يلتقي معارضون سوريون خلال الأسبوع الحالي في موسكو لإجراء محادثات تبدو فرص نجاحها ضئيلة، وسط سعي روسيا إلى استطلاع إمكانية تشكيل ائتلاف جديد ضد الجهاديين يضم نظام الرئيس بشار الأسد.


إيلاف - متابعة: يواجه المسعى الروسي الهادف إلى إعادة الرئيس السوري إلى الساحة الدولية تحديات عدة، في ظل العداء الذي تكنّه قوى المعارضة للأسد، ومقاطعته من الدول الغربية والدول العربية النافذة.

خارج المعادلات
وصدر الرفض الأول الثلاثاء على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي أبدى اعتراضه بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف على تشكيل ائتلاف جديد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، متمسكًا بمطلب رحيل الأسد.

تواجه روسيا صعوبة أيضًا في اقناع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي يعد أبرز ممثلي المعارضة السياسية في الخارج، ومن المقرر أن يلبّي رئيسه خالد خوجة، المقرب من تركيا، دعوة إلى زيارة موسكو الخميس.

ويقول نائب رئيس الائتلاف هشام مروة لوكالة فرانس برس "لا يمكن مكافحة الإرهاب في سوريا إلا من خلال هيئة حكم انتقالي توحّد السوريين"، مضيفًا "لا يمكن للأسد أو أي من المجرمين أن يلعبوا دورًا في المرحلة الانتقالية أو في مستقبل العملية السياسية في سوريا". ومن المقرر كذلك أن تزور موسكو شخصيات عدة من تجمع مؤتمر القاهرة الذي يضم معارضين سوريين في الداخل والخارج.

ويقول المعارض السوري البارز هيثم مناع، وهو أحد مؤسسي هذا التجمع، لوكالة فرانس برس، "الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية يمر عبر تغيير سياسي في سوريا يوحّد كل القوى السورية". يضيف "نريد إقناع لافروف الجمعة بضرورة دعم المقاربة العملية التي اقترحها (المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان) دي ميستورا، بمعنى التقدم بشكل متواز في معالجة مسائل عدة (أمنية وانسانية) في إطار عملية يمكن أن تؤدي إلى مؤتمر سلام جديد يسمى جنيف 3".

إخفاق أممي
وفشلت جولتا مفاوضات سابقتان بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف بوساطة من الأمم المتحدة في 2012 و2014. واقترح دي ميستورا في نهاية تموز/يوليو دعوة ممثلي النظام والمعارضة إلى محادثات تتطرق بشكل مواز إلى أربعة ملفات أساسية هي "الأمن للجميع (عبر وضع حد للحصارات وتقديم المساعدات الطبية والإفراج عن المعتقلين) والمسائل السياسية (بينها الانتخابات وحكومة انتقالية محتملة) والطابع العسكري (مكافحة الإرهاب واحتمال وقف إطلاق النار) وإعادة إعمار البلاد".

وترى دمشق أنه لا بد من تشكيل حكومة انتقالية تضم النظام وقوى المعارضة تحت سلطة الأسد، وتنظيم انتخابات تشريعية في الخريف، ومن ثم تعديل الدستور لتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية. ويوضح مصدر سياسي سوري لوكالة فرانس برس أن "هذه العملية قد تستغرق سنوات عدة، وبأي حال طيلة ولاية الاسد الرئاسية التي تنتهي من حيث المبدأ عام 2021".

تعقيدات الأكراد
ومن المقرر أن يستقبل لافروف أيضًا صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا، بعدما ساهم إعلان الأكراد إدارة ذاتية موقتة في شمال سوريا في جعل الصراع أكثر تعقيدًا وفي إثارة مخاوف تركيا، التي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي على طول حدودها مع سوريا.

ويرى الخبير في الشأن السوري توما بييريه أن لا فرص نجاح للمبادرة الروسية. ويقول لوكالة فرانس برس "ليس لدى المعارضة أي سبب يدفعها للانخراط في عملية إعادة تأهيل النظام هذه. لا تملك روسيا شيئًا لتقدمه، فهي تتمسك بالموقف عينه منذ 2011: بقاء الأسد في السلطة". ويضيف أن مساعي روسيا "ستلاقي بالتأكيد دعم الأسد وإيران مقابل رفض المعارضة ورعاتها الإقليميين". لكن موسكو على الرغم من ذلك تبقى متفائلة مع اعترافها بتعقيدات هذه العملية.

وتقول المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا لوكالة فرانس برس "لا نرى أي خطة بديلة (...) تحديدًا لدى الغربيين بإمكانها أن تنجح، واقتراحاتنا حول نزع السلاح الكيميائي في سوريا نجحت. لاقت موافقة النظام في دمشق، وكذلك واشنطن (في 2013) وخففت من حدة التوتر". وحول فرص نجاح هذه المبادرة، تجيب "لسنا هنا في معرض تقديم توقعات. كل ما نقوم به نفعله بناء على تواصل مع شركائنا في الخارج".
&