منذ النجاح الذي حققه صلاح الدين دمرتاش الملقب بـ"أوباما الأكراد" في الانتخابات التشريعية التركية أخيرًا، بات الهدف المفضل للسلطات التركية المحافظة التي تستغل علاقته المثيرة للجدل مع حزب العمال الكردستاني.
إيلاف - متابعة: أصبح دمرتاش زعيم حزب الشعب الديموقراطي في الثانية والأربعين من عمره المعارض الأول للرئيس السلطوي رجب طيب إردوغان لا يتردد في استفزازه علنًا ومباشرة متسائلًا مثلًا عن صحته العقلية.
دمرتاش الحائز شهادة في الحقوق خطيب مفوه يحظى بتغطية إعلامية واسعة مقارنة بزعماء آخرين في المعارضة أقل جاذبية منه. أما إردوغان فوصفه بازدراء بأنه "كافر" و"نجم بوب".
التحريض تهمة
وفتح بحق دمرتاش تحقيق قضائي بتهمة "الإخلال بالنظام العام" و"التحريض على العنف". وتعود الوقائع إلى تشرين الأول/أكتوبر 2014، لكن التحقيق أطلق الخميس في إطار الهجوم الذي تشنه السلطات التركية على متمردي حزب العمال الكردستاني.
ويتهم دمرتاش بأنه شجّع التظاهرات المؤيدة لأكراد سوريا أثناء قتالهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وقتل 35 شخصًا على الأقل في خريف 2014 في مواجهات مع الشرطة خلال هذه التظاهرات.
ورد زعيم حزب الشعب الديموقراطي عبر التوقيع على شكوى قدمها حزبه ضد الرئيس إردوغان بتهمة "الضغط على القضاء". بنى دمرتاش مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما صورة رجل الأسرة المثالي الذي يعيش حياة بسيطة مع زوجته المدرسة وابنتيه بعيدًا عن حياة البذخ التي يعيشها إردوغان.
يقول دمرتاش إن إردوغان لا يكل عن السعي إلى "معاقبة" حزبه بعد النتائج غير المتوقعة التي حققها في الانتخابات التشريعية في السابع من حزيران/يونيو. وبحصوله على 13 % من الأصوات و80 نائبًا، فإن تقدمه الكبير يبرر تراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي حرم للمرة الأولى من غالبيته المطلقة منذ العام 2002.
ثأر ضمني
وهي ضربة لم يتعاف منها بعد إردوغان، وتبرر وحدها الاستراتيجية الحالية للنظام و"حربه على الإرهاب"، التي أعلن شنها في آن واحد على حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية.
وأكد دمرتاش الخميس لوكالة فرانس برس أن "هذه الحرب لا ترمي إلى حماية بلادنا، بل لحماية القصر"، متهمًا الرئيس التركي بشنّ غارات محدودة على التنظيم المتطرف "لذر الرماد في عيون الغرب". واعتبر أن إردوغان لا يسعى سوى إلى "زعزعة استقرار" البلاد لاستقطاب تأييد جماهيري للحزب الحاكم في حال تنظيم انتخابات مبكرة.
ولا تزال تركيا تسعى إلى تشكيل حكومة، ويقوم حزب العدالة والتنمية بتصريف الأعمال بانتظار التوصل إلى اتفاق لإيجاد تحالف حكومي. لكن المباحثات التي أطلقت مع حزب الشعب الجمهوري تتعثر، وتراهن الصحافة على انتخابات جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر. ودمرتاش المعترف به كالعدو رقم واحد، يبقى رغم كل شيء في موقف دفاعي بشأن حزب العمال الكردستاني المصنف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ميزان غير راجح
وأبدى تحفظًا في إدانة الهجمات الأخيرة للمتمردين الأكراد، مؤكدًا أنه من المستحيل وضع حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية في كفة واحدة، كما تفعل أنقرة. كما يتعرّض لانتقادات بانتظام لانضمام شقيقه نور الدين إلى قيادة التمرد في الجبال في شمال العراق. ويؤكد الزعيم الكردي أن أخبار شقيقه انقطعت منذ سنوات، وأن حزب الشعب الديموقراطي "ليس الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني" كما تتهمه السلطات التركية.
والجمعة وجّهت صحيفة حرييت، التي تعتبر معتدلة، "رسالة مفتوحة" إلى دمرتاش، طلبت فيها منه رفع أي لبس في هذا الخصوص. وكتبت الصحيفة "عزيزي دمرتاش لتكن أول من لديه الشجاعة في اتخاذ الخطوة الأولى. توجّه نحو الجبال واصرخ. قل لهم :+لا يمكنكم الدفاع عن حقوقي من خلال سفك الدماء+ (...) طالما لم تظهر التصميم نفسه مع أولئك الموجودين في الجبال، كما مع إردوغان، فإن نجمك آفل".
&
التعليقات