طهران: غلب المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي الذي كان حذره من الولايات المتحدة في بعض الاحيان سببا لابطاء المفاوضات النووية، مصلحة بلاده على كراهيته لاميركا.
واثار خامنئي لفترة طويلة الشكوك برغبته في التوصل الى اتفاق يجري التفاوض حول شق كبير منه مع واشنطن العدو التاريخي للجمهورية الاسلامية التي اسسها في 1979 سلفه الامام روح الله الخميني.
وقد اكد السبت بينما كان المفاوضون في فيينا يبذلون جهودا شاقة للتوصل الى اتفاق ابرم الثلاثاء في نهاية المطاف ان "الولايات المتحدة هي النموذج الامثل للغطرسة واعدوا انفسكم لمزيد من الكفاح ضد الغطرسة".
&
ولم يكف الجناح المتشدد في النظام الايراني الذي يردد شعار "الموت لاميركا" في كل تظاهرة، عن ادانة التنازلات الكبيرة جدا كما يرى، التي قدمت للغربيين. لكن بالنسبة للايرانيين، سيسمح اتفاق فيينا بانهاء عقد من ازمة دبلوماسية وعقوبات دولية اثرت بقسوة على الاقتصاد.
وقال المحلل السياسي القريب من السلطة امير محبيان ان "المهم ليس حذر المرشد حيال الولايات المتحدة او دول اخرى بل ارادته في تسوية المشكلة". واضاف ان "المرشد برهن انه يقود البلاد بعقلانية وبراغماتية"، مشددا على شرعية الرجل الاول في ايران الذي يشغل هذا المنصب منذ 26 عاما.
من جهته، قال رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني انه بتأكيده خلال المفاوضات وجود "خطوط حمر"، قام خامنئي "بالاشراف على المفاوضات بشكل وثيق ليس لانه يعارضها بل بسبب ازدواجية الولايات المتحدة".
ويذكر قرار آية الله خامنئي قبول اتفاق حول النووي بقرار الامام الخميني الذي وافق بتحفظ على انهاء حرب استمرت ثماني سنوات ضد العراق في تموز/يوليو 1988. وقد رأى حينذاك ان القرار 598 للامم المتحدة الذي ينص على وقف اطلاق النار "اسوأ من السم" لكن الاقتصاد الايراني ازدهر في السنوات التي تلت وتأمل ايران في ان يتكرر هذا الامر.
وقال داود هرميداس باوند المحلل السياسي في جامعة طهران ان هذا الاتفاق لا يمثل خضوعا للقوى الكبرى بل بالعكس يعزز سلطة المرشد الاعلى. واضاف ان صعوبة القبول باتفاق مع الولايات المتحدة التي توصف "بالشيطان الاكبر" لا يهم، اذ ان لب البرنامج النووي تمت حمايته بينما كان اي فشل سيؤدي الى عواقب خطيرة لايران.
وتابع ان "العقوبات الاقتصادية كان لها تأثير على السكان اكبر مما هي على النظام. الايرانيون يشعرون انهم شاركوا في المفاوضات والسلطة اعترفت بذلك".
وكشف اطلاق المفاوضات مجددا حول الملف النووي الايراني مع مجموعة الدول الست (الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا) في ايلول/سبتمبر 2013 بعد توقفها سنوات، رغبة طهران في انهاء وضعها كدولة مارقة.
ويدعو الرئيس المعتدل حسن روحاني منذ انتخابه في حزيران/يونيو 2013 الى "تبادل بناء مع العالم" يتعارض مع سياسة سلفه محمود احمدي نجاد الذي اتسمت ولايتاه الرئاسيتان بمواجهة مع الغرب.
وشكل وزير الخارجية محمد جواد ظريف رمزا لهذا التغيير. وفي تسجيل فيديو اكد في الثالث من تموز/يوليو ان اتفاقا يمكن ان يؤدي الى تعاون في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.
لكن في نهاية المطاف، المرشد الاعلى للثورة هو الذي جعل هذا الاتفاق ممكنا بقبوله منذ 2012 اجراء محادثات سرية مع مبعوثين اميركيين على الرغم من تحفظه حيال الولايات المتحدة التي لا تقيم ايران معها علاقات دبلوماسية منذ 1980.
وقال سيافوش رانجبار دائمي الخبير في شؤون ايران في جامعة مانشستر في انكلترا ان تجربة الحرب ضد العراق كان لها تأثير كبير ايضا. وفي الواقع الشخصيات هي نفسها التي كانت في 1988 -- كان آية الله خامنئي رئيسا وروحاني مكلفا الدفاع الجوي وظريف يفاوض حول قرار الامم المتحدة --& والحاجة الى وقف الانزلاق هي نفسها.
&واكد ارنجبار دائمي ان "هذا الاتفاق ليس قرارا اتخذ بفرح بل لانه الاكثر فاعلية وان تطلب مفاوضات مباشرة مع اميركا". واضاف ان "ايران قدمت تنازلات لكنها حصلت على امور مقابل ذلك مثل الاعتراف ببرنامجها النووي وانهاء العقوبات الاقتصادية ودور دولي وموقع اقل عزلة بكثير".
التعليقات