام تسيبراس على عدم الإستمرار حتى النهاية في طريقه للخروج من هذا القفص المسمى منطقة اليورو.

إلى ذلك، يشير متابعو الملف اليوناني إلى أن تسيبراس نجح في وضع نفسه في مركز الاهتمام الأوروبي، وساهم في الكشف عن عمق الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي ونقلها من الغرف المغلقة إلى العلن.