محمود العوضي من دبي: كثيرة هي المبادرات الفردية والجماعية وكذلك المؤسسية التي انطلقت لتكريم "شهداء" الإمارات، الذين ضحوا بدمائهم لنصرة الحق وإعادة الشرعية لليمن، ودفاعاً عن أمن ومصالح الخليج الإستراتيجية، ولكن مبادرات الجمعيات الخيرية، ومن بينها "خيرية الشارقة" أثارت جدلاً في الشارع الإماراتي، خاصة أنها تتضمن بناء مدرسة نموذجية في الهند تحمل أسماء شهداء الإمارات، ووحفر آبار مياه خارج الدولة لاستخراج المياه العذبة، وبناء عدد من المساجد خارج الدولة بمعدل مسجد عن كل "شهيد".
&
المناطق النائية "أولى"

وتفاعلاً مع هذه المبادرة أبدى أبناء الإمارات دهشتهم من جدوى تكريم "شهيد" الوطن بعيداً عن ترابه، فالمناطق النائية في الإمارات لازالت في حاجة إلى المزيد من المدارس والمستشفيات وغيرها من المشروعات الخدمية والخيرية والإقتصادية، صحيح أن حكومة الإمارات لا تدخر جهداً لتنمية كافة ربوع الوطن، والآن يجب أن يبدأ دور المؤسسات الخيرية لاستكمال المهمة، والتعاون مع الدولة،& فتوجيه أموال الجمعيات الخيرية إلى الداخل يظل مطلباً له ما يبرره يتوافق مع رؤى الشارع الإماراتي، كما أن تكريم شهداء الوطن فوق ترابه وبين وربوعه سيكون أكثر تأثيراً ونفعاً مادياً ومعنوياً.
&
والاعتقاد السائد في الوقت الحالي أن المؤسسات الخيرية لازالت تعيش أجواء الإستعراض، بعيداً عن عمق العمل الخيري المجتمعي الذي يصب في مصلحة المواطن& والوطن، فضلاً عن عزفها الدائم على وتر الغيبيات، فلازال بناء مسجد أكثر أهمية لهذه الجمعيات بصورة تفوق بناء مستشفى أو مدرسة لمناطق في أشد الحاجة إلى الخدمات الصحية والتعليمية.
&
الهند قوة اقتصادية

ما أثار دهشة الشارع الإماراتي أن الهند وفقاً لتقارير موثقة تنشرها مرجعيات عالمية مثل الإيكونوميست أصبحت واحدة من القوى الإقتصادية الكبرى في العالم حالياً، أي أنها ليست في حاجة إلى مبادرات خيرية تأتيها من الدول العربية، فضلاً عن أن رجال الأعمال الأثرياء الذين ينتمون إلى الجنسية الهندية ويعملون في الإمارات يقومون بتشييد مشروعات تعليمية تهدف إلى الربح، مما يجعل مبادرة "خيرية الشارقة" ببناء مدارس في الهند بأموال إماراتية تم جمعها لتكريم "شهداء" الوطن أمرا يدعو للدهشة.
&
مقترحات لا حصر لها

لم يعجز أبناء الإمارات عن التقدم بالكثير من المقترحات الجيدة والبناءة لتكريم شهداء الوطن، بعيداً عن ركوب الموجة من بعض جهات العمل الخيري، والتي نشطت بقوة في هذا الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن، وتمكنت من ركوب موجة التعاطف الشعبي مع قضية الشهداء.

من بين المقترحات البناءة أن يتم تخصيص ميزانيات وأموال لأبناء "الشهداء" في شكل منح دراسية في الجامعات العالمية، والاحتفاظ بهذه الأموال لمن لم يصل منهم بعد إلى مرحلة التعليم الجامعي، وقد استطلعت "إيلاف" آراء عينة من أبناء الإمارات، وخاصة في إماراتي أبو ظبي ودبي، فكان هناك ما يشبه الإجماع على توجيه الأموال التي تم الحصول عليها، أو تلك التي سيتم جمعها مستقبلاً للعمل الإجتماعي والخيري والتنموي الداخلي، ومن بين المقترحات إنشاء مكتبة إلكترونية ذكية، وبناء مدارس ، فضلاً عن ضم مبادرات حفر الآبار التي تقوم بها الجمعيات الخيرية الإماراتية في الخارج إلى مبادرة "سقيا" التي يرعاها حاكم دبي.
&
الخارج لماذا ؟

ما يثير الدهشة أيضاً أن بعض الفقراء يتجهون للجمعيات الخيرية طلباً للمساعدة، ولكن يقال لهم أنهم لا يتطابقون مع المواصفات، في الوقت الذي يتم توجيه أموال تلك الجمعيات للخارج، كما أن مساهمة تلك الجمعيات مع الدولة في بناء مدراس للأيتام يظل مطلباً عادلاً، فضلاً عن ضرورة الدخول بقوة في رعاية كبار السن والمعاقين، وهي جميعاً أعمال مجتمعية وخيرية داخلية لازالت في حاجة إلى أموال مؤسساتنا التي تعمل في مجال العمل الخيري.
&
الدولة تستجيب

ما يميز دولة الإمارات أن الحكومة لا تتردد في الاستماع إلى نبض الشارع، خاصة أن قضية "الشهداء" شهدت تلاحماً لافتاً بين الشعب والقيادة، ومن ثم صدرت القرارات بجعل المبادرات الخيرية، وكل ما يتعلق بتكريم ا"لشهداء" موجهاً إلى جهة واحدة، من أجل المزيد من التنسيق، فالدولة في مثل هذه الحالات تظل أكثر معرفة بكيفية توجيه هذه الأموال، وبآليات تكريم شهداء الوطن.

وكان توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالاهتمام بشؤون الشهداء، وإنشاء كيان لم يتبع ديوان ولي العهد، لكي يتم التوحيد وجمع المبادرات التي تخص "الشهداء"، وتم الإعلان عن بريد الكتروني لتلقي تلك المقترحات وهو : [email protected]